مصر: عامان على حبس عادل وماهر ودومة.. الثورة السجينة

02 ديسمبر 2015
أحمد ماهر في إحدى جلسات محاكمته (العربي الجديد)
+ الخط -

"عادل ماهر وأحمد دومة.. خايفة منهم ليه يا حكومة".. هتاف كان يدوي صداه على سلالم نقابة الصحافيين المصرية، وأمام مكتب النائب العام المصري، في أيام كان يُسمح فيها بالهتاف والتظاهر. أما اليوم، وقد أصبح التظاهر جريمة في القانون المصري، سجن على أثرها آلاف النشطاء والشباب، بات الصمت محتّما على الجميع.

محمد عادل، وأحمد ماهر، وأحمد دومة، ثلاثة نشطاء سياسيين، أُلقي القبض عليهم بموجب قانون التظاهر المصري، وعلى خلفية قضايا سياسية أخرى، تدخل في إطار قضايا محاكمات ثورة يناير. اليوم، يمر عامان على اعتقالهم، حيث حكم عليهم بالسجن ثلاث سنوات.

تعود وقائع القضية إلى الوقفة التي دعت إليها ونظمتها مجموعة من النشطاء السياسيين في مصر، والتي عرفت في ما بعد بـ"قضية مجلس الشورى"، وتم فضها بموجب قانون التظاهر. بعدها أصدرت النيابة العامة المصرية أمر ضبط وإحضار لأحمد ماهر، مؤسس حركة شباب 6 إبريل، على خلفية الوقفة التي لم يكن مشاركاً فيها، فذهب لتسليم نفسه في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، وقررت النيابة إخلاء سبيله لكنه رفض تنفيذ القرار لحين إخلاء سبيل كل معتقلي الشورى، فلفّقت له النيابة تهمة التظاهر أمام محكمة عابدين بمشاركة أحمد دومة ومحمد عادل اللذين تم إلقاء القبض عليهما لاحقاً من مكانين مختلفين.

اقتحمت قوات الأمن المصرية، في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2013، منزل أحمد دومة وألقت القبض عليه واقتادته إلى قسم شرطة البساتين، وهناك تم عرضه على النيابة واتهامه أيضاً بالتظاهر ومقاومة السلطات، ويحاكم دومة في الوقت الحالي أيضاً في قضية أحداث مجلس الوزراء أمام القاضي ناجي شحاتة، الشهير بـ"قاضي الإعدامات".

أما محمد عادل، فألقي القبض عليه إثر اقتحام قوات الأمن للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية - منظمة مجتمع مدني - في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2013، حيث يعمل باحثا، وتم ضمه للقضية التي تمت إحالتها إلى المحكمة في وقت قصير، وبعد أقل من شهر من تاريخ القبض عليهم، صدر الحكم بحبسهم 3 سنوات وفقاً لقانون منع التظاهر، وتم رفض الاستئناف والنقض.

صائد الفراشات

أحمد دومة لُقّب بـ"صائد الفراشات"، لكثرة عدد القنابل المسيلة للدموع التي تصيّدها لإلقائها بعيدا عن المتظاهرين خلال ثورة يناير، واشتهرت صور الغرافيتي الخاصة به على الجدران بعد اعتقاله في فترة حكم الرئيس المعزول، محمد مرسي، على خلفية قضية حرق المجمع العلمي.

اقرأ أيضا:5 منظمات حقوقية مصرية تندد باعتقال النشطاء

ودومة من مواليد مركز أبوالمطامير بمحافظة البحيرة، ووالده، سعد دومة، أحد رموز جماعة الإخوان المسلمين، وهو ناشط سياسي مستقل (25 سنة)، وعضو مستقيل من جماعة الإخوان المسلمين عام 2007، وكان عضوا في حركات كفاية، وشباب 6 ابريل، وشباب من أجل العدالة والحرية، وشباب الثورة العربية، وائتلاف شباب الثورة الذي تأسس بعد ثورة يناير، إلا أنه استقال من كل هذه الحركات إلا حركة كفاية، مفضّلا أن يمارس العمل السياسي كناشط مستقل.
قيل عنه إنه معتقل كل العصور، حيث سجل دومة رقمًا قياسيا في عدد المرات التي دخل فيها السجن، منذ عهد الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، مرورا بفترة حكم المجلس العسكري، والرئيس المعزول، محمد مرسي، وصولا لفترة حكم الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي.

