طرائف في محاكم المغرب

22 أكتوبر 2016
مواقف فكاهية تسجّل في الداخل (عبد الحق سنا/فرانس برس)
+ الخط -

تتحوّل أروقة المحاكم المغربية من فضاءات صارمة يطبّق فيها القانون وتقضي فيها الأحكام بالسجن والغرامة وكذلك البراءة، إلى مساحات يبتسم أحياناً فيها القضاة والمحامون، على خلفية مواقف طريفة وغريبة تقع بين الفينة والأخرى.

في إحدى محاكم الرباط، رفعت شابة مغربية دعوى قضائية ضدّ مشغلها، واتهمته بعدم منحها حقوقها كاملة بعدما طردها من عملها. سأل القاضي الفتاة عن راتبها، فأجابته من دون تردد بأنّ أجرتها تصل إلى خمسة آلاف درهم مغربي (نحو 510 دولارات أميركية). فما كان من والدها الموجود في القاعة، إلا أن غضب وصار يصرخ قبل أن يندفع صوبها. وراح يتهمها بالكذب والعقوق. وحين سأله القاضي عن سبب ذلك، أجابت الشابة بأنّها سبق أن قالت لأبيها إنّ راتبها لا يتجاوز ألفَي درهم (نحو 205 دولارات)، حتى لا يطالبها بمساعدته مادياً. وفي حين راح القضاة والمحامون يضحكون، شعرت الشابة بأنّها في ورطة لا تعلم كيفية الخروج منها. حقيقتها انكشفت أمام والدها الذي لطالما وثق في روايتها حول راتبها الشهري، الذي كانت تدعي بأنّه ضئيل حتى لا يطالبها بأيّ مساعدة. هكذا، بقيت الفتاة محرجة خلال القضية، بين نظرات القاضي وتقريع والدها.

في واقعة طريفة أخرى، يحكي شهود أنّه في إحدى قاعات محكمة في شمال البلاد في الصيف الماضي، وبسبب الحرارة العالية وضيق قاعة المحكمة واحتشاد الناس في مساحة صغيرة، وجد أحد المحامين صعوبة في متابعة ملفّ موكله. وعند جلوسه، باغتته غفوة وغرق في الشخير أمام أنظار الجميع. وعوضاً عن أن ينصت القاضي إلى مرافعة المحامي الخصم، راح يستمع إلى شخير المحامي الذين كان يعاني من البدانة وضيق في التنفس. من جهته، راح المتهم يرمق محاميه بنظرات عتاب شديد، لأنّه تركه وحده واستسلم لنوم عميق غير آبه بما قد يحل به. ولم يستفق المحامي الذي تعالى صوت شخيره على الرغم من صخب القاعة المكتظة، إلا بصراخ القاضي الذي يبدو أنّه لم يرقه مشهد المحامي ببدلته السوداء، وهو يضع رأسه على الطاولة غارقاً في نوم عميق. فصرخ به طالباً منه النهوض سريعاً، وأمر الشرطي الواقف إلى جانبه بإيقاظه بالقوة.

في البداية، كان القاضي يبدو صارماً، إلا أنّه راح يضحك بعدما استفاق المحامي المرهق من نومه. فالأخير كان يميل بين الفينة والأخرى إلى إغلاق عينَيه كأنّه يستعدّ لجولة جديدة من النوم. هذا ما دفعه إلى الطلب من القاضي بتأجيل دراسة الملف، إلا أنّ الأخير رفض معللاً بأنّ "الرغبة في النوم ليست سبباً يؤجّل قضايا المحاكم".




في حادثة طريفة أخرى، دانت إحدى المحاكم المغربيّة مشتبهاً فيه بالسجن، لأنّه تلعثم أمام القاضي عندما سأله الأخير عن سبب سرقته للركاب في الحافلة العمومية موضوع الشكوى. فالمشتبه فيه ارتبك وراح ينطق بكلام غير مفهوم بعدما انعقد لسانه. فوجدها القاضي فرصة، وحكم عليه بالسجن، إذ صنّف تلعثمه دليلاً على ثبوت التهمة في حقه.

إلى ذلك، يُحكى عن قضية رفعتها طليقة وزير مغربي سابق، تقلّد مناصب سامية عدة. اتهمته طليقته بتعنيفها ومحاولة قتلها في الشارع عن طريق صدمها بالسيارة، وطالبته بتسديد النفقة الشهرية المتراكمة عليه. أتى ذلك بعدما طلقها على خلفية رفضه الإنجاب، في حين كانت هي تلحّ عليه لكي تصبح أماً.

في سياق متصل، تتحوّل قاعات المحاكم أحياناً إلى فضاءات لحوادث عنف وتبادل الاتهامات التي قد تصل أحياناً إلى حدّ القتل. على سبيل المثال، وقعت حادثة قبل أيام قليلة في محكمة في مدينة سلا (غرب)، حين حاول متّهم الفرار من وسط قاعة المحكمة، فتصدّى له أحد رجال الشرطة. لكنّ الشاب استلّ سكيناً لم يعرف أحد كيف حصل عليه، وطعن به الشرطي في عنقه فأرداه قتيلاً.

في حادثة مشابهة، في إحدى محاكم مدينة تطوان (شمال)، أقدم متّهم بإحدى القضايا على قتل رجل أمن داخل قاعة محكمة الاستئناف، بعدما تمكّن من الحصول على قطعتَين من السلاح الأبيض في السجن قبل مثوله أمام هيئة المحكمة. وهو ما حوّل فضاء المحكمة إلى ساحة شهدت كرّاً وفرّاً وصراخاً لهول ما حدث.

أمّا في المحكمة الابتدائية في تطوان، فيحكي شهود عيان كيف أنّ محامياً فوجئ بصفعة قاسية وجّهها إليه قاض في القسم المدني في المحكمة، بسبب خلاف قانوني وقع بين الطرفَين. في التفاصيل أنّ القاضي أمره بالخروج من القاعة، إلا أنّه أصرّ على البقاء فيها مستقوياً بزملائه. حينها، لم يجد القاضي أمامه إلا صفعه ومطالبته بالخروج.

دلالات