هل دفع الأموال للسكان قبل وقوع الكوارث المناخية يقلل من حجم الخسائر؟

12 أكتوبر 2024
ياغي أقوى إعصار يضرب جنوب شرق آسيا، فيتنام، 10سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة يُعتبر حلاً فعّالاً لمواجهة الكوارث المناخية، حيث يتيح للمتضررين الحصول على الدعم المالي بسرعة، مما يساعدهم في الاستعداد والتعامل مع آثار الكوارث بشكل أفضل، وقد تم اختباره بنجاح في دول مثل إثيوبيا والصومال وبنغلادش.

- برنامج "غيف دايركتلي" يستخدم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحديد الأسر الأكثر عرضة للكوارث وتقديم الدعم المالي لها مسبقاً، كما حدث في نيجيريا وموزمبيق وبنغلادش، مما ساعد في تقليل الأضرار.

- يواجه هذا الحل تحديات مثل الحاجة إلى توقعات دقيقة للظواهر المناخية وتجاوز القيود السياسية، مع التأكيد على أهمية تكامل المساعدات الفردية مع الجهود الأكبر في تمويل البنى التحتية.

بعيداً عن الإجراءات الروتينية للتمويل الدولي، يبرز حلّ بسيط للحماية من الكوارث المناخية التي قد يتعرض السكان لها، يتمثل في تحويل مبالغ محدودة إليهم عبر هواتفهم المحمولة، مباشرة بعد وقوع الكارثة أو قبل حدوثها أيضاً، إذ يقول الباحث في "سنتر فور غلوبال ديفلوبمنت" رانيل ديساناياكي، عند مواجهة فيضان أو إعصار أو حرائق ضخمة، "كلما حصل المتضرر على الأموال بشكل أسرع، كان ذلك أفضل". مشيراً إلى أن الحل الأفضل في دفع المبلغ قبل وقوع الكارثة.

ويقول ديساناياكي إنّ "المستفيدين يمكنهم بذلك إعداد أماكن للإقامة فيها أو تخزين الطعام أو الانتقال إلى مناطق آمنة"، مضيفاً "تخيّلوا التغيير الذي يمكن أن يحدثه هذا الحلّ عند العمال في شمال الهند الذين إذا تلقوا مساعدة قبل موجة حرّ متوقعة تصل درجة الحرارة فيها إلى 50 درجة، فلن يضطروا إلى العمل" في ظل هذه الظروف.

دعم يخفف من الكوارث المناخية

هذا النوع من التدخل "الوقائي" قبل وقوع الكوارث المناخية، الذي أعلنته المنظمات الإنسانية قبل سنوات في سياقات أخرى، يوصي به عدد من الخبراء بينهم الخبيرة الاقتصادية الفرنسية إستير دوفلو، لكنّ اعتماده لا يزال نادراً خلال الظواهر المناخية التي يُتوقَّع أن تصبح أكثر حدة وتكراراً. ومع ذلك، سبق أن اختُبرت عمليات الدفع المباشر عن طريق الهواتف المحمولة أو بطاقات السحب.

ونفذت الأمم المتحدة عشرات الإجراءات التجريبية في إثيوبيا والصومال اللتين ضربتهما موجات جفاف، وفي بنغلادش حيث حصلت أكثر من 23 ألف أسرة عام 2020 على 53 دولاراً في الأسبوع الذي سبق ذروة فيضان ضخم.

وتقول الباحثة في مركز دراسة الاقتصادات الأفريقية في جامعة أكسفورد آشلي بوبل التي درست مثال بنغلادش "ثمة إجماع على نجاح هذه الطريقة، وإن دفع الأموال نقداً في مرحلة استباقية له فائدة اجتماعية متزايدة، إذ يتم توفير المساعدة في الأوقات الصعبة". وبحسب دراستها، كان المستفيدون قادرين على توفير المؤن وحماية حيواناتهم ووسائل عيشهم. أما في ما يخص الأسر التي لم تستفد من هذه الميزة، فازداد خطر بقائها من دون طعام ليوم واحد بنسبة 52 %.  وتشير بوبل إلى أنه عندما تقع كارثة ما "يفكّر عدد كبير من بنوك التنمية في طريقة مساعدة الحكومات سريعاً، من دون إيلاء اهتمام إلى طريقة توصيل الأموال سريعاً إلى الأشخاص الأكثر تضرراً".

الذكاء الاصطناعي لمواجهة الكوارث المناخية

ويعمل برنامج "غيف دايركتلي" الأميركي منذ العام 2020 في بنغلادش وجمهورية الكونغو الديمقراطية وحتى في ملاوي، من خلال تحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة إلى السكان الذين يواجهون أزمات (صراعات، نزوح...).

وفي حين تخشى نيجيريا تسجيل فيضانات مرة جديدة هذا الخريف، تم تسجيل 20 ألف أسرة مسبقاً، وستحصل أكثرها تعرضاً للفيضانات على 320 دولاراً قبل ثلاثة أيام أقله من ذروة الفيضانات. ولتحديد هذه الأسر، تستند المنظمة غير الحكومية بالشراكة مع "غوغل"، إلى مجموعة من صور الأقمار الاصطناعية وخرائط الفيضانات باستخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الإدارية والمسوحات الميدانية. وفي موزمبيق، تلقت أكثر من 7500 أسرة 225 دولاراً من خلال هذا البرنامج قبل ثلاثة أيام من حدوث فيضان عام 2022. وفي بنغلادش، حصل 15 ألف شخص على 100 دولار قبل فيضان نهر جامونا سنة 2024. 

ولا يخلو هذا النوع من الحلول من قيود وتحديات. وتقول بوبل "نحن في حاجة إلى توقّعات دقيقة ومفصلة بما فيه الكفاية، ومن الأفضل أن تكون على مستوى قرية أو مجتمع محلي"، في إشارة إلى عمل "غوغل" في هذا الاتجاه بشأن الفيضانات. ويصعب توقّع بعض الظواهر المناخية السيئة، ولا سيما الأعاصير، بسبب تغير اتجاهاتها.

ويقول ديساناياكي "نحن قادرون على توقّع بعض الكوارث في أماكن معينة، لكن في ما يخص أخرى، ثمة حاجة إلى مزيد من الاستثمارات، خصوصاً في محطات الأرصاد الجوية"، مشيراً إلى ضرورة رفع "القيود السياسية"، قائلاً "يجب أن نعترف صراحة بأن هذا الحل جزء من أدوات الاستجابة للتغير المناخي وتمويلها بشكل فعّال"، مضيفاً "حتى لو كانت هذه الخطوة لا تعفي من تمويل البنى التحتية وعمليات النقل والسدود... يمكن للمساعدات الفردية أن تشكل جزءاً كبيراً من الحل، لكنها نادراً ما تكون كافية".

(فرانس برس)

المساهمون