تتجوّل مجموعة من الأطباء السوريين المقيمين في ألمانيا في أحد مراكز الإيواء المنتشرة في شمال غربي سورية، وذلك بين خيام المتضررين من الزلزال، يعاينون المرضى ويتابعون حالاتهم وينتقلون معهم إلى المستشفيات العامة لإجراء العمليات الجراحية للمحتاجين منهم.
دخل الوفد إلى مناطق شمال غربي سورية منذ عدة أيام، وبدأ أعماله على الفور في زيارة المستشفيات العامة ومراكز الإيواء على أمل تقديم خدمات طبية ومساعدة أفضل للمتضررين، إذ يتألف الوفد من خمسة أطباء من مختلف الاختصاصات وممرضين اثنين، ويعملون ضمن مشفى متنقل يتجول يومياً ضمن المناطق المتضررة من الزلزال المدمر.
يقول حمود الدغيم، وهو سوري يحمل الجنسية الألمانية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه موجود في الشمال السوري منذ أسابيع، وبعد حدوث الزلزال تواصل مع العديد من المنظمات المجتمعية والإنسانية في ألمانيا بهدف طلب المساعدة، وكانت استجابتهم أسرع من المتوقع، بسبب تعاضد وجاهزية الشباب السوريين والألمان للقدوم إلى هنا، وسهّلت الجمعية السورية الألمانية قدوم هذا الوفد بالتعاون مع العديد من المنظمات، ومن خلال هذا الدعم حصل الوفد على مستشفى متنقل يتجول في مناطق الشمال السوري.
ويضيف: "يضم المشفى العديد من الاختصاصات، وقد قدّم رعايته للأطفال والنساء وبعض الحالات الداخلية والعمليات الجراحية الخفيفة والمتوسطة، كما تم تزويد المرضى الذين خضعوا للعلاج بالأدوية اللازمة والتي تم نقلها من ألمانيا، ويأمل الوفد بالاستمرار بعمل المستشفى لوقت أطول بهدف الوصول إلى أكبر شريحة من المتضررين".
بدوره، يقول الدكتور مجاهد قحف، وهو طبيب ألماني سوري الأصل يعيش في ألمانيا منذ سنوات طويلة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الكارثة التي حصلت في الشمال السوري دفعتنا للتوجه فوراً إلى سورية ضمن وفد طبي يضم طبيب أمراض نسائية، وطبيباً عاماً، وطبيب داخلية، وطبيب طوارئ، وطبيب عظمية، ووصل عدد المستفيدين من العيادة الطبية لأكثر من 150 مريضاً".
أما محمد نور الدغيم، وهو ناشط سوري في مجال قضايا اللاجئين في ألمانيا، فوضع نفسه تحت تصرف المنظمات الطبية السورية والألمانية، التي يعمل أفرادها باليوم حوالي 12 ساعة وتمكنوا في أحد الأيام من الوصول لـ280 مريضاً، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن الوضع في سورية كارثي، فالبنية التحتية الطبية كانت هشة قبل حدوث الزلزال نتيجة الحرب التي عاشتها على مدار عشر سنوات، لكن أعضاء الفريق يتجولون بقدر استطاعتهم في مناطق جغرافية متعددة للوصول لأعداد إضافية من المرضى ويسعون اليوم لتأمين بعض الأدوية، إضافة للأدوية التي جلبها الفريق الألماني معه؛ فالمجال الصحي هنا بحاجة لرعاية ودعم دولي، وهناك نقص في الأدوية والمعدات والأجهزة الطبية، والحالات التي عاينها الفريق مؤلمة حقاً ولن يكون لها حل في القريب العاجل، بحسب الدغيم.
من جانبه، يقول الطبيب أحمد الحسن، وهو سوري أخصائي عناية مشددة - أطفال، حاصل على الجنسية الألمانية، ومقيم في ألمانيا منذ أكثر من 15 سنة، في حديث لـ"العربي الجديد": "نعرف كما يعرف الجميع أن الداخل السوري بحاجة إلى الأطباء ما قبل الزلزال، وبعد الزلزال أصبحت الحاجة أكبر من السابق، والنزوح الكبير الذي شهدته المنطقة بسبب الحملات العسكرية التي نفذتها قوات النظام، ووجود عدد كبير من المخيمات في الشمال السوري، وهذه المخيمات بحاجة إلى الرعاية الطبية، ولذلك قررنا المجيء إلى هذه المناطق للمساعدة طبياً ومادياً ومعنوياً".
ويرى من التقاهم "العربي الجديد" من الوفد السوري الألماني أن الحاجة الطبية في الشمال السوري كبيرة وتحتاج إلى تكاتف دولي، فالجهود الفردية رغم أهميتها لكنها تبقى حلولا إسعافية ويجب العمل على تقوية البنية الطبية لكي تكون قادرة على التعامل مع أي احتياج في شمالي سورية.