استمع إلى الملخص
- تم تطوير تطبيقات للانضباط الذاتي لمساعدة المستخدمين على تقليل استخدام الإنترنت، وتدعم مؤسسات مثل المكتبات العامة هذه المبادرة لتعزيز التركيز والقراءة.
- تشير طبيبة العيون جوا شين إلى أن الإفراط في استخدام الإنترنت يؤثر سلباً على الصحة، مما يسبب تعباً بصرياً واضطرابات النوم، وتوصي الحملة بتقديم خصومات لتشجيع الابتعاد عن الهواتف.
أطلق نشطاء في الصين حملة على منصة "ويشات" الشهيرة لحث الشباب على التوقف عن استخدام الإنترنت لمدة يوم واحد في الأسبوع. وقال القائمون على الحملة إنها تهدف إلى التحرر من الفضاء الرقمي والتكنولوجيا والتركيز أكثر على تجارب الحياة الواقعية، بينما اعتبر متفاعلون أن الانفصال عن الشبكة العنكبوتية يشبه تغذية الدماغ بطعام نباتي لمدة يوم.
ونشر المركز الصيني للصحة النفسية دراسة في يونيو/ حزيران الماضي أظهرت أن نحو 75% من مستخدمي الإنترنت الذين استطلعت آراؤهم قالوا إنهم لا يستطيعون أن يتخلوا عن هواتفهم المحمولة والانفصال عن الإنترنت ليوم واحد. وأبدى نحو 69% منهم قلقهم من هذه الفكرة، وقالوا إنهم يشعرون بتوتر شديد لمجرد تصور أنهم لا يستطيعون الاتصال بالإنترنت في أحد الأيام.
وبعد الدراسة حذر خبراء صينيون مما وصفوه بـ "سموم الإنترنت"، وقالوا إن الإفراط في استخدام الشبكة العنكبوتية قد يسبب أضراراً ومخاطر صحية للمستخدمين، مثل الأمراض النفسية والعزلة الاجتماعية. ولفتوا إلى صعوبة علاج هذه الأمراض مع مرور الوقت.
وكتبت مشاركة على موقع "ويبو" الصيني: "عندما يجتمع الأصدقاء وينشغلون بهواتفهم المحمولة أشعر بعدم ارتياح، كما منعني الانغماس في وسائل التواصل الاجتماعي من إكمال مهمات خططت لها، ما أدى إلى أعباء نفسية وانخفاض التركيز".
وفي محاولة للاستجابة، أطلق مطورو برامج سلسلة تطبيقات الانضباط الذاتي المصممة لمستخدمي الإنترنت والشاشات الذكية من أجل مساعدتهم في الابتعاد عن هذا الإدمان. وتغطي هذه التطبيقات التي يمكن تثبيتها على الهواتف المحمولة مجموعة متنوعة من سيناريوهات الاستخدام مثل الدراسة والعمل واللياقة البدنية، ومعظمها لديها وظائف مثل تسجيل الملاحظات وساعة المنبه والتقويمات وإدارة الوقت وتدوين خطط المهام، وهي تهدف إلى حث المستخدمين على تنفيذ مهماتهم وفقاً لجداول زمنية محددة تساعدهم في تطوير عادات الانضباط الذاتي ومنع الاستخدام المفرط للإنترنت.
ترحب شو شيان، الطالبة في جامعة جينان، بفكرة التخلي عن الإنترنت ليوم واحد في الأسبوع، وتعتبرها فرصة لتوعية الشباب بأهمية الانعتاق من العالم الرقمي وتحويل انتباههم إلى اهتمامات أخرى خارج أسوار الإنترنت من أجل الحفاظ على صحتهم النفسية والعقلية. وتقول لـ"العربي الجديد"، إن "المزيد من المؤسسات بدأت بتطبيق هذا التوجه، مثل مكتبات عامة تشترط أن يسلم الزوار هواتفهم المحمولة لموظفي صندوق الأمانات من أجل ضمان قراءة سليمة ومركزة بعيداً عن ضوضاء الهواتف المحمولة وإشعاراتها.
تضيف: "بالنسبة لي لا غنى عن الاتصال بالإنترنت الذي أصبح عصب الحياة العامة والتفاصيل اليومية الصغيرة، لكن هذا لا يعني أن أستسلم تماماً للواقع وأصبح أسيرة لهذه الشبكة. بالطبع يمثل الاعتياد على استخدام الهواتف المحمولة فترة طويلة مشكلة كبيرة، لكن إذا كانوا مستعدين لاكتشاف متعة الحياة خارج الإنترنت، فهذا أمر جيد وصحي، ويعكس فهماً لدور التكنولوجيا في حياة الناس بوضفها أداة مساعدة وليس أفيوناً يغيّب العقول ويقيّد الحريات. حملة مقاطعة الإنترنت ليوم واحد تمثل فسحة للتنفس، وهي في الوقت ذاته بمثابة تنبيه للشباب الذين يعانون ضعف الإرادة للابتعاد ولو مؤقتاً عن هواتفهم المحمولة والاستمتاع بالحياة ومجالها الحيوي".
من جهتها، تقول طبيبة العيون بمستشفى الشعب في مدينة شينزن، جوا شين، لـ"العربي الجديد": "يعني استخدام الإنترنت بغض النظر عن الغاية منه البقاء أمام شاشات طوال مدة الاستخدام، سواء الهاتف أو أجهزة الكومبيوتر أو اللوحات الرقمية، ويؤدي الإفراط في ذلك إلى عواقب وخيمة على الصحة، وتتأثر ثلاثة جوانب خصوصاً هي النوم والرؤية والجهاز العصبي. الاستخدام طويل الأمد للهواتف المحمولة قد يسبب تعباً بصرياً، كما يمكن أن يسبب سطوع الشاشة ووميضها تهيّجاً للعينين. ومن ناحية أخرى يمكن أن تسبب عادات الاستخدام الخاطئة، مثل التحديق في الشاشة من مسافة قريبة لفترة طويلة، إرهاق العين وحالات توتر. أيضاً قد يعطل الضوء الأزرق المنبعث من شاشات الهواتف المحمولة إيقاعات الساعة البيولوجية ويؤدي إلى اضطرابات النوم".
تتابع: "في ما يتعلق بالصحة العقلية يعتبر تأثير الهواتف المحمولة أكثر تعقيداً، فالإدمان المفرط يؤثر على البنية العصبية ووظيفة الدماغ ما يقلل القدرات المعرفية مثل ضبط النفس والانتباه والإدراك والذاكرة والتفكير واتخاذ القرار. وفي الوقت نفسه، قد يزيد استخدام الإنترنت لفترات طويلة من خطر القلق والاكتئاب".
ويوصي مطلقو حملة مقاطعة الإنترنت ليوم واحد في الأسبوع بمجموعة تدابير لتعزيز فرص التوعية بمخاطر إدمان الإنترنت، من بينها حث الملاعب الرياضية وصالات السينما والمطاعم والحدائق العامة على إطلاق حملة "نصف السعر من دون هواتف محمولة" لتشجيع المزيد من الشباب.