على مقربة منك

23 مايو 2015
أخشى العيش وأخشى الموت (Getty)
+ الخط -

-"غداً موعد الطائرة. كنتُ أتمشّى حين مررتُ بمحلّ لبيع التوابيت. لا. هذه ليست صدفة بل إشارة. لن أسافر في طائرة ستسقط حتماً. لن أحتمل الموت من دون أن أكون قادرة على الإمساك بشيء. الموتُ مثل الوقوع في هاوية. والطيران مثل الصعود إليها. وأنا أخاف الفراغات. أحتاج فقط إلى سرير مسنودٍ إلى زاوية. سأنام".

- "يبتعد القارب عن الشاطئ وتختفي الحدود. ما زلتُ أرى البيوت، وإن صغر حجمها. إذا غرق القارب أستطيع الوصول إلى الشاطئ. نبتعد أكثر. هذه موجة كبيرة آتية. سيحصل التسونامي حتماً وأغرق. كيف يكون الاختناق؟ ماذا شعر جميع الذين اختنقوا قبلي؟ أكادُ أختنق. أتمسّك بالقارب جيداً وأحاول استنشاق كل هواء البحر. وصلنا إلى الشاطئ ومازلتُ على قيد الحياة. فاتني منظر الغروب".

- "أقول إنني خائفة. لكنهم لا يفهمون. يقولون لا تخافي. كيف تسيطرون على مخاوفكم؟ كيف تغلبونها؟ تتمددون بين يدي طبيب يفتح أجسادكم ويعبث فيها، أو تقبلون أن تُعلّقوا بين سماءٍ وأرض، أو تعيشون على أراض قد تختفي جراء زلزال، وتخفيكم معها. أنتظرُ كل هذه الأحداث، من بيتي أو مكان عملي أو أي مكان آخر. أعيش في انتظارها. أما هم فيعيشون فقط. الفرق كبير. لا أحب الموت، لكنني أنتظره من دون أن أكون مستعدة له. أعيش من أجله".

- "لستُ متشائمة. أحبّ الحياة لدرجةٍ أخافُ خسارتها. مع ذلك، أُدرك أنني أخسرها".

---

تعكسُ العبارات السابقة القلق النفسي والخوف الذي يدرك المريض أن لا مبرّر له. مع ذلك، لا يستطيع السيطرة عليه. هو أشبه بمرض خبيث. وغالباً ما يشعر أن لا أحد يفهمه. في هذا السياق، نشرت صحيفة "هافينغتون بوست" صوراً للمصورة كاتي كراوفورد، التي عانت من القلق في طفولتها، أرفقتها بتعليقات تشرح معاناة المريض. تقول إحداهن: "رأسي مليء بالهيليوم. تركيزي يتلاشى. إنه مجرد قرار صغير، ومجرد سؤال سهل الإجابة. دماغي لا يسمح لي بشيء. كأن آلاف الدوائر تتقاطع في في وقت واحد".

صورة أخرى تقول بطلتها: "أخشى العيش وأخشى الموت. يا لها من طريقة للعيش". أيضاً "الاكتئاب هو عندما لا يمكنك أن تشعر على الإطلاق. والقلق هو عندما تشعر كثيراً. والإثنان معاً يعنيان حرباً مستمرة في عقلك. الإثنان معاً يعنيان أنك لن تربح أبدأ".
أرادت كرافورد تقريب المسافة بين الذين يعانون القلق، والذين لا يفهمونه. توضح أن الأمر ليس شديداً دائماً، لكنه على مقربة منك.

يقولون لا شيء يستأهل الخوف. هم على حق، لكنهم لو عرفوا الخوف، لخافوا. بطلات كراوفورد متقوقعات بغالبيتهن. لا شيء يستندن إليه.

اقرأ أيضاً: تعالي نرقص
المساهمون