تونسيّون يطالبون بالمساواة في الميراث

10 نوفمبر 2016
خلال تظاهرة داعمة لحقوق المرأة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
المساواة في الإرث قضيّة تثار من حين إلى آخر في تونس، وتعدّ محلّ جدال بين أطراف رافضة وأخرى داعمة لإقرار قانون يساوي في الميراث بين الإناث والذكور. حتى إنّه صُنّف من بين الملفات السياسيّة التي اختلف السياسيون حولها.

منذ عهد الرئيس الحبيب بورقيبة، تُطرح القضيّة من قبل عدد من الجمعيّات والمنظّمات، من دون أن يتغيّر شيء. هذا الملف كان محلّ خلاف كبير بين الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وجمعيّة النساء الديمقراطيات. في عام 2009، أعلن وزير الشؤون الدينية في عهد بن علي، أبوبكر الأخزوري، رفض السلطات إقرار مبدأ المساواة بين الجنسين في الميراث، لأنّ في ذلك "تصادماً مع النص القرآني الذي ينصّ على أن ترث المرأة نصف ما يرثه الرجل".

وبقيت جمعيّة النساء الديمقراطيّات متمسّكة بالمساواة في الإرث. ومنذ سنوات، تطالب بتعديل هذا القانون ليتوافق مع المواثيق العالميّة لحقوق الإنسان، وتتحقّق المساواة بين الرجل والمرأة في الإرث. وتلفت إلى أنّ الملف لم يُحسم في عهدي بورقيبة وبن علي، لأسباب سياسية وانتخابية.

مؤخّراً، عاد هذا الجدال إلى الواجهة، وقد أثارته الجمعيّات أكثر من مرّة. وانتقل الجدال إلى البرلمان التونسي بعدما قدّم النائب مهدي بن غربية، في 9 مايو/أيار الماضي، مشروع قانون أمام البرلمان التونسي لتعديل قانون الإرث بهدف تحقيق المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، وطرح لجمع التواقيع وسن قانون يقر بالمساواة في الإرث. إلّا أنّ عدد النواب الذين وقّعوا عليه بلغ 27 فقط، في وقت رفضه آخرون.

ويؤكّد بن غربية أنّ المشروع يتعلّق بتحديد نظام المنابات في الميراث في حال غياب أي اتفاق صريح ومكتوب بين الورثة. ويبقي للورثة حق الموافقة على تقسيم الممتلكات الموروثة بموجب القانون الحالي (للرجل ضعف ما للمرأة). لكنّ في حال حدوث خلاف بينهم، يمكن اللجوء إلى القضاء الذي سيحكم بموجب القانون الجديد، ويصبح من حق الشقيقة المطالبة بالحصول على حصة شقيقها من الميراث مثلاً، ويفترض أن تحكم الدولة على أساس المساواة. وبحسب استطلاعات للرأي، فقد ساند 47 في المائة من المستجوبين إصدار قانون إجباري بالمساواة في الميراث، في حين ساند 84 في المائة منهم صياغة قانون اختياري يترك لصاحب التركة تقسيم الإرث بالتساوي، في مقابل 86 في المائة يساندون صياغة قانون يسمح للأشقاء باختيار اقتسام الإرث بالتساوي.

ويرى النواب المساندون للاقتراح أنّه لا يعبّر عن المساواة التامة والمطلقة في الإرث. في حال إقراره، سيكون نظاماً اختيارياً، ويسمح للورثة بالاختيار بين تقسيم تركتهم بحسب القانون الحالي (للذكر ضعف نصيب الأنثى). لكن في حال اعتراض فرد من أفراد العائلة، فإن الدولة تنصف المرأة.




بقي المقترح على ما هو عليه ولم يحظ بموافقة البرلمان. وبعد مرور ستة أشهر على المقترح، عُقد لقاء بين لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية منذ أسبوع، ووفد من جمعية النساء الديمقراطيات، في المبنى الفرعي لمجلس نواب الشعب.

في هذا السياق، تقول عضوة في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيّات، درّة محفوظ، لـ "العربي الجديد"، إنّ طلب المساواة في الإرث سيظل أحد أهم اهتمامات الجمعية، مشيرة إلى أنّ دراسات رسمية بيّنت أن مساهمة المرأة في النفقات الأسرية تبلغ 45 في المائة و42 في المائة في المصاريف الأسرية الموسمية، ما يؤكّد حق المرأة في المساواة في الإرث، طالما أنّها باتت تساهم في النفقات الأسرية.

من جهة أخرى، تشير محفوظ إلى حرمان بعض النساء من منابات الميراث في بعض الجهات الداخلية في البلاد، خصوصاً الريفية. أما رئيس الجمعية التونسية لأئمة المساجد، سالم العدّالي، فيشير إلى أنّ مثل هذه المقترحات من شأنها المسّ بالمقدسات الإسلاميّة، مضيفاً أنّ مؤيدي المشروع دائماً ما يستندون على الدستور للتأكيد على موقفهم، لكنّه موقف يتناقض مع الدستور في حدّ ذاته. ويوضح أن الفصل الأول منه ينص على أن تونس دولة حرة، الإسلام دينها، والعربيّة لغتها. كما أن الفصل السادس من الدستور يدعو الدولة إلى أن تكون راعية للشأن الديني والمقدّسات، وهذا يتنافى مع ما جاء في الدستور.

الفصل 21 من الدستور التونسي ينصّ على أن "المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز". لكن ما زال غالبية مساندي المشروع يطالبون بتغيير القوانين، خصوصاً تلك الخاصة بالميراث في مجلة الأحوال الشخصية، بهدف القضاء على التمييز بين المرأة والرجل.

المساهمون