عشر سنوات على أعمال الشغب في لندن وما زالت هوة تفصل بين الشرطة والأقليات

06 اغسطس 2021
تحرك سابق ضد عنصرية الشرطة في لندن (غاي سمولمان/ Getty)
+ الخط -

بعد عشرة أعوام على أعمال الشغب العنيفة التي هزّت المملكة المتحدة على أثر مقتل شاب برصاص الشرطة في لندن، ما زالت الريبة قائمة بين الأقليات الإثنية وقوات حفظ النظام، مهدّدة باشتعال الوضع من جديد.

في الرابع من أغسطس/ آب من عام 2011، قُتل مارك دوغان، وهو أب لستة أطفال ويبلغ من العمر 29 عاماً، برصاص شرطي بعد عملية مطاردة. فأشعل مقتله حيّ توتنهام حيث كان يسكن في شمال العاصمة البريطانية.

وعلى خلفية الصعوبات الاقتصادية، انتشرت أعمال شغب في كامل البلاد، متسبّبة في خمسة قتلى وبأضرار مادية جسيمة. وخلص القضاء إلى أنّ الشرطيّين تصرّفوا "بطريقة مشروعة" بفتحهم النار على الشاب (وهو خلاسي) ظناً منهم أنّه مسلح لكنّه تخلّص من مسدسه قبل لحظة. لكنّ الشرطة نفسها أقرّت بأنّه ما زال يتحتم عليها "القيام بالكثير" لتحسين علاقتها بالمواطنين السود.

وقبل عشرين عاماً، صدر تقرير مهم حول مقتل فتى أسود في خلال عملية إطلاق نار عنصرية، وصف شرطة لندن بأنّها "عنصرية في أسسها نفسها". كذلك ندّد تقرير برلماني صدر أخيراً بـ"الفوارق العرقية غير المبرّرة المستمرة والمتجذّرة" في صفوف قوات حفظ النظام، مشيراً إلى "فشل نظامي" في مكافحة التفاوت المستمر في المملكة المتحدة، فقد نظّمت حركة "بلاك لايفز ماتر" (حياة السود مهمة) تظاهرات ضخمة في العام الماضي.

ومن النقاط الخلافية الأساسية عمليات "التوقيف والتفتيش" التي سمحت لقوات حفظ النظام بتنفيذ 74 ألف عملية اعتقال و11 ألف عملية ضبط أسلحة في العام الماضي. ولمدّة عام واحد حتى مارس/ آذار 2020، كان السود معرّضين أكثر بتسع مرات من البيض لمثل تلك العمليات في إنكلترا وويلز.

ويوضح كين هيندز، الذي يقود مجموعة لمراقبة ممارسات الشرطة في حيّ هارينغاي في لندن الذي كان بؤرة لأعمال الشغب في عام 2011، أنّ العلاقات "في أدنى مستوياتها" بين الشرطة والمواطنين السود، في ظلّ وتيرة عالية من عمليات تبديل مسؤولي الشرطة وتعاقب عمليات التوقيف المشددة. يضيف هيندز لوكالة "فرانس برس"، أنّ "أيّ عبرة لم تُستخلص. ما نحسّنه اليوم يصير هشّاً في اليوم التالي".

وخلص تقرير عُدّ موضع جدال، صدر أخيراً حول التباين العرقي، إلى أنّ المملكة المتحدة هي "نموذج للدول الأخرى ذات الغالبية البيضاء بين سكانها". لكنّ الأقليات تعاني من نسبة تمثيل متدنية في صفوف الشرطة، لا سيّما على مستوى القيادة، وهي تمثّل 7.6 في المائة فقط في شرطة إنكلترا وويلز، في حين تمثّل 14 في المائة من مجموع السكان. من جهتها لفتت جمعية "إنكويست" إلى أنّ المتحدّرين من الأقليات يمثّلون نسبة أعلى من حجمهم الفعلي بين الوفيات الناجمة عن استخدام القوة من قبل الشرطة.

في الإطار نفسه، وبحسب تقرير لمركز الدراسات "هنري جاكسون سوسايتي"، الذي يُوصف بأنّه يميني، فإنّ 57 في المائة من البريطانيين السود يرون أنّ الشرطة تعاملهم بطريقة غير عادلة. ويوضح هيندز أنّ كثيرين من سكان هارينغاي ينظرون إلى قوات حفظ النظام كـ"قوة احتلال". يضيف أنّه "ليس هناك احترام للشرطة"، لافتاً إلى أنّ الأمور لن تتبدل طالما أنّ هؤلاء يُعامَلون بطريقة مختلفة.

من جهته، يشير النائب العمالي من توتنهام ديفيد لام، الذي أصدر كتاباً في عام 2017 حول التباين في النظام الجنائي، إلى أنّ الاقتطاعات من الميزانية التي تطاول الشرطة والجمعيات قد تؤدّي مجدداً إلى الظروف التي أدّت إلى أعمال الشغب. وقد كتب في صحيفة "ذي غارديان" البريطانية أنّه "بفشله في تطبيق تدابير مصممة لمعالجة الاستياء داخل المجتمع"، فإنّ رئيس الوزراء بوريس "جونسون قد يدع شرارة تشعل الوضع".

وبينما يشير وزير الدولة المكلف بالشرطة كيلت مالتهاوس إلى "تحسّن كبير"، لا يخفي أنّه "ما زال يتعيّن القيام بالكثير". كذلك يقرّ أحد كبار مسؤولي الشرطة في لندن ستيفن هاوس بأنّ سكان العاصمة السود هم الذين يبدون له أقلّ قدر من الثقة، لكنّه يؤكد أنّ تجنيد ضباط من الأقليات وبرامج التدريب قد يحدثان تغييراً "من الداخل" في شرطة العاصمة ويؤديان إلى الفوز بثقة الأقليات جميعها.

(فرانس برس)

المساهمون