ادعوا له بالصبر

05 فبراير 2015
(محمد فضيلات)
+ الخط -

يقف صافي الكساسبة، والد الطيار الأردني معاذ الذي قتله تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، مساء أول من أمس، حرقاً، متحاملاً على دموعه، وسط جموع المعزين الذين توافدوا بكثرة إلى بيت العزاء، في مسقط رأسه في لواء عي، غرب مدينة الكرك (جنوب الأردن).
بدا الوالد متماسكاً أمام المعزين. مع ذلك، ظهرت في عينيه رغبة للانزواء والبكاء الشديد. كان جفناه يحبسان دموعه. وكان يبكي كلما ذكر أحد المعزين اسم معاذ. هذا الرجل القوي البنية والعزيمة، طبق المثل القائل: "قهر الرجال صعب.. ودمع الرجال غالي".

قال المعزون الكثير عن صمود الرجل، وإن كان هشاً. دعوا له بالصبر ولابنه الفوز بالجنة. تذهب وفود وتأتي أخرى. يرددون العبارات نفسها، ويجيبهم في كل مرة: "حسبي الله ونعم الوكيل". على مقربة منه، جلس أشقاء معاذ الثلاثة، وإلى جانبهم آخر صورة له قبل أن تلتهمه النيران. بدت عيونهم كالجمر. لم يتمكنوا من حبس دموعهم. فجأة، تحوّل البيت إلى ثكنة عسكرية لدى حضور زملاء الطيار من القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، بمختلف تشكيلاته لتقديم واجب العزاء. غادر الضباط وفي عيونهم حزن كبير.

في القاعة المخصصة للنساء بكاء وصراخ. الأم المفجوعة ليست حاضرة. الصدمة كانت أكبر من قدرتها على التحمّل. بعد شيوع الخبر، نقلت إلى المستشفى على الفور، بالإضافة إلى اثنتين من شقيقاته. يمكن لأي كان رؤية صورة الفاجعة في العيون. الوقت قد يكون كفيلاً بإزالتها.
وحدها عائلته لن تنسى.