لهذه الأسباب تندلع الحرائق في مستشفيات جازان بالسعودية

10 ديسمبر 2016
تعتبر المستشفيات أرضاً خصبة للحرائق (الدفاع المدني السعودي)
+ الخط -

مستشفيات منطقة جازان في جنوب السعودية هي الأكثر عرضة لحوادث الحرائق في السنتين الأخيرتين. ظاهرة تكرار الحوادث دفعت المسؤولين للبحث في أسبابها، التي تتقاطع جميعها تحت عنوان واحد: الإهمال.

تحاول وزارة الصحة السعودية معرفة الأسباب التي جعلت مستشفيات منطقة جازان الأكثر عرضةً لحوادث الحرائق، وهي حوادث إن لم تكن تتسبب في وفيات أحياناً إلا أنها تؤدي إلى خسائر كبيرة. وقد جاء تحرّك الوزارة بعد أن تسلّمت، ملف حريق مستشفى العارضة العام الذي اندلع قبل نحو شهر، وتسبّب في إصابة 42 مريضاً. يأتي ذلك وسط ترقّب لنتائجه التي يتوقع خبراء أن تلقي باللوم على إهمال جسيم، بعد أن استبعدت مصادر فرضية العمل الجنائي، خاصة أنه تكرّر ورود تهمة "الإهمال" في حرائق سابقة تعرضت لها مستشفيات المنطقة الواقعة في أقصى جنوب السعودية.

وما زال قسم العيادات الخارجية الذي نشب فيه الحريق خارج الخدمة حتى الآن، مع أنه عصب الحياة في المستشفى الذي تعرّض لحريقين في يوم واحد.

وقد أكد الدفاع المدني حينها أن الحريق شبّ في إحدى غرف العيادات الخارجية. وتزامناً مع الحريق، اندلع حريق آخر في غرفة اجتماعات في الدور الثاني بقسم التنويم، وعلى إثره تم إخلاء المرضى. ولم يتسبّب الحادث بأي وفيات.

تحاول وزارة الصحة الارتقاء بخدماتها، لكنها تعاني من مشكلة قدم الكثير من منشآتها، خاصة في أطراف البلاد، وضعف الاهتمام والرقابة من قبل إدارة الشؤون الصحية (التابعة لوزارة الصحة) في تلك المناطق. وما زال أهالي جازان يتذكرون الحريق الضخم الذي شب في مستشفى جازان العام الماضي، وتسبب في وفاة 24 شخصاً وأصيب فيه 123 آخرون. وهو واحد من سلسلة حوادث تعرضت لها المستشفيات هناك.

يؤكد المهتم في الشأن الصحي السعودي الدكتور فهد القميزي أن "كثرة الحوادث في منطقة معينة، تعني أن هناك خللاً ما، ولا بدّ من التحقيق فيه"، محملاً الإهمال مسؤولية ذلك. يقول لـ"العربي الجديد": "تعتبر المستشفيات أرضاً خصبة للحرائق، لتوفر مسببات الاشتعال، ولا بد أن تكون المباني مجهزة بنظام إطفاء عالي المستوى. ولكن للأسف معظم المستشفيات لا تملك ذلك، كما أن خطط الطوارئ والإنقاذ غير مفعلة".

يضيف القميزي أن المشكلة لا تكمن في نشوب حريق فقط، بل في طريقة التعامل معه، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع معدل الإصابات والوفيات. هذا الضعف هو ما تسبب في إصابة ثلاثة مرضى ووفاة أحدهم وهو طفل رضيع، مع إجلاء 17 مريضاً في حريق شب في مستشفى صامطة بمنطقة جازان، في الثلاثين من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.




وكشفت التحقيقات أن سبب الحريق كان تماساً كهربائياً في مروحة بمكتب أطباء الجراحة. غير أن بيان الهلال الأحمر وبيان الدفاع المدني تجاهلا وفاة طفل رضيع كان في المستشفى لحظة اندلاع الحريق، وهو ما دفع والد الطفل للمطالبة بالتحقيق في سبب تجاهل وفاة ابنه الذي ولد قبل أيام من الحادثة، خاصة أن أحداً لم يخبره بما حدث حتى وصل إلى المستشفى واكتشف وفاته. ويطالب والد الطفل بمعاقبة المتسبب في الحادثة، وبالتعويض. وما زال ضحايا مستشفى جازان العام الذي وقع في العام الماضي ينتظرون صرف تعويضاتهم، على الرغم من أن تحقيقات الدفاع المدني أثبتت أن العمل بدأ في المستشفى قبل اكتمال متطلبات السلامة. وحمّلت التحقيقات الشؤون الصحية بالمنطقة وإدارة المستشفى كامل المسؤولية، خاصة أن المبنى كان دون مخارج طوارئ.

الأمر ذاته تكرر في مستشفى فيفا العام، الذي كشفت تقارير صحافية أنه بلا مخارج طوارئ منذ ثلاثين عاماً. وبدأ العمل في تركيب هذه المخارج بعد كارثة مستشفى جازان، ولكن بعد أن هدأت الضجة توقف العمل فيه، وعاد مجدداً العمل بعد حريق مستشفى العارضة.

ودفعت كثرة الحرائق في مستشفيات المنطقة، والتي بلغت 11 حريقاً في العامين الماضيين، أمير منطقة جازان محمد بن ناصر بن عبدالعزيز، إلى تشكيل فريق عمل عاجل برئاسة مدير إدارة متابعة الخدمات بإمارة المنطقة، بالتعاون مع الجهات المعنية ذات العلاقة للوقوف على أسباب تكرار حوادث الحرائق. وأكد مدير العلاقات العامة والإعلام بإمارة المنطقة ياسين بن أحمد القاسم، أن هذا التوجيه جاء بعد تكرار حوادث الحريق في المنطقة، خاصة في المنشآت والمباني الصحية والمواقع التجارية والمرافق العامة.

وحرص وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة على زيارة مستشفيات المنطقة لمعرفة أسباب ما يحدث فيها، واستبقت إدارة الشؤون الصحية بالمنطقة الزيارة بدهان مستشفيات من الداخل، وخاصة مستشفى الملك فهد، وهو الأكبر في المنطقة.

من جهته، يقول طبيب الأمراض النسائية المتابع لموضوع الحرائق الدكتور موسى العسيري لـ"العربي الجديد": "كل ما فعلوه هو دهان الجدران، وكأن ذلك كافياً لإخفاء ما يحدث داخل المستشفيات من كوارث، خاصة في أنظمة السلامة التي أكدت التقارير الطبية للدفاع المدني أنها ليست كافية".

دلالات