"ضابط حرامي" في مصر

22 مايو 2015
قضايا الفساد تنتشر بين الضباط (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

ترصدُ الجهات الأمنية في مصر مخالفات كثيرة يرتكبها عاملون في جهاز الشرطة، على غرار الحصول على رشى وتجارة المخدرات وتهريب الآثار والقتل وغيرها. ويتخوّف كثيرون من تأثير الأمر على المواطنين، الذين يضطرون في بعض الأحيان إلى الخضوع للابتزاز لتسيير معاملاتهم.
على سبيل المثال، ضبطت هذه الجهات قيام ضابط رفيع المستوى بتزوير أوراق رسمية. ويبدأ كثيرون بارتكاب مخالفات بمجرد تسلّمهم مناصبهم في مقابل الحصول على المال، وبالتالي ابتزاز المواطنين. والأخطر أنه ما زال بعضهم يرتكبون المخالفات في السرّ، من دون الكشف عنها حتى اليوم.

يؤكد أحد القضاة، أن 95 في المئة من جرائم القتل التي يرتكبها رجال الشرطة، يستخدم فيها السلاح "الميري"، ما يدل على أن هؤلاء يستخدمون سلاح الدولة لتحقيق مآرب شخصية، وعادة ما يكون المواطن هو الضحية.
وتنظرُ المحاكم المصرية في قضية ضابط شرطة برتبة عميد في "قسم الشروق" في القاهرة، وقد اتهم بخطف عدد من المواطنين وابتزازهم وسرقة أموالهم قبل إطلاق سراحهم، وذلك بعد نصب كمين بالتعاون مع مجنّدين. وكشف أمره بعدما تقدم سائق ببلاغ عن تعرضه للسرقة من أحد الضباط، لتظهر هويّته بعد التحقيقات.

وفي محافظة الدقهلية، سجن ضابط بعدما كشفت التحرّيات عن تقاضيه رشوة من طالب، كان يحمل سلاحاً من دون ترخيص. وفي مدينة السلام (شرق القاهرة)، اعتقل ضابط بتهمة التلاعب بأوراق السيارات الرسمية، وقد عثر في حوزته على سيارتين "هدية".
أيضاً، أصدرت محكمة جنايات محافظة الفيوم (جنوب غرب القاهرة) حكمها في القضية رقم 8354 لعام 2010 (مركز إبشواي)، بمعاقبة الرائد و.ح.ع.ح. (39 عاماً) بالسجن لمدة خمس سنوات وفصله من وظيفته، وذلك لاتهامه باختلاس أسلحة من مركز شرطة إبشواي وبيعها إلى 22 آخرين. وقد باع 14 "طبنجة" وخمس بنادق آلية. وتبين من التحقيقات أن الذين اشتروا تلك الأسلحة متهمين بقضايا قتل وإجرام.

وشهدت الفترة الماضية محاكمات 20 ضابط شرطة بتهم مختلفة (قتل مواطنين رمياً بالرصاص، وتقاضي رشى مالية، وتزوير مستندات، وتجارة مخدرات، وتدخين سيجارة داخل إحدى قاعات المحاكم).

وفي محافظة الغربية، أُحيل تسعة ضباط إلى محكمة الجنايات بتهمة قتل أربعة أفراد من أسرة واحدة بالرصاص عن طريق الخطأ. وفي منطقة مصر الجديدة، سجن عميد في الشرطة وآخرون مدة 15 يوماً، لاتهامهم بتقاضي رشى مالية من المواطنين، في مقابل عدم تحرير مخالفات في حقهم. وأظهرت تحقيقات النيابة أن المتهم الأول، وهو رئيس قسم مرور عين شمس، طلب رشوة مالية وصلت إلى خمسة آلاف جنيه من أحد المواطنين، في مقابل إنهاء معاملات سيارته بعد توقيفها بسبب عدم تجديده الرخصة.

وأصدر النائب العام، المستشار هشام بركات، قراراً بحظر نشر وتداول أي معلومات، خصوصاً حول التحقيقات التي تجريها نيابة أمن الدولة العليا، حول تورّط مدير نيابة مدينة نصر أول، وشقيقه عضو نيابة النقض، وسبعة ضباط بقضية تهريب آثار إلى الخارج. واستخدم الضابط شقة في مدينة العبور لممارسة عمله، واستعان بسائقه الخاص لترويج المخدرات.
ورصدت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، إحدى المنظمات غير الحكومية، جرائم فساد تورط فيها عدد كبير من ضباط الشرطة في مختلف المصالح الحكومية، وخصوصاً لدى السياحة والآثار ومصلحة الجوازات. وأكدت أن ما ينشر لا يمثل سوى 5 في المئة من حجم الجرائم التي يرتكبها ضباط، لافتة إلى أن قضايا الفساد تنتشر بين الضباط.
واستندت المبادرة إلى تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي يرصد حجم المخالفات داخل الجهاز، علماً أن هذه التقارير توضع في الأدراج. وأضافت أن "التعذيب وحالات الوفاة داخل السجون على يد الضباط تثبت وحدها تورط كثيرين، يضاف إلى ذلك التلكؤ في إجراء التحقيقات في قضايا قتل السجناء، وتحويل المجني عليهم إلى متهمين".

وأشارت المبادرة إلى أن قتل المواطنين بالسلاح "الميري" يعد كارثة. فالقانون المصري وضع ضوابط لحمل السلاح، منها أن يكون الشخص حسن السلوك ومستعدّاً من الناحية النفسية ومدرباً. وبالنسبة للمواطن العادي، هناك مجموعة شروط يتوجب عليه تأمينها قبل أن يتمكن من حيازة السلاح. أيضاً، يجب على الضابط ترك سلاحه بعد الانتهاء من عمله، على غرار ما يحدث في معظم دول العالم. لكن معظم ضباط مصر يبقون أسلحتهم معهم بعد انتهاء دوام عملهم.

اقرأ أيضاً: العنف الجنسي أداة الأمن المصري لمواجهة معارضي النظام