العراق: حرائق تلتهم ملفات الفساد والمتهم "التماس الكهربائي"

26 ابريل 2016
حريق في وزارة الداخلية العام الماضي (فيسبوك)
+ الخط -
تتكرر الحرائق في الوزارات والدوائر العراقية وفي أقسام بعينها، غالباً ما يتم السيطرة عليها مخلفة أكواماً من رماد أوراق غاية في الأهمية، والمتهم الرئيسي فيها هو التماس الكهربائي.

وذكرت مصادر سياسية وأمنية عراقية في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن حوادث الحرائق في أقسام محددة من وزارات ومؤسسات الدولة ارتفعت مؤخراً، وتعاد أسبابها غالباً للتماس الكهربائي أو الحرارة وقدم المباني، دون إجراء تحقيق متخصص.

في حين أن تقارير صدرت عن هيئة النزاهة أكدت أن أفعال الحريق تأتي للتغطية على جرائم فساد مالي وتلاعب بالأسعار قبيل مغادرة وزير أو مدير مسؤول لمنصبه.

وتبين المصادر ذاتها أن جهات تستفيد من الحرائق، ولها المصلحة في حرق الوثائق والأدلة التي تدينها في قضايا الفساد المالي والإداري في الوزارات. إلا أنّ ما يثير الشكوك اندلاع الحرائق في مكاتب يتعلق عملها بعقود شراء ومشاريع في كل الوزارات.

أبو شاكر الكرخي موظف في إحدى الوزارات التي طاولتها حرائق "التماس كهربائي"، رافضاً الكشف عن الوزارة التي يعمل فيها، أو عن اسمه الحقيقي، قال لـ"العربي الجديد" متحسراً على ملفات احترقت أمام عينيه تعود لأكثر من ثلاثة عقود: "منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 والوزارات العراقية تعيش حالة من الفوضى وعدم التنظيم، لم يعد هناك انضباط ولا أرشفة لملفات مهمة وحيوية، بل يُستهان بتلك الملفات فتضيع أو يجري إخفاؤها أو حرقها وتلك جريمة أبشع بكثير من جرائم القتل، لأن تلك الملفات في أقسام حيوية مثل قسم العقود والوثائق في وزارات النفط والداخلية والدفاع والصحة".

ويجزم الكرخي أن كل الحرائق كانت بفعل فاعل، وتؤثر نتائجها سلباً على مستقبل العراق اقتصاديا وتاريخياً.

المحامية أزهار حسن تعتقد أن "مؤامرة كبيرة يقف خلفها مدراء وشخصيات عامة وسياسية لإخفاء ملفات الفساد، وتمكّنت بالفعل عبر الحرائق من تغييب عقود وملفات خطيرة"، مشبهة تلك الجهات بـ"المافيات" لا يستطيع أحد الوقوف في وجهها، وأتلفت أرشيفات مهمة تخص هذه الحقبة والعقود المنصرمة.

وبيّنت حسن لـ"العربي الجديد"، أن غالبية تلك الحرائق شبت في دوائر ووزارات مهمة وفي محاكم ومصارف وأسواق كبيرة كانت مفتعلة، وتحدث بعد تداول أنباء تكشف عن ملفات فساد أو صفقات وعقود غير قانونية، وهذا ما يضع علامات الاستفهام حول الحريق الذي يعتبر أنجع طريقة لمحو آثار أي جريمة.

من جهته، قال الإعلامي العراقي عمر محمد لـ"العربي الجديد": "غالبية العراقيين يتساءلون عن سبب وقوع هذه الحرائق في أقسام العقود والمالية، وبصورة دورية، قبل تسليم الوزارات لوزرائها الجدد بفترة وجيزة، حتى إن الحريق الأخير في قسم العقود في وزارة المالية حصل بعد الفضيحة التي كشفت عن تورط وزارة النفط وشخصيات خارج الوزارة".

ويتابع "من وجهة نظر فنية ولكي تكتمل خيوط الجريمة بخصوص هذا الملف، فالموضوع كالتالي: فاسدون يهيمنون على مؤسسات الدولة ووزاراتها يكشف فسادهم تحقيق استقصائي في صحيفة عالمية، فيأتي الحريق بعده".

وأضاف "مبدأ الغموض الذي يلف جميع التعاقدات، وغياب الشفافية يسير بالاقتصاد العراقي نحو نفق مظلم، ومن بين المؤسسات التي طاولتها الحرائق دائرة عقارات الدولة الذي يضم أرشيفها وثائق ملكيات بحجم العراق، يعتقد أن مافيات فساد نافذة تحركت بهذا الاتجاه للهيمنة على مقدرات البلد الاقتصادية بما فيها العقارية".

يشار إلى أن جميع الوزارات العراقية دمرت بالكامل بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، ما عدا وزارة النفط التي تمتعت بحصانة وحماية أميركية حينها، وبعد عودة الحياة تدريجيا للمؤسسات الحكومية بدأت سلسلة الحرائق، التي كانت أولها في وزارة النفط عام 2007، الذي التهم الوثائق والملفات التي تتضمن عمل الوزارة وواردات العراق النفطية.