طلاب اليمن يقضون عطلتهم الصيفيّة في الشارع

19 يوليو 2014
عدد الشباب المشاركين في النشاطات الصيفية ضئيل نسبياً(العربي الجديد)
+ الخط -

لأسباب كثيرة، تضطر غالبية الأسر اليمنية إلى السماح لأبنائها بقضاء العطلة الصيفية في الشارع. فيكتفي بعضهم بالتسكّع، فيما يختار آخرون العمل، وقلّة يحرصون على الاستفادة منها لتعزيز قدراتهم العلمية والمعرفية والبدنية.
وتعزو المدرّسة مريم حمود الأمر إلى عجز الكثير من الأسر عن إدخال أبنائها إلى مراكز صيفية أو نوادٍ رياضية وتأهيلية، بسبب "تدني دخلها الشهري".

عمل 

ويجد الكثير من تلاميذ المرحلة الإعدادية والثانوية في الإجازة الصيفية فرصة للبحث عن عمل، بسبب ظروفهم المعيشية السيئة. يسافر أولئك المقيمون في القرى النائية إلى العاصمة وغيرها من المدن الرئيسية في المحافظات للعمل في مهن مختلفة، كالبناء أو المطاعم أو المحال التجارية.

وبسبب بعدهم عن منازلهم، يضطر بعضهم إلى العيش في مجمعات سكنية (العزبة)، هي عبارة عن شقة صغيرة يستأجرها عدد من الأشخاص.

توجّه محمد الريمي (16 عاماً)، وهو تلميذ في الصف الأول الثانوي، إلى مدينة الحديدة، غربي اليمن، للعمل في مطعم يقدم وجبات للمسافرين على خط الحديدة ـ صنعاء، يقول: "بمجرد

انتهاء العام الدراسي قبل شهر، سافرت للعمل بهدف مساعدة والدي في إعالة الأسرة". ويضيف: "لا أستطيع أن أجلس خلال فترة الإجازة الصيفية من دون عمل. يتوجب عليّ المساعدة في تأمين مستلزمات الدراسة للعام المقبل". وغالباً ما يواجه هؤلاء التلاميذ مشاكل عدة كالتحرش الجنسي، أو الدفع بهم من قبل البعض لتعاطي المخدرات والسرقة.

إدمان.. وشارع 

في السياق، يؤكد بعض خبراء التربية والتعليم أهمية تقليص فترة العطلة الصيفية، لافتين إلى أن "الإجازات الطويلة قد تساهم في إدمان التلاميذ على سلوكيات تبعدهم عن الاهتمام بالدراسة، كالإنترنت، عدا عن إصابتهم بالخمول والكسل".

ويقول الأستاذ في إحدى مدارس العاصمة، علي الآنسي (46 عاماً)، إن "العطل الصيفية تمنح الطلاب الراحة. لكن غالباً ما لا يتم استغلالها بشكل صحيح يضمن تشغيل الفكر والبدن، ما يؤدي إلى الخمول والبلادة".

في المقابل، ينظر بعض التلاميذ إلى المدرسة على أنها "سجن يقيّد حريتهم لساعات طويلة يومياً"، وخصوصاً أن المدارس في اليمن تخلو من أي وسائل ترفيه. لذلك، يلجأ الكثيرون إلى قضاء عطلتهم الصيفية في الشارع للعب كرة القدم وغيرها، أو مقاهي الإنترنت والألعاب، للترفيه عن أنفسهم بعد أشهر من الالتزام بدوام مدرسي وطابور صباحي.

ويعزو الشاب محمد العنسي (14 عاماً)، اللجوء إلى الشارع إلى "ندرة النوادي الرياضية التابعة للدولة، ما يدفعهم إلى تحويل الشارع إلى ملعب". ويشكو بعض الأهل من خطورة مقاهي الألعاب الإلكترونية والإنترنت على أبنائهم، حيث يعتادون التدخين ومضغ القات وأحياناً السرقة وتصفّح المواقع الإباحية.

وكانت قوات الأمن اليمنية قد اعتقلت، في وقت سابق، عصابة تتألف من ثلاثة أشخاص، لاعتدائهم على ثمانية أطفال واستغلالهم في أعمال سرقة.  

ورغم وجود معاهد وملتقيات خاصة بالفتيات لتعلُّم الخياطة والتطريز والتدبير المنزلي والتمريض، يبقى توافدهن إلى هذه المراكز ضئيلاً، ما يجعل غالبيتهن يقضين إجازاتهن الصيفية في المنازل.

مخيمات

أنشئت اللجنة العليا للمخيمات والمراكز الصيفية بقرار من مجلس الوزراء يحمل الرقم 143 (عام 2006). وتهدف هذه المخيمات إلى توفير نشاطات للتلاميذ لقضاء أوقات فراغهم، بدلاً من الانخراط مع حركات متطرفة وإرهابية، بحسب وكيل وزارة الشباب والرياضة لقطاع الشباب، ورئيس اللجنة الفنية للمخيمات والمراكز الصيفية، عبد الرحمن الحسني.

ويؤكد الحسني أن هذه المخيمات تعمل على "تزويد الشباب والفتيات بمهارات متعددة، فنية ومهنية ورياضية وصحية ودينية وثقافية وغيرها". لكنه يتحدث لـ"العربي الجديد" عن المعوقات التي تواجه تنفيذ هذه البرامج، قائلاً: "كانت موازنة هذه المخيمات والمراكز تصل إلى 400 مليون ريال يمني (1.860.465 دولار أميركي)، لكنها انخفضت إلى 35 مليون ريال العام الماضي، وهذه إشكالية تجعلنا نتراجع عن تنفيذ الكثير من المشاريع".

وفي ما يتعلق بنشاطات صيف هذا العام، يقول الحسني: "حتى الآن، لم نحصل على المال من وزارة المالية، كما أن امتحانات الثانوية العامة والأساسية، إضافة إلى شهر رمضان، أدت إلى إرجائها حتى بداية شهر أغسطس/ آب المقبل".

ويقول تقرير النشاط الصيفي لعام 2013 إن "عدد المشاركين في نشاطات وفعاليات اللجنة العليا للمخيمات والمراكز الصيفية بلغ 27917 مشاركاً، في حين يشكل الشباب 45 في المئة من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 24 مليون ونصف مليون نسمة".

استغلال أمثل

تُدرك بعض الأسر أهمية متابعة أبنائها خلال العطلة الصيفية، والبحث لهم عن وسائل ترفيهية وتعليمية تبعدهم عن مخاطر الفراغ واللعب في الشوارع. يقول محمد علي، وهو موظف في شركة اتصالات وأب لثلاثة أبناء: أحرص كثيراً على إدخال أبنائي إلى مراكز تأهيل صيفية، سواء تلك التي تنظمها وزارة التربية والتعليم، أو معاهد أو نوادٍ رياضية". ويضيف: "يكتسب أبنائي خلال عطلة الصيف مواهب عديدة قد لا يجدونها في المدرسة، لكن هذا أيضاً يحمّلني عبئاً مالياً كبيراً".

دلالات
المساهمون