زوج من الجوارب

17 ديسمبر 2016
اعتادت البرد (سيم جنكو/ الأناضول)
+ الخط -
أرض باردة ورطبة. من السقف، تسقط قطرات المطر. كأنّها ترحم بالأطفال فتصل إليهم على مهل، مثل ومضات. السماء تعلو السقف ولا شيء بينهما يحمي رؤوس الصغار. المناشف القليلة الموضوعة على الأرض تزيد من صقيع المكان. أرض باردة ورطبة، وبعضهم يدوسها حفاة. لا جوارب، ولا حتى ممزّقة أو رقيقة أو ضيقة. يتحسّسون الأرض بجلد أقدامهم. صغيرة هي وما زالت تكبر. لم تأخذ مكانها الكامل على الأرض بعد، لكنّها تتجمّد.

البلاط قاس وخشن وبارد، وقدماها صغيرتان رقيقتان. هذه الفتاة التي تركت قدمَيها تستعيران صقعة الأرض، لم تجرّب ارتداء كعب عال لا تملكه والدتها، ولا تعرف أنّ عليها اختيار حلم كهذا مثل فتيات أخريات في سنّها. لو أنهّا تجرّب جورباً سميكاً عليه قلوب ملوّنة. لكنّها لا تملك الجوارب. لا تثبت قدمَيها على الأرض وتقفزان مثل أرنب يهرب من صيّاده أو امرأة تستعدّ للرقص. الهواء أقلّ برودة من البلاط. هو خلاصة صقعة السماء والهواء. تسقط عليه وتمتصّها أقدام الأطفال وقدماها الصغيرتان اللّتان لم تضع على أظافر أصابعهما أيّ طلاء.

لم تجرّب الكعب العالي ولم تلوّن أظافرها. بلى. أظافرها زرقاء. تولّى البرد تلوينها من دون أن يستئذنها. كان يكفي أن تدوس الأرض حافية. لكنّها تحبّ اللون الأحمر. هو لون الدفء والحب اللذَين تحتاجهما.

اعتادت البرد. قدماها أيضاً تآلفتا مع صقعة البلاط. يمكنها أن تمسك الثلج بيدَين عاريتَين وتدوس الأرض بقدمَين عاريتَين. كأنّها تمسكها. وإذا ما غلبها الثلج، تفلته ليسقط. وإذا ما غلبتها الأرض، تقفز. ليتها تعلق أكثر في الهواء، لكنّ قدمَيها سوف تطآن الأرض مرّة أخرى، ومن دون جوارب.

كلّ شيء بارد. الأرض والسماء والهواء والجدران. هي باردة أيضاً. تعبير قد يكون خاطئاً. فقد شعرت بالبرد حتى باتت باردة، مثل أيّ شيء آخر. لا أقطان تكفي لصناعة جورب لها. لا تجدهما. أين قدماها؟ لا تشعر بوجودهما. انفصلا عنها بعدما بردتا كثيراً. وهي معتادة. لا تطلب جوارب. تريد أن تلعب كثيراً ولو بقدمَين عاريتَين. يمكنها أن تنسى حاجتها إلى الجوارب ولا تنسى حاجتها إلى اللعب.

قدماها جميلتان. ومثلهما أقدام كثيرة عارية اختلطت بالوحول. هي باردةٌ أيضاً واعتادت العيش بأقدامٍ باردة. لا تتجمّد. بها، يقفزون كثيراً. هذه لعبتهم في مساحات ضيّقة وأمكنة من دون ألعاب وجوارب.

وإذا ما حصلوا على الجوارب، قد يضعون جورباً فوق آخر ليصنعوا كرة كبيرة يلعبون فيها بأقدامهم العارية. يلعبون كثيراً إلى أن تنادي عليهم أمّهاتهم.

المساهمون