يشتكي مواطنون في مناطق سيطرة النظام السوري من تأخّر توزيع وقود التدفئة (المازوت) المدّعم من قبله، برغم الكمية القليلة مقارنة باحتياجات الأهالي خاصة خلال فصل الشتاء، وذلك بعد خفض الكمية المخصصة إلى الربع فقط، فضلا عن المدة التي يستغرقها حصول العائلات على حصتها من الوقود، والتي تصل إلى عدة أشهر.
في مدينة دمشق حيث يقيم، يوضح عمار السعيد لـ"العربي الجديد" أن مخصصات المازوت التي توزّع من قبل حكومة النظام على العائلات المسجّلة لا تصل في الوقت المطلوب، وتستغرق وقتا طويلا، مبينا أن عائلات سجلت في شهر أغسطس/ آب من العام الماضي للحصول على حصتها من وقود التدفئة، حصلت عليه في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما التي سجلت في أغسطس/ آب من العام الحالي لم تحصل إلى اليوم على حصتها.
قرار تخفيض حصة الوقود، الذي صدر عن وزارة النفط والثروة المعدنية التابعة للنظام السوري، شكّل كارثة بالنسبة للمواطنين، فالتخفيض تجاوز كل التوقعات، وبلغت الكمية بعد التخفيض 50 ليترا فقط، فيما كانت مخصصات العائلة قبل التخفيض 200 ليتر، وسبقه تخفيض آخر في فبراير/شباط من العام الجاري بنصف الكمية، بمعدل 100 ليتر للعائلة، إذ يلقي النظام باللوم على العقوبات التي تمنعه من توفير وقود التدفئة للمواطنين، في الوقت الذي يحاول التضييق عليهم في الحصول على الوقود بتقليل الكمية من جهة ورفع السعر من جهة ثانية.
المواطن عيسى الخالد من سكان ريف حمص الشمالي أكد، لـ"العربي الجديد"، أنه في حال حصل على المخصصات، وهي 50 ليترا من المازوت، فلن تكون كافية لأكثر من أسبوع، وذلك بحال الاقتصاد فيها. موضحا أن خزان المدفأة يتسع لسبعة ليترات فقط، وفي حال كانت الكمية 70 ليترا، يمكن للكمية أن تكفي 10 أيام فقط مع الاقتصاد في الصرف لأقصى حد ممكن.
ويشير الناشط الإعلامي حسام الجبلاوي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ توزيع وقود التدفئة لم يبدأ حتى الوقت الحالي في مدينة جبلة، وحاليا، يوزع في بعض قرى المنطقة، حيث تحصل كل عائلة على 50 ليترا فقط. وفي العام الماضي، كان هناك تلاعب كبير في مازوت التدفئة، ومعظم الأهالي لم يستلموا المخصصات المحددة لهم، وحاليا كمية 50 ليترا رغم أنها لا تكفي المواطن أبدا، إلا أن الأهالي مرغمين على انتظار الحصول عليها.
بدوره، تحدث أبو محمد، وهو أحد سكان ريف حمص الشمالي، عن "معضلة المازوت" كما يصفها، وقال لـ"العربي الجديد": "مضى زمن كنا ننعم فيه بوقود التدفئة الرخيص، كنا نظن أن هذا إنجاز يستحق التقدير لنظام حافظ الأسد، وكنا مجبرين على تصديق هذه الكذبة، لكن مع السنوات ومعرفة ما لدى بلادنا من ثروة، أدركنا حجم الخدعة التي كنا نعيشها. أذكر أني ملأت خزان المازوت على سطح منزلي بسعة ألف ليتر كاملا قبل قضية المخصصات ودفاتر المازوت".
يتابع أبو محمد الذي بلغ الستين من العمر: "كنا مجبرين على تصديق كلّ كذبة من حكومة النظام بشأن ما توفره لنا من أرز وسكر ومازوت، وهذه الأيام، أدركنا حجم هذه الكذبة، اليوم ينتقم منا النظام بكمية المازوت والكهرباء، يضيّق سبل العيش كافة بحجة العقوبات، سيارات مسؤوليه ومنازلهم في مدينة حمص لا تنقطع من الوقود ولا يهتمون للمواطن، لأن العقوبات فقط على المواطن الفقير".
ومع تضييق النظام بخفض كمية وقود التدفئة وزيادة سعرها، نشأت سوق سوداء للمنتفعين. وعلى الرغم من وضع آليات توزيع مازوت التدفئة على البطاقة الذكية على أساس الحد من الفساد، إلا أن الفساد يزداد تفشياً، وسعر المازوت المدعم قفز من 180 ليرة إلى 500 ليرة سورية، بينما يصل سعر الليتر في السوق السوداء إلى نحو 1500 ليرة.