أفادت المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خُضُر بأنّ "وفيات الأطفال التي كنّا نخشى حدوثها" في قطاع غزة صارت "حقيقة واقعة" الآن، مؤكدةً أنّ أطفال غزة يموتون ببطء تحت أنظار العالم.
وبينما أشارت خضر إلى أنّ 10 أطفال على أقلّ تقدير توفّوا في الأيام الأخيرة، بسبب سوء التغذية والتجفاف في مستشفى كمال عدوان الواقع شماليّ قطاع غزة بحسب تقارير، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة استشهاد 15 طفلاً في هذا السياق، في مستشفى كمال عدوان الواقع في شمال القطاع المعزول عن باقي المناطق، وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة على الفلسطينيين في غزة وسوء التغذية الناجم عنها.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة، في بيان صادر اليوم الأحد، إلى أنّهم يخشون على "حياة ستّة أطفال يعانون من سوء التغذية والتجفاف في العناية المركّزة بمستشفى كمال عدوان، نتيجة توقّف المولد الكهربائي والأكسجين وضعف الإمكانات الطبية".
وقد حذّرت خضر، في مؤتمر صحافي عقدته اليوم الأحد، من أنّ "وفيات الأطفال ستتزايد بسرعة"، بحسب المرجّح، إن لم يوضَع حدّ للحرب القائمة، ولم تُحَلّ العقبات التي تعترض الإغاثة الإنسانية فوراً. وأكدت أنّ "حياة آلاف الأطفال والرضّع (من بينهم) تعتمد على الإجراءات العاجلة التي تُتَّخذ الآن".
The child deaths we feared are here, as malnutrition ravages the #Gaza strip. https://t.co/5BpE1Y6SxP
— Adele Khodr (@AdeleKhodr) March 3, 2024
%16 من أطفال شماليّ غزة يعانون من سوء التغذية الحاد
أضافت خضر أنّ من المرجّح أنّ يكون أطفال آخرون يقاتلون من أجل حياتهم في مكان ما، في أحد المستشفيات القليلة الباقية في قطاع غزة، وأنّ من المرجّح أنّ ثمّة أطفالاً آخرين في الشمال غير قادرين على الحصول على الرعاية مطلقاً.
وتابعت المديرة الإقليمية لمنظمة يونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قائلةً إنّ "النقص واسع النطاق في الطعام المغذّي والمياه النظيفة والخدمات الطبية نتيجة مباشرة للعوائق التي تحول دون وصول المساعدات والمخاطر المتعدّدة التي تواجه عمليات الأمم المتحدة الإنسانية"، مبيّنة أنّ هذا النقص "يؤثّر في الأطفال وكذلك في الأمهات، معوِّقاً قدرتهنّ على إرضاع أولادهنّ رضاعة طبيعية، خصوصاً في شمال قطاع غزة". وأكدت أنّ "الناس جياع ومرهقون ويعانون من الصدمة".
وبحسب خضر، فإنّ "تفاوت الظروف ما بين الشمال (من قطاع غزة) والجنوب دليل واضح على أنّ القيود المفروضة على المساعدات في الشمال تكلّف أرواحاً. وقد وجدت فحوصات سوء التغذية التي أجرتها يونيسف وبرنامج الأغذية العالمي في الشمال، في يناير/ كانون الثاني الماضي، أنّ نحو 16 في المائة" من الأطفال "يعانون من سوء التغذية الحاد"، وهو ما يعادل طفلاً واحداً من بين كلّ ستّة أطفال دون الثانية من العمر. أمّا في الجنوب حيث تتوافر المساعدات أكثر، تحديداً في رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع، فقد بيّنت "فحوصات مماثلة (...) أنّ خمسة في المائة من الأطفال دون سنّ الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد".
لا بدّ من منع المجاعة وإنقاذ أطفال غزة
وشدّدت المسؤولة الأممية على وجوب تمكين وكالات الإغاثة الإنسانية، مثل منظمة يونيسف، من "التغلّب على الأزمة الإنسانية ومنع المجاعة وإنقاذ حياة الأطفال"، شارحةً: "نحن في حاجة إلى نقاط دخول متعدّدة يمكن الاعتماد عليها لتسمح لنا بإدخال المساعدات من كلّ المعابر الممكنة، بما في ذلك إلى شمالي غزة"، كذلك ثمّة حاجة إلى "ضمانات أمنية ومرور من دون عوائق لتوزيع المساعدات على نطاق واسع في كلّ أنحاء قطاع غزة، من دون منع أو تأخير أو عراقيل للوصول".
وكانت منظمة يونيسف قد حذّرت مراراً، منذ أكتوبر الماضي، من أنّ عدد الشهداء في قطاع غزة سيرتفع بصورة كبيرة إن "ظهرت أزمة إنسانية وتُركت لتتفاقم". وبيّنت خضر أنّ الوضع منذ ذلك الحين "لم يزدد إلّا سوءاً. ونتيجة ذلك، حذّرنا في الأسبوع الماضي من أنّ انفجاراً في وفيات الأطفال سيكون وشيكاً إذا لم تُحَلّ أزمة التغذية المتفاقمة".
في الإطار نفسه، حذّرت منظمة يونيسف، في 19 فبراير/ شباط الماضي، من أنّ الارتفاع الحاد في سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة يمثّل "تهديداً خطراً" على صحتهم، خصوصاً مع استمرار الحرب على القطاع.
يُذكر أنّ منظمة يونيسف راحت تصف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بأنّه "حرب على الأطفال"، وذلك منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وقد اعتمد مسؤولون في المنظمة هذا التوصيف في مناسبات وتصريحات عديدة.
وتحدّثت خضر عن "الشعور بالعجز واليأس بين الآباء والأطباء عندما يدركون أنّ المساعدات المنقذة للحياة بعيدة المنال"، علماً أنّها "على بُعد بضعة كيلومترات فقط". ورأت أنّه "لا بدّ (لذلك الشعور) من أن يكون أمراً لا يطاق، ولكنّ الأسوأ من ذلك صرخات ألم هؤلاء الأطفال الذين يموتون ببطء تحت أنظار العالم".