دعارة الأطفال تتفشى في مراحيض المدارس بفرنسا

15 ابريل 2015
مع غياب التوجيه والضبط يتفشى الانحراف (GETTY)
+ الخط -

 

تدق جمعيات وأخصائيون اجتماعيون ونفسيون ناقوس الخطر من تفشي ظاهرة الدعارة بين الأطفال في مراحيض المدارس في فرنسا، وسط تقديرات بوجود ما بين 6000 و8000 قاصر يعملون بالدعارة حالياً، في حين تعتبر الشرطة الفرنسية أن الأرقام التقديرية مبالغ فيها.

ويحذر المعنيون من الممارسات الفظيعة التي تحصل في مراحيض الكليات، تلك الممارسات التي لا تقتصر على مناطق سكنية في فرنسا دون الأخرى.

وتؤكد مارتين غويار الأخصائية النفسية والمتابعة للفتيات الصغيرات العاملات في الدعارة لصحيفة لوفيغارو الفرنسية أنها "منذ مطلع العام الدراسي الحالي التقت العشرات من الفتيات اللواتي منحن أنفسهن مقابل مبالغ مالية صغيرة أو أغراض"، مضيفة "على المجتمع أن يدرك أن هذه الظاهرة تنمو وتنتشر".

وتخبر الفتاة جولي أنها كانت في الرابعة عشرة من عمرها، تلميذة في الصف الثالث المتوسط عندما اعتادت لقاء أحد الصبية في مرحاض الكلية مقابل 15 يورو، وتقول:"بالنسبة لي لم يكن الأمر فظيعاً حينها، زميلاتي كن يفعلن ذلك. أما اليوم فأنا أشعر بالخجل والعار". أما كارولين فكان عمرها 13 عاماً عندما كانت تقدم خدمات جنسية في مرحاض مدرستها للصبية مقابل الحصول على هاتف أو أغراض أخرى، وهي اليوم تعمل مع إحدى الجمعيات بهدف توعية الفتيات والتحذير من حجم دعارة الأطفال في مراحيض المدارس والكليات.

أرقام متفاوتة

وتحذر رئيسة جمعية العمل ضد بغاء الأطفال أرميل لو بيغو من تفشي ظاهرة دعارة الأطفال في مراحيض المدارس والكليات، وعبر الانترنت، مؤكدة أن "هناك بين 6000 و8000 طفل يعملون بالدعارة في فرنسا، فرنسيون وأجانب، البعض منهم يمارسها من أجل العيش، لقد حان الوقت للتحرك". وتشير أرميل إلى أنها تصر وتتعمد استخدام تسمية "طفل" بدل "قاصر" لأنها تعبير صادم أكثر، وتقول "منذ سنوات ونحن نرفع الصوت ونحذر مؤسسات الخدمة العامة، لكن القليل من العمل حصل، هذا الأمر لا يقل خطورة عن موجة المخدرات التي سادت في التسعينات من القرن الماضي".

من جهتها تعتبر المفوضة فياني دييفر من فرقة حماية القصّر التابعة للشرطة الفرنسية في باريس، أن الأرقام المعلنة مبالغ فيها، وهي عبارة عن تقديرات تعلنها الجمعيات. وتقول: "سنوياً نضبط بين 20 و60 حالة دعارة بين القصّر في باريس ليس أكثر، هذا موجود ولكننا لسنا في تايلاند، خصوصاً أن القواد الذي يشغل القصر بالدعارة يعاقب بـ 20 سنة سجن وغرامة 3 ملايين يورو، وهذه العقوبة رادعة للمجرم".

وعن الفرق الشاسع بين أرقام الشرطة وأرقام الجمعيات، تقول إنه" إلا أن الشكاوى التي تصل إلى الشرطة قليلة جداً، بل نادرة".

وترى أدريان أوديي الأخصائية في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا، والتي شاركت في إعداد تقرير عن دعارة الأطفال في باريس لصالح وزارة العدل الفرنسية في العام 2006 أن "الفارق بالأرقام يعود إلى أن الظاهرة متنوعة وأشكالها متغيرة على الدوام"، مضيفة أنه "مع استخدام كل الطرق ووسائل الاتصال، الأمر يخرج عن السيطرة، ومن الصعب تحديد أرقام دقيقة بل قد يكون مستحيلاً".

دعارة مقابل وجبة طعام أو هاتف

"دعارة القصّر لها أشكال مختلفة"، تقول أرميل لو بيغو، وتشير إلى أن "الدعارة التي تحصل في مراحيض المدارس إلى ارتفاع، وعملنا مع الأطباء النفسيين يشير إلى ذلك". وتلفت إلى أن "بعض الصبية في المدارس يوفرون للتلاميذ المراهقين فتيات مقابل مال أو أغراض مثل الهواتف. إنهم قوادون صغار، وللأسف كل هذا يجري بعيداً عن مسامع الشرطة".

وتتابع "هناك أشكال أخرى من الدعارة يروّج لها عبر إعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي تتوجه للبالغين، وتعلن عن شبان وفتيات يقدمون خدمات جنسية مقابل وجبة طعام أو إيجار المسكن، وضمن هذه الشبكات هناك قصّر بين العاملين فيها".

المفوضة ديفيير تقول إن "الشرطة تراقب تلك المواقع"، لكنها تسأل "كيف يمكن التعرف إلى عمر الفتيات إذا لم يتقدم أحدهم بالشكوى؟"، وتضيف "حتى العاملات بالدعارة في الشوارع وعلى الأرصفة، يصعب معرفة عمرهن الحقيقي، حتى الزبائن لا يمكنهم التأكد من أعمار الفتيات إذا كن من القاصرات، كما أن الكثير من تلك الأعمال تتم في الخفاء وتكون غير مرئية".

وتدعو أرميل لو بيغو المؤسسات التربوية والأخصائيين والأطباء النفسيين إلى التعامل بحساسية كبيرة مع هذه الظاهرة، وتقول بأسف "كيف سيتم الكشف عن هذه الأعمال الانحرافية؟" وتشير إلى أن "الكثير من الفتيات لم يجدن من ينصحهن أو يرشدهن، ومن دون التدابير الوقائية لن يستطيع أحد وقف ما يحصل".

الطبيبة النفسية مارتين غويار تقول إن "الشباب سيكتشفون مساوئ ما فعلوه بعد فوات الأوان، ويتعرضون بشكل غير واعٍ لاحتقار جسدهم بسبب فقدان احترامهم لذواتهم، وخسارتهم لما هو ذات قيمة عالية"، وتعبر عن أسفها لـ"سهولة وحرية وصول هؤلاء الصغار للمواد الإباحية، والاكتفاء بالقول هذا ليس خطيراً هو المشكلة بعينها".

كما تأسف لأنها تقابل الكثير من الأطفال الذين "لا يدركون بأن ما يقومون به هو عمل مرفوض أو سيئ"، وتتابع "الدراسات قليلة والتدابير قليلة وحملات الوقاية والتوعية منعدمة ... آلاف الأطفال يعملون في الدعارة ونحن لا نفعل شيئاً".

اقرأ أيضاً:الثقافة الجنسيّة في المناهج الألمانيّة