رغم إقرار موريتانيا الكثير من القوانين التي تُحرّم "الرق" وتُجرّمه، إلا أنها لم تستطع القضاء عليه حتى الآن. ولا يزال لحراطين (صفة تُطلق على الرق وتعني الحر الطارئ) ضحيّة للرق، يدفعهم الفقر والجهل والاضطهاد إلى "خدمة الأسياد" لكسب لقمة عيشهم، وذلك ما يسميه الموريتانيون "العبودية الحديثة".
وتناضلُ المنظمات المناهضة للعبودية لفضح ممارسات بعض الرافضين لتحرير "لحراطين"، وكشف ممارسات "العبودية الحديثة" التي لا تزال قائمة في القرى والمناطق النائية شرقي البلاد وجنوبها. وتستغلّ العائلات الميسورة حاجة الناس، الذين كانوا "أرقاء" لها في وقت سابق، للمال والعمل، فتأمرهم بمهام شاقة، وتحتجزهم. ويعاني هؤلاء جراء الانتهاكات والتمييز والمضايقات في أماكن العمل والدراسة والحياة بشكل عام.
ويقول شداد ولد بيروك، وهو من أبناء "المسترقين" سابقاً لـ"العربي الجديد"، إن "بعض الموريتانيين يحتفظون بصكوك ملكية للرق، ويتفاخرون بها في كل مناسبة، بهدف الإمعان في الإذلال والإهانة". يضيف أن "الانتهاكات ترتكب على نطاق واسع في البلاد، ويظل مرتكبوها بمنأى عن العقاب والمساءلة. لذلك، نحن بحاجة إلى تغيير العقلية، وتطبيق القانون الخاص بتحريم ومعاقبة من يقوم بهذه الممارسات".
ويشير بيروك إلى أن "أبناء الحراطين يمنعون من بعض الوظائف، أو مصاهرة العرب. يعيش غالبيتهم في بيوت الصفيح، ويجبرون على العمل القسري". تجدر الإشارة إلى أن منظمة "نجدة العبيد" عملت خلال السنوات الماضية على كشف "هذه الممارسات وتقديم الأسياد إلى المحاكمة. إلا أن المتهمين غالباً ما كانوا ينجحون في الإفلات من العقاب، بعد استغلال نفوذهم أو التصالح مع الضحية لتغيير أقوالها، أو تبرير الأمر بكفالة هؤلاء لإنكار الاسترقاق".
في السياق، يقول الناشط الحقوقي، محمد عالي ولد مبارك، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة تحاول مكافحة الرق والقضاء على آثاره خشية حدوث صراع اجتماعي قد يهدد تماسك المجتمع، بينما يرفض وجهاء القبائل وذوو البشرة البيضاء الإقرار بوجود الرق في موريتانيا، ويتهمون منظمات حقوق الإنسان والإعلام باختلاق الأكاذيب وإصدار بيانات غير دقيقة حول استمرار العبودية في البلاد، مما يساعد المتهمين على الإفلات من العقاب". ويطالب "بإلغاء العبودية بكل أشكالها، وتطوير مفاهيم حقوق الإنسان داخل المجتمع، ورسم سياسة اقتصادية وتنموية متكاملة للقضاء على آثارها".