وسائل تخاطب

15 سبتمبر 2022
يتواصل النمل بطرق مختلفة (Getty)
+ الخط -

 

لا حقيقة لارتباط الحكاية الشائعة عن النملة وحبّة القمح بالنبي سليمان، لكن يتواصل تداولها بقصد الإشارة إلى أن للنمل، ومختلف الحشرات، لغة للتواصل مثل البشر.

ملخّص الحكاية أن حبة قمح استعصت على نملة صغيرة، فغابت لتأتي بمجموعة من النمل، ليقوم من يراقبها برفع الحبة. بحثت النملات عن الحبة، وعندما لم تجدها مضت إلا واحدة، فألقى لها بحبة القمح، ومجدداً حاولت حملها لكنها عجزت. تكررت عملية استدعاء الأخريات لرفع الحبة مرات أخرى، فما كان من المجموعة في المرة الأخيرة إلا أن قامت بالهجوم على النملة المسكينة، فأوسعتها عضاً، ومضت.

عثر عالم الحشرات السوداني، محمد عبد الله الريح، وهو بين طلابه في إحدى رحلات البحث، على نحلة متعثرة تحاول أن تطير فلا تستطيع. تدارسوا الأمر ليصلوا إلى فرضية أن النحلة ربما ضلت طريقها، فنفد منها الوقود (العسل) الذي يعينها على الوصول إلى وجهتها.

بعد قليل، جاءت نحلة أخرى تطير في خطوط دائرية، إلى أن اقتربت من النحلة المنهكة، لتفرغ نقطة من سائل أصفر في فمها، فأفاقت، لتقوم النحلة المغيثة بحملها، وتطير بها بعيداً.

الأمر يفسر بأنه لولا أن هناك صوت استغاثة صدر من النحلة المتعثرة لما جاءها الغوث. ذلك أن نحلات خلية النحل تتواصل في ما بينها لتبادل المعلومات حول أماكن وجود الأزهار، ومصادر الشرب، والأماكن المناسبة للتعشيش.

ويتمكّن النحل من التواصل بطريقتي التخاطب الكيميائي عن طريق الفيرمونات، والتخاطب الفيزيائي عن طريق الرقص، إذ يؤدّي النحل الكشّاف أنواعاً مختلفة من الرقصات اعتماداً على مدى قرب مصدر الطعام من الخلية، ويشي الرقص الدائري باتّجاه موقع الطعام، بينما تتحدد المسافة من الخلية عبر الرقص الاهتزازي. 

موقف
التحديثات الحية

وتوصل العلماء إلى أن يرقات النحل تفرز فيرموناتها الخاصة لتنبه الشغالات القائمات على رعايتها بحاجتها إلى الطعام، وإذا ما ازدحمت الخلية، فإن الملكة تقوم بإرسال كشافة للبحث عن خلية جديدة، وأثناء عملية الانتقال، تفرز الملكة فيرمونات للحفاظ على السرب من التشتت.

يمكننا ملاحظة أنه عندما تلتقي نملتان وجهاً لوجه، فإنهما تستخدمان قرون استشعارهما للتعرف إلى بعضهما، ذلك أن لكل نملة رائحة خاصة تدل على العش الذي تنتمي إليه، والوظيفة التي تؤديها في هذا العش، كما أنّ لكل نملة عدداً من الغدد أسفل البطن يختص كلّ منها بإيصال رسالة محددة لباقي أفراد السرب.

فعندما تعثر إحداها على مصدر للطعام، فإنّها تفرز مادة على طول المسار لترشد الأخريات إلى المكان، هذه المادة خاصة بمجموعة محددة لا يمكن أن تفهمها مجموعة أخرى. 

فهل يمكن تعلم كلّ ذلك، أم أنّه سلوك فطري اختص به الخالق هذه الكائنات؟

(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون