موريتانيا: اتهام جماعة "أحباب الرسول" بالتطرف

28 نوفمبر 2016
مخاوف من التطرف (العربي الجديد)
+ الخط -
مع تجدّد المظاهرات الشعبية الموريتانية المطالبة بتثبيت الحكم السابق بإعدام شاب محكوم عليه بالردّة، ظهرت مجدداً جماعة "أحباب الرسول" لتتصدر الحراك الشعبي والديني المُطالب بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق الشاب محمد الشيخ المتهم بالإساءة للنبي محمد.

وانتشرت في الشوارع والمساجد والأماكن العامة، ملصقات "أنصار الرسول" التي تدعو لمظاهرات، يوم الجمعة، والتي أضحت تقليداً منذ أن بدأت المحكمة العليا النظر في استئناف الشاب ولد مخيطير لحكم صادر ضدّه بالإعدام بتهمة الإساءة للنبي محمد.

واتّهم بعض النشطاء جماعة أحباب الرسول بركوب موجة الحراك الشعبي الحالي لنشر خطابها المتشدد، وأخذ موقع في الساحة الموريتانية على حساب الجماعات الإسلامية التقليدية.

وفي السياق، قال محمد الأمين ولد الفاضل، إنّ هناك "جهات تدفع بزعيم الجماعة، يحظيه ولد داهي، لجعله يتصدّر الواجهة في أنشطة النصرة، ولكل من هذه الجهات أسبابها ودوافعها الخاصة، لكنها فشلت في مساعيها، وذلك على الرغم من محاولات يحظيه المتكررة للفت الانتباه إليه (ظهوره في وقفة المحكمة العليا وهو يحمل ما يشبه مسدّساً، ونصبه لمنصة خاصة به وبجماعته في المهرجان الأخير).

من جانبهم، عبر عدد من رجال الدين ونشطاء المجتمع المدني عن امتعاضهم من الزخم الذي بدأت تأخذه الجماعة، واستغلالها للحراك الحالي لنشر خطاب "التكفير"، خاصة بعد اقتحام قناة خاصة لوقف برنامج تلفزيوني كان يشارك فيه أحد المحامين المدافعين عن الشاب المتهم بالردة وتهديد زعيم الجماعة لبعض الشخصيات خلال برنامج تلفزيوني.


وكان بعض المتظاهرين، يُعتقد أنهم من أنصار جماعة أحباب الرسول، حاصروا قناة "الوطنية" الخاصة أثناء مناظرة تلفزيونية بين أحد الفقهاء ومحامي الشاب المتهم بالردة، فاضطرت القناة لوقف البرنامج المباشر خشية اقتحام المتظاهرين للمحطة قبل أن تقوم الشرطة بإجلاء المحامي وفكّ الحصار عن القناة.

فيما هدّد زعيم جماعة أنصار الرسول، وهو خريج إحدى الجامعات السعودية، في برنامج تلفزيوني بعض الشخصيات المدنية بالقتل، متّهماً إياهم بدعم الملحدين ومنهم رئيسة منظمة النساء معيلات الأسر، آمنة بنت المختار، إضافة إلى شخصيات أخرى.

وظهر ولد داهي في إحدى المظاهرات وهو يتأبط مسدسه، ما جعل بعض النشطاء يتهمونه أن لديه علاقة مع الأمن، فيما بررّ أنصاره ذلك بأنه يحمل مسدساً مرخصاً لـ"الدفاع عن النفس".

من جهتهم، هاجم المتحدثون على منصة الجماعة خلال مظاهرات، الجمعة الماضي، حزب تواصل (الإسلامي) وبعض الجمعيات المدنية، لأنهم "تخاذلوا عن نصرة النبي"، كما هاجموا بعض الفقهاء والمفكرين الذين أفتوا بسقوط عقوبة القتل عن التائب من جريمة الإساءة للنبي.

وتسود مخاوف من أن تكون الجماعة مظهراً جديداً لموجة من التطرف في موريتانيا، بعد انحساره إثر المواجهة العنيفة بين الأمن والجماعات المرتبطة بالقاعدة في المغرب الإسلامي خلال سنوات 2007-2008. وهو ما نفاه الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، خليهن ولد محمد الأمين، معتبراً أن تهديدات جماعة أحباب الرسول لبعض الشخصيات تدخل في إطار "الاستهلاك الإعلامي أكثر من كونها أمراً جاداً".

واتهم في تصريح لـ"العربي الجديد"، الجماعة بـ"استنساخ تجربة المداخلة في السعودية والجزائر، وهي استخدام عناصر دينية تابعة للأمن لضرب حركات الإسلام السياسي، وهي محاولات ما زالت في بداياتها، ويمكن إفشال تجربتها إذا أدركت التيارات الدعوية خطورتها، أما إذا استعصى إفشالها فستكون نواة للتطرف، وذلك لطبيعة خطابها غير المؤسس على حقائق الشرع الأصيلة والذي يستهدف تجييش العاطفة أكثر من تنوير العقل، بالحق الذي يراد به الباطل".

وأوضح ولد محمد الأمين، أنه على الرغم من أن موجة الإلحاد تزداد، إلا أن "موريتانيا في منأى عن التطرف، لأن الشعب الموريتاني بطبيعته يميل إلى السماحة والاعتدال أكثر من العنف، والجماعة مجرد تيار غير منظم أنشطته موسمية تتلخص في ركوب الموجات أكثر منها أنشطة منظمة ومخطط لها تهدف إلى ترسيخ قيم وقناعات، كما أن هذه الجماعات لا تمتلك قيادة فكرية أو علمية لها قيمة وبالتالي سيبقي تأثيرها محدوداً".

وخرجت جماعة "أحباب الرسول" من رحم المظاهرات الشعبية التي أعقبت اتهام الشاب محمد الشيخ ولد مخيطير بالردة بعد نشره مقالاً مسيئاً للنبي، لتختفي الجماعة بعد ذلك باستثناء بعض الظهور الإعلامي لزعيمها، يحظيه ولد داهي، أخيراً، بعد إحالة ملف ولد مخيطير إلى المحكمة العليا، والتي من المتوقع أن تصدر حكماً نهائياً خلال الأسابيع القادمة.