بريطانيا جزيرة الشعوب المهاجرة

22 مارس 2015
جذور متعددة للشعب البريطاني (أويل سكراف/Getty)
+ الخط -

قبل نحو 10 آلاف إلى 11 ألف عام كانت الحياة البشرية معدومة على الأرض المعروفة اليوم باسم بريطانيا. ومع انتهاء العصر الجليدي، بدأت مظاهر الحياة تبزغ في المنطقة. وعجز الشعب البريطاني عن إيجاد أجوبة عن أسئلة حيّرته لمئات السنين، ومنها: "متى وصل الإنسان إلى بريطانيا؟" أو "من أين أتينا؟".

استخدمت الدراسة، التي موّلتها مؤسّسة "ويلكم تراست" الخيرية لدعم البحوث وتحسين حياة الإنسان والحيوان الصحيّة، تقنيات جينية حديثة، قد تجيب عن تلك الأسئلة التي بقيت مستعصية لقرون من الزمن. ويلفت الدكتور مايكل دان، رئيس علم الوراثة والعلوم الجزيئية في مؤسّسة ويلكم تراست من جامعة أوكسفورد، إلى أنّ المعلومات الجينية التي صدرت عن الدراسة، ربّما تشكّل ركيزة أساسية للتحقيق في أمراض البشر ومعالجتها بشكل أفضل في المستقبل، كونها توفّر صورة واضحة عن التكوين الجيني لشعوب المنطقة.

جاءت الدراسة بالخريطة الوراثية الأكثر دقّة لبريطانيا لغاية يومنا هذا، وبأن فيها تأثير الهجرة الأوروبية على بريطانيا على مرّ آلاف السنين بجلاء. اكتشف الباحثون 17 مجموعة جينية في بريطانيا، تعود أنسابها إلى فرنسا وألمانيا وإسكندنافيا. كما عثروا على أصول الشعوب القوقازية المقيمة في وسط وجنوب بريطانيا، والتي ينتمي نحو 20 في المائة منها إلى قبائل الأنجلو ساكسون التي وصلت إلى البلاد حوالي عام 450 ميلادية، عقب انهيار الإمبراطورية الرومانية.

أمّا أولئك البريطانيون الذين يعتقدون أنّهم يتحدّرون من شعوب الكيلتيك، التي حكمت جزءاً كبيراً من أوروبا قبل توسّع روما القديمة، فأثبتت الدراسة أنّهم في الواقع مجموعات إثنية متنوّعة تتشابه مع الإنكليز أكثر ممّا تتشابه مع بعضها البعض.

قام خبراء من جامعة أوكسفورد، بالدراسة عن طريق أخذ عينات حمض نووي من ألفي شخص توزّعوا على مسافة 50 ميلاً من مكان ولادة أجدادهم. توصّل العلماء إلى التكوين الجيني لكافّة المجموعات العرقية المختلفة، التي تواجدت في بريطانيا قبل بدء الهجرة الجماعية في القرن العشرين. لم تقتصر البحوث على سكّان بريطانيا، بل امتدّت إلى جميع أنحاء أوروبا، حيث أخذ العلماء عينات الحمض النووي لستة آلاف شخص للتعرّف إلى جذور الجماعات المهاجرة.

أظهرت الدراسة أنّ الشعب الإنكليزي الأبيض يشارك نحو 40 في المائة من حمضه النووي مع الفرنسيين و26 في المائة مع الألمان و11 في المائة مع الدنماركيين وتسعة في المائة مع البلجيكيين.

من جهته قال بروفيسور بيتر دونيللي، أحد الباحثين، إنّ أحد الأمور الجميلة المتعلّقة بتلك الدراسة هو أنّها تذكّرنا بأنّ كل شخص في بريطانيا هو مهاجر في الأصل.
استمرّت الدراسة عشر سنوات، تعاون خلال تلك الفترة علماء الوراثة والمؤرّخون للوصول إلى تلك الأنماط الموروثة من الحمض النووي لدى الشعب البريطاني الذي يعيش اليوم على أرض عاصرت أنواعاً مختلفة من الأعراق.

عكست نتائجها الأحداث التاريخية الهامّة التي عصفت ببريطانيا على مدى قرون من الزمن، إذ ذكّرتنا جينات الأنجلو ساكسون الموجودة اليوم في بريطانيا، بوصول تلك القبائل من جنوب الدنمارك وشمال ألمانيا بعد انتهاء حكم الرومان إلى بريطانيا.
المساهمون