وزير المهجرين اللبناني يبحث في دمشق ملف إعادة اللاجئين السوريين

15 اغسطس 2022
وزير المهجرين اللبناني عصام شرف الدين (الأناضول)
+ الخط -

 

بحث وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عصام شرف الدين مع وزير الإدارة المحلية والبيئة في حكومة النظام السوري حسين مخلوف الخطّة الموضوعة من قبله لعودة اللاجئين السوريين (تصرّ السلطات اللبنانية على توصيفهم بالنازحين) إلى ديارهم بصورة آمنة وكريمة وطوعية، والإجراءات المتّخذة من قبل الجانب السوري لتوفير عودة آمنة وسريعة لهم وفق جداول زمنية محدّدة من قبل الجانبين.

وضمّ الوفد اللبناني الذي غادر سورية عائداً إلى بيروت، بعد ظهر اليوم الإثنين، إلى جانب شرف الدين، عضو المجلس السياسي ومنسّق الملف السوري في "الحزب الديمقراطي اللبناني" لواء جابر ومستشاره الإعلامي جاد حيدر.

وقال شرف الدين وفق البيان الموزّع من مكتبه الإعلامي إنّ "الدولة السورية أبدت استعداداً لاستقبال جميع الراغبين بالعودة مع التعهّد بتوفير جميع متطلباتهم من مساعدات وخدمات وإقامة وطبابة وتعليم وغيرها". أضاف أنّ "مرحلة التعافي التي بدأت تشهدها سورية أسهمت في تخفيض عدد مراكز الإقامة المؤقتة من 532 إلى 58 مركزاً موزعة في جميع المناطق السورية، ما يساعد في توفير عودة آمنة للنازحين السوريين".

وأكد الوزير اللبناني أنّ "المرحلة المقبلة ستشهد زيارات متتالية ولقاءات متعددة مع الجانب السوري للبدء بإنجاز المرحلة الأولى من الخطة بعد إعداد الدراسات الإحصائية اللازمة لعودة اللاجئين إلى القرى والبلدات الآمنة حتى لو فاق العدد أكثر من 15 ألف نازح شهرياً".

وكان شرف الدين قد صرّح لـ"العربي الجديد" إنّ "الخطة تتكيّف مع الإمكانية الاستيعابية للدولة السورية، إذ تنصّ على إعادة 15 ألف نازح من القرى والضواحي الآمنة كلّ شهر، أي نحو 180 ألف نازح في العام، على أن يكون هؤلاء تبعاً للاتفاقيات محميّين ومؤمّنة لهم مراكز إيواء مع كلّ مستلزمات العيش والحياة من بنى تحتية وكهرباء ومياه صرف صحي وطرقات ومدارس ونقل عام وغيرها"، مشدداً "نحن متفائلون بأن تكون الخطة قابلة للتطبيق".

في السياق نفسه، قال مصدر من ضمن الوفد اللبناني لـ"العربي الجديد" إنّ "الزيارة كانت إيجابية جداً، والوزير شرف الدين وضع أفكاراً جديدة لاقت إيجابية من قبل الجانب السوري الذي أبدى استعداداً كاملاً للتعاون واستقبال الأعداد التي تقبل العودة، على أن تكون آمنة وتضمن كامل خدمات العيش".

وأشار المصدر نفسه إلى أنّ "الجانبَين بحثا في تحديد المهام وتقسيم الأدوار، مع تنسيق ثنائي صريح على مستوى دولتَين، كذلك وُضعت النقاط على الحروف لجهة دور المنظمات الدولية والأممية الذي تقتضي مراجعته"، لافتاً إلى أنّه "لا يمكن وضع مهلة زمنية لتطبيق الخطة، فهذا الأمر يعود إلى المرجعيات اللبنانية ومدى جديّتها في التعاطي مع الملف وعدم تأخير البتّ به".

وكانت منظمات دولية من بينها "هيومن رايتس ووتش" انتقدت خطة الدولة اللبنانية لما أسمته "الإعادة القسرية للاجئين السوريين"، واصفةً إياها بأنّها "غير آمنة وغير قانونية". كذلك عارضت أن يعدّ لبنان ووزير المهجرين (وفق تصريحاته الأخيرة) سورية آمنة، متوقفةً عند ما واجهه اللاجئون السوريون الذين عادوا ما بين عامَي 2017 و2021 من لبنان والأردن من انتهاكات حقوقية جسيمة واضطهاداً على يد النظام السوري.

وأشارت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها أصدرته في شهر يوليو/ تموز الماضي، إلى أنّ أيّ "إعادة قسرية إلى سورية ترقى إلى مصاف انتهاك لبنان لعدم ممارسة الإعادة القسرية، إي إجبار الأشخاص على العودة إلى بلدان يواجهون فيها خطراً واضحاً بالتعرّض للتعذيب أو باقي أنواع الاضطهاد".

وقد رفع لبنان في الفترة الماضية من مستوى انتقاداته في ملف اللاجئين السوريين بوجه المنظمات الدولية المعنية، إذ دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المجتمع الدولي إلى التعاون مع لبنان لإعادة اللاجئين إلى بلدهم و"إلا سيكون للبنان موقف ليس مستحباً لدى دول الغرب وهو العمل على إخراج السوريين من لبنان بالطرق القانونية".

كذلك وجّه وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار رسالة عالية النبرة للجهات الدولية لتذكيرها بأصول التعاطي مع لبنان في هذا الملف. وقال: "سوق يكون لقاء مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإبلاغها بأمور عدّة تتعلق بالقوانين اللبنانية وكيفية التنسيق والعمل المشترك، لأنّ شعوراً ساد في المرحلة الأخيرة بأنّ العمل يحصل من دون تنسيق بل الاكتفاء بالتبليغ، علماً أنّنا الدولة المعنية والمستضيفة، ويجب التذكير بأصول التعاطي معنا في هذا الملف، وتحديداً بالملف الإنساني، وأين سيكون التعاطي بالملف السياسي".

وكانت صحيفة الوطن التابعة للنظام السوري قد أفادت بأنّ الزيارة تأتي بهدف البحث في خطة إعادة اللاجئين السوريين التي قدّمها مجلس الوزراء اللبناني سابقاً، وتسعى إلى تشكيل لجنة مشتركة مع الأمم المتحدة لوضع خريطة طريق لتسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم.

بالنسبة إلى لاجئين سوريين في لبنان، فإنّ الحاجز الأول أمام العودة إلى سورية هو المخاوف الأمنية المتعلقة بمعارضة النظام السوري سياسياً، أو التجنيد الإجباري في قوات النظام من أجل القتال ضدّ المعارضة في مناطق مختلفة.

خالد حمدون لاجئ سوري في طرابلس شمالي لبنان، قال لـ"العربي الجديد" إنّ "أسباب عدم العودة كثيرة، في مقدّمتها الواقع الأمني بالإضافة إلى المدن المدمرة. أضاف: "إذا أخرجوا مليشيات النظام والمجموعات المسلحة الداعمة له وكانت ضمانات بعدم الاعتقال، فسوف يعود قسم كبير من اللاجئين"، مؤكداً أنّ "الذين ما زالوا في لبنان باقون بمعظمهم بسبب المخاوف الأمنية والسبب ليس اقتصادياً".

من جهته، قال حسام الذي تحفّظ عن ذكر كنيته وهو كذلك لاجئ سوري في طرابلس لـ"العربي الجديد" إنّه لن يعود "طالما بقي النظام وطالما بقيت المليشيات هناك، فهذا هو سبب لجوئي إلى لبنان". ولفت إلى أنّه "في حال وجدت طريقة للسفر إلى بلد آخر فلن أبقى في لبنان".

ويعيش في لبنان مئات الآلاف من السوريين الفارين من النظام السوري، على خلفية الهجمات العسكرية التي شنّها على مدنهم وبلداتهم منذ عام 2011، وجلّهم من محافظتَي حمص وريف دمشق، علماً أنّ تقارير إعلامية تفيد بأنّ نحو مليون ونصف مليون سوري موجودون في لبنان ومعظمهم لاجئون.

وفي هذا الإطار، قال الباحث والمعارض السوري وائل علوان لـ"العربي الجديد" إنّ هذه الزيارة "تأتي في سياق التغطية على مشكلات لبنان من خلال موضوع اللاجئين السوريين، وهذه سياسة قديمة للحكومة اللبنانية والفاعلين في القرار اللبناني للهروب من استحقاقات ومشكلات داخلية"، مشيراً إلى أنّ "هذا ينعكس سلباً على اللاجئين السوريين".

وأضاف علوان أن "لبنان لا يستطيع الذهاب بعيداً في التعامل مع السوريين كما يتمنى النظام السوري، ولكنّ هذا التواصل معه يفاقم المشكلة بالنسبة إلى لبنان ولا يأتي بأيّ فائدة أو اختراق". وأشار إلى أنّ "النظام السوري لا يملك القدرة على استيعاب عودة اللاجئين، لأنّه عاجز اقتصادياً عن تلبية متطلبات الموجودين في مناطقه أصلاً".