انشغل العالم خلال أكثر من عامين بفيروس كورونا متجاهلاً أمراض الطقس البارد، وهذا العام تتغير الصورة تماماً بعد نجاح أغلبية الدول بتطعيم سكانها ضد كورونا، ومع بدء فصل الخريف وتراجع درجات الحرارة، ترتفع مخاوف العديد من الأشخاص من التعرض لنزلات البرد، وما يصاحبها من أمراض كالأنفلونزا الموسمية.
وتقدر منظمة الصحة العالمية أن الأنفلونزا الموسمية تقتل ما بين 290 ألفاً و650 ألف شخص سنوياً. ووفق بيانات جمعتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الأميركية من عام 2010 إلى عام 2020، فإن الأنفلونزا تسببت في وفاة ما بين 12 ألفاً و52 ألف شخص سنوياً في الولايات المتحدة، كما تسببت أيضاً في إصابة ما بين 9 ملايين و41 مليون شخص، وما بين 140 ألفاً و710 آلاف حالة دخول إلى المستشفيات.
ترسم هذه الأرقام صورة واضحة حول تأثيرات موسم البرد عالمياً، لذا فمن الجيد اتباع سلسلة النصائح أو الإرشادات التي تساعد في حماية الجهاز المناعي، وتخفيف تأثيرات الأمراض الموسمية.
وحسب أخصائي الصحة العامة غسان فران، فإن موسم البرد يحتاج إلى عناية خاصة نظراً لإمكانية انتشار أنواع العدوى، خاصة بعد عامين عانى فيهما العالم من جائحة كورونا صحياً ونفسياً واجتماعياً، ويضيف متحدثاً لـ"العربي الجديد": "بالنسبة لكيفية الوقاية من أمراض البرد، لا بد من التمييز بين المناطق الجغرافية، ففي المناطق الجافة يحتاج الجهاز المناعي إلى استراتيجية مختلفة عن الأماكن الساحلية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المناطق الجبلية، وتعد التدفئة العامل الأساسي للحفاظ على الصحة العامة والوقاية من الأمراض".
وينصح فران بضرورة عدم التعرض للبرد، قائلاً: "السير تحت المطر أو الثلج من دون ارتداء الألبسة الواقية، أو التدفئة الجيدة، وتجاهل تناول المأكولات الصحية، يجعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض. الغذاء السليم، وتناول الفيتامينات، وممارسة الرياضة، تعد الأسس التي يجب على الناس اتباعها خلال فصل الشتاء".
وتنصح أخصائية التغذية سالي السيد بضرورة تناول أطعمة متنوعة تحتوي على مختلف العناصر المعدنية والفيتامينات التي تساعد في تقوية مناعة الجسم خلال فصل الشتاء، ومن ضمنها الأطعمة التي تحتوي على فيتامين سي، بما في ذلك الحمضيات، والفلفل الأخضر، والنباتات الورقية، كما تنصح بتناول الحساء الساخن، سواء المحضر من البقوليات أو من الخضروات، لأنه يساعد في تقوية جهاز المناعة، كما يعتبر الزنجبيل والعسل والتمر من العناصر الغذائية الأساسية التي تساعد في الوقاية من أمراض البرد.
ويشير تقرير لموقع "Healthline" الطبي الأميركي، إلى أن تناول المأكولات التي تحتوي على أوميغا 3، يساعد في إنتاج البروتينات التي تعزز وظيفة المناعة في الجسم.
كما يشير تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إلى أهمية تناول الأطعمة التي تحتوي على "الفلافونويد"، ومنها التوت، والأطعمة حمراء اللون، ويعرف الفلافونويد بأنه مجموعة من المواد الطبيعية التي توجد في الفواكه والخضروات والحبوب، والتي لها آثارها المفيدة لصحة البشر.
ويقول أخصائي الأوبئة والأمراض المعدية أمين العلي، لـ"العربي الجديد": "من المهم تناول الفيتامينات، سواء الفيتامينات الطبيعية الموجودة في الأغذية، أو الفيتامينات المصنعة، وهي ضرورية للوقاية من نزلات البرد، وتقوية الجهاز المناعي. وتعد فيتامينات سي، وايه، والزنك مهمة للغاية، وللحصول على المزيد من حمض الفوليك يمكن تناول بقوليات مثل الفاصوليا والعدس، والخضروات الورقية، فضلاً عن إمكانية الحصول عليه على شكل أقراص، كما يعد الحديد سبباً في زيادة الوقاية من أمراض البرد، إذ يلعب دوراً هاماً في نقل الأكسجين إلى الخلايا، ما يعزز الجهاز المناعي".
وعلى الرغم من الفوائد العديدة لممارسة الرياضة، ومنها تحسين الصحة النفسية والجسدية، فإن التمارين اليومية تساعد في الوقاية من الالتهابات البكتيرية والفيروسية وتقوية جهاز المناعة، وتظهر الأبحاث أنه عندما يتعلق الأمر بتعزيز المناعة، فإن التمارين معتدلة الشدة هي الأفضل، وممارسة الرياضة المعتدلة إلى الشديدة لمدة 60 دقيقة يعمل على تعزيز المناعة.
ووفقاً لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية، يجب أن يمارس البالغ ما لا يقل عن 150 دقيقة أسبوعياً من النشاط البدني متوسط الشدة، أو 75 دقيقة من النشاط البدني القوي لتعزيز جهاز المناعة. وتوصي الوزارة بضرورة ممارسة أنشطة تقوية العضلات لمدة يومين على الأقل في الأسبوع، على أن تشمل مجموعات العضلات الرئيسية في الجسم.
وينصح الطبيب غسان فران بضرورة تجهيز أماكن دافئة خلال فصل الشتاء، وتحديداً للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، وكبار السن، لأن إمكانية إصابتهم بنزلات البرد مرتفعة، كما ينصح بضرورة عدم تعريض الأطفال خلال الشتاء لتيارات الهواء، أو موجات الصقيع، لأن مناعتهم ضعيفة نسبياً.
ويؤكد فران أن "التدفئة ضرورية وأساسية، سواء في أماكن العمل، أو المنازل، وتشمل تدفئة الأماكن، وتدفئة مياه الاستخدام اليومي، كما أن النوم لفترات تراوح بين 6 و8 ساعات يومياً يساعد أيضاً في تعزيز المناعة".