اعتقال زوجته قتله في طابور

05 ابريل 2014
مئات المعتقلات المصريات في سجون الانقلاب (GETTY)
+ الخط -



استيقظ مبكرا كعادته في أيام الزيارة، جهَز أشياءه القليلة المفترض به أن يذهب بها لزوجته المعتقلة الشابة في سجن القناطر مع أختها، بعض الملابس البسيطة وطعاما وبعض الحلوى، ثم غادر المنزل على عجل حتى يلحق بموعد التسجيل في دفتر الزيارات .

إن لم يلحق التسجيل في الموعد فلن يتمكن من زيارة زوجته الشابة التي تنتظره أسبوعيا، والتي يقضي معها في الأماكن المخصصة للزيارة نحو نصف الساعة فقط. ولذا فإنه لم يتناول شيئا منذ يوم مضى، فهو منشغل بالزيارة وبترتيباتها الخانقة التي يتحملها على مضض من أجل رؤية زوجته المعتقلة السياسية .

في طابور التسجيل وقف  الشاب النحيل، يبدو عليه الوهن، اسم زوجتي "رشا منير الغضبان"، قالها لعنصر الشرطة الذي يطلب من المنتظرين اعلان اسم المسجونات ،المعاملة سيئة جدا، وحالة التربص والتعطيل وازعاجهم واهانتهم لا تخطئها العين.

الكل في الطابور ينتظرون اللحظة التي يفتح فيها الباب الكبير ليدخلوا بحاجياتهم البسيطة التي تعرضت للتفتيش عدة مرات، أحيانا بلا سبب سوى إزعاجهم.

رشا وشقيقتها هند فتاتان في العشرينيات من العمر، معتقلتان بتهمة التظاهر، تعتبر الزيارة بالنسبة لهما الفرصة الوحيدة للتعرف على ما يجري خارج أسوار السجن، والاطمئنان على أحوال أسرتهن.

طال الوقوف في طابور التسجيل انتظارا للزيارة، لا يوجد سبب واضح للتأخير، ولا يوجد من تسأله عن السبب، وإن سألت فلن يجيبك أحد، بل ربما تتلقى جوابا مهينا يضم شتائم ولعنات، أو ربما تمادى من يتولى الرد للاعتداء بالأيدي والركلات.

فجأة وقع زوج المعتقلة الشاب وسط الطابور مغشيا عليه، تجمع حوله الواقفون، وسط صياح بعضهم "طلبا لطبيب أو سيارة الإسعاف"، جاءت سيارة الإسعاف بعد فترة، وقبل أن يحملوه أجرى عليه المسعف فحصا أوليا قبل أن يقول للمتجمعين "البقاء لله. لقد مات".

علا نحيب وعويل وصراخ وبكاء في الخارج على شاب مات قهرا في طابور الانتظار، وفي الداخل ما زالت رشا وهند تنتظران الزائر القادم، لا تعلمان شيئا عما يجري في الخارج، كل الداخلين ممن شاهدوا وفاة زوجها في الخارج ينظرون إليها بأعين دامعة، لا أحد منهم يجرؤ على أن يبلغ الفتاة بوفاة زوجها في طابور الزيارة.

رشا تتصفح الوجوه الباكية دون أن تدرك السبب، لا تعلم أن تلك الدموع تنسكب على روح زوجها الذي رحل قبل دقائق على بعد أمتار قليلة من مكان احتجازها.

أخيرا قررت إدارة السجن ابلاغها، بعد أن بدأت تسأل عن سر تأخر زائرها، قالوا لها: إنه مات.

الصحفي عمار مطاوع كان في الزيارة نفسها اليوم، وحكى القصة بإيجاز على حسابه على موقع "فايسبوك" فور خروجه من الزيارة، لكن القصة تم تداولها بشكل واسع لاحقا وأثارت الكثير من الغضب.

دلالات