شارك دومة في ثورة 25 يناير، وكان واحدا من أبرز شباب الثورة الذين استمروا في نضالهم بعد رحيل مبارك عن الحكم. وفي أحداث مجلس الوزراء في عهد المجلس العسكري، حوكم مع 267 متهما آخرين بتهمة حرق مبني المجمع العلمي المصري، ومنشآت مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى، والتعدي على أفراد القوات المسلحة والشرطة ومقاومة السلطات والتجمهر وتعطيل حركة المرور.

وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، حوكم دومة بتهمة إهانة الرئيس، حيث قضت محكمة مصرية بحبسه ستة أشهر بعد إدانته على خلفية مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات الفضائية، وصف فيها الرئيس المعزول بأنه فاقد للشرعية ومتهم ومجرم وقاتل وهارب من العدالة.

30 يونيو

وشارك مع عشرات المتظاهرين في التظاهر أمام مقر مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين بالمقطم، اعتراضًا على سياسة مرسي فى إدارة شؤون البلاد، وشارك في التظاهر ضد حكم مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في 30 يونيو/ حزيران 2013، التي أعقبها عزل أول رئيس منتخب في 3 يوليو/ تموز، بعدها عارض قانون التظاهر الذي أقرته الحكومة المصرية بعد الانقلاب، وأُلقي القبض عليه على خلفية هذا القانون، ولا يزال محبوسا حتى اليوم.

أما أحمد ماهر، فهو منسّق عام حركة 6 أبريل. وهو مهندس مدني، ولد في 2 ديسمبر/ كانون الأول 1980، وشارك في جميع مراحل الثورة المصرية، سواء بشكل فردي أو من خلال الحركة، واعترف بأن تظاهرات 30 يونيو/ حزيران 2013، قادت لانقلاب عسكري، وقالها صراحة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": 30 يونيو انقلاب.. بس محدش عنده الجرأة يقول كده".

مواقفه المعارضة للنظام المصري الحالي، ألقت به مع غيره من شباب ثورة يناير في السجون المصرية. وفي سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، لحق ماهر بقطار الأمعاء الخاوية في السجون المصرية، بعد أن أعلن إضرابه عن الطعام. وقال في رسالة له من داخل حبسه "اليوم ليس لنا إلا معركة الأمعاء الخاوية، فلا نملك إلا الجسد لنناضل به لكشف الظلم عنا، فما فائدة الجسد في ذلك الظلم والهوان والمهانة، وما فائدة الحياة وأنا معزول عن الحياة، بعيد عن أسرتي وأهلي وأبنائي، تتخبّط أسرتي في مصاعب الحياة في عالم آخر خارج السجن".

وفي سجنه، كتب أحمد ماهر مذكرات 6 إبريل في 5 أجزاء متصلة، تحت عنوان "البداية".
سجن في عهود الرئيس المخلوع، حسني مبارك، على خلفية إضراب 6 إبريل، والرئيس المعزول، محمد مرسي، على خلفية تظاهره أمام منزل وزير الداخلية، ويقضي عقوبة السجن في ظل نظام الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، على خلفية خرق قانون التظاهر.

العميد ميت

أما محمد عادل، فهو من مواليد 1988، وتخرج من أكاديمية المستقبل لنُظُم المعلومات، وهو ناشط سياسي ومدوّن، ومسؤول المكتب الإعلامي لحركة شباب 6 أبريل وعضو المجلس السياسي للحركة.

لقّب بـ"العميد ميت"، لأن مدوّنته تحمل الاسم نفسه، وكان أحد مؤسسي حركة شباب من أجل التغيير، لكنه لم يكن عضوا بأي حزب أو جماعة. وإن كان البعض يظنه من الإخوان المسلمين، بسبب ميوله الإسلامية لكنه ليس عضوا بالجماعة.

هو أيضا سجين كل العصور، اعتقلته قوات الأمن المصرية عام 2008، على خلفية زيارته لقطاع غزة، ثم ألقي القبض عليه في 25 يناير/ كانون الثاني 2011، من على مشارف ميدان التحرير، ويواجه مع أحمد ماهر حكما بالحبس ثلاث سنوات بتهمة التظاهر دون إخطار أمام محكمة عابدين أثناء تضامنه مع أحمد ماهر أثناء تسليمه نفسه للنيابة.


اقرأ أيضا:مصر.. 16 منظمة حقوقية تجدد مطالبتها بإلغاء قانون التظاهر