تعيش أكثر من مئة عائلة سورية، منذ عام، في إحدى القرى المنشأة بالقرب من مدينة سرمدا، والتي انتقلوا إليها من مخيمات خصصت للنازحين.
وتتشارك العائلات مباني القرية وكذلك معاناة فقدان البصر، إذ لا تخلو عائلة من وجود أفراد مكفوفين فيها، ورغم انتقالهم من حياة المخيمات إلى البيوت الإسمنتية، غير أن معاناتهم لم تنته في ظل النقص في الخدمات.
يقول عامر المحمود، مدير القرية السكنية، لـ"العربي الجديد": "جرى اختياري مديرا كوني أحد المكفوفين المقيمين بالقرية، لأن الكفيف قادر على نقل معاناة أقرانه بشكل أوضح للمنظمات الإنسانية، لكننا ما زلنا نعيش ذات الأزمة، التي تتمثل في نقص أهم الاحتياجات الرئيسية".
ويشيد المحمود بمستوى الإقامة في المباني السكنية مقارنة بالمخيمات، مضيفا: "لكننا بحاجة لخدمات إضافية مثل النقطة الطبية"، مشيرا إلى أن سكان القرية من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويستحيل انتقالهم من مكان إلى آخر من دون مرافق، ويصعب عليهم التنقل نحو النقاط الطبية والمشافي البعيدة".
ويقول أبو محمد، كفيف يعيش في القرية، لـ"العربي الجديد": "لدي عائلة مؤلفة من 7 أطفال، وتأمين قوتهