قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الثلاثاء، إنّ برنامج تحويلات نقدية آلية ممول بشكل كبير من البنك الدولي تقوّضه أخطاء وسياسات تمييزية وقوالب نمطية عن الفقر.
وذكرت المنظمة أن هذا البرنامج يحرم الكثيرين في الأردن من الحصول على المساعدات، لأنّ المصاعب التي يواجهونها تقع خارج نموذج فقر معيب تُحدّده الخوارزميّات.
"البنك الدولي"/الأردن: خوارزميات استهداف الفقر تُضرّ بالحقوق https://t.co/zJ63XTCWA3
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) June 13, 2023
التقرير، الذي جاء بعنوان "'إهمال آلي: نهج البنك الدولي في تخصيص مساعدات نقديّة باستخدام الخوارزميّات يُهدّد الحقوق"، يستعرض كيف يُصنّف برنامج التحويلات النقديّة الآلية في الأردن المعروف بـ"تكافل" دخل ورفاهيّة الأسر الأردنيّة لتحديد من الذين ينبغي أن يستفيدوا من الدعم، وهو نهج يُعرف بـ"استهداف الفقر". وتغيّر اسم البرنامج منذ ذلك الحين إلى برنامج "الدعم النقدي الموحد".
ووفقاً للمصدر نفسه، تتسبب البرامج التي تستهدف الفقر، والتي يموّلها البنك الدولي في الأردن وسبعة بلدان أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حرمان الكثير من الناس من حقهم في الضمان الاجتماعي، حتى الذين يعانون من الجوع ويتخلّفون عن سداد الإيجار ويرزحون تحت ديون كبيرة.
حرمان الكثير من الناس من حقهم في الضمان الاجتماعي، حتى الذين يعانون من الجوع، ويتخلّفون عن سداد الإيجار، ويرزحون تحت ديون كبيرة
وذكر التقرير أن هذا النهج يستبعد بعض المحتاجين، مثل أصحاب المهن المتواضعة، في بلد يبلغ عدد سكانه 11 مليون نسمة، ويستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، وهو ما يتسبب في ارتفاع معدلات الفقر.
قال آموس توه، الباحث في مجال التكنولوجيا وحقوق الإنسان بالمنظمة: "كثيرون في الأردن لا يحصلون على دعم مالي لأن المصاعب التي يعيشونها لا تتناسب مع معنى الفقر، كما يُحدّده نموذج الخوارزميات الصارم". وأضاف "ينبغي على البنك الدولي ألا يدع الوعد بتوفير بيانات وتكنولوجيا أفضل يصرف الانتباه عن إصلاحات الحماية الاجتماعية اللازمة لمنح الجميع فرصة لعيش حياة كريمة".
وبحسب البنك الدولي، فإن معدل الفقر في الأردن، والذي يشير لنسبة السكان الذين لا يمتلكون ما يكفي من المال لتلبية الاحتياجات الأساسية كالغذاء والملبس والمأوى، ارتفع من 14 بالمائة عام 2010 إلى ما يقرب من 16 بالمائة في 2019.
وذكر التقرير أن (صندوق المعونة الوطنية) في الأردن، وهو الجهة المسؤولة عن الحماية الاجتماعية، يقيّم أولاً ما إذا كانت الأسر المتقدمة للحصول على مساعدات استوفت معايير الأهلية الأساسية للبرنامج، مثل أن يكون المعيل مواطناً أردنياً، وتعيش أسرته تحت خط الفقر.
وبالنسبة للأسر التي تستوفي المعايير، يطبق الصندوق بعد ذلك خوارزمية تستخدم 57 مؤشراً اجتماعياً واقتصادياً لتقدير دخلها وثروتها، وتصنيفها من الأقل إلى الأكثر فقراً.
توزع المساعدات النقدية على الأسر التي تعتبر الأكثر فقراً، بحسب ما يسمح به التمويل المتاح. وأقر الصندوق بأن العائلات التي تمتلك سيارات عمرها أقل من خمس سنوات أو مشروعات تجارية بقيمة 3 آلاف دينار (4200 دولار أميركي) أو أكثر تستبعد تلقائياً.
وقالت المنظمة إن هذه العملية "تحرض الأسر ضد بعضها البعض، وتزيد التنافس والتوتر الاجتماعي ووجهات نظر واسعة النطاق بالإجحاف".
ونقل التقرير عن صاحب متجر خياطة صغير وسط مدينة عمان شكوكه في أن متجره كان سبباً محتملاً لحرمانه من الدعم، على الرغم من الخسائر التي تراكمت عليه أثناء جائحة فيروس كورونا، والتي أجبرته على اقتراض 12 ألف دينار أردني (16900 دولار) لتغطية فواتير الكهرباء والإيجار واحتياجات أساسية أخرى.
وقال التقرير: "قد تكون فرصة العائلات التي تستهلك مزيداً من المياه والكهرباء أقل في الحصول على الدعم، بموجب مؤشر يحلل مواصفات السكن".
ودعت "هيومن رايتس" الحكومة الأردنيّة إلى إصلاح برنامج تكافل على وجه السرعة، والبناء على البرامج الحاليّة لإنشاء نظام حماية اجتماعيّة شامل يحمي من انعدام الأمن في الدخل طيلة حياة الإنسان، بما في ذلك أثناء مراحل الحياة المشتركة مثل الشيخوخة والبطالة والمرض ورعاية الأفراد المُعالين. كما طالبت بالكشف بالكامل عن معايير اتخاذ القرار المعتمد في خوارزمية الاستهداف، وإجراء عمليات تدقيق منتظمة وشفافة.
وبحسب المنظمة، يتعيّن على البنك الدولي دعم البلدان المقترضة في تحقيق التحوّل إلى الحماية الاجتماعية الشاملة، بما يتماشى مع التزامه بتحقيق هذا الهدف بحلول 2030، مشيرة إلى أنه ينبغي أن يشمل هذا تمويل التكنولوجيا ذات الصلة، مثل سجلات السكّان وقواعد بيانات الإحصاء الحيويّة.
وقال توه: "ينبغي ألا يعتمد الحق في الضمان الاجتماعي على تقييمات ذاتيّة وقابلة للخطأ بشأن الرفاهيّة الماليّة للأفراد. يتعين على البنك الدولي تمويل التكنولوجيا التي تدعم الحماية الاجتماعيّة الشاملة، بدلاً من تقويضها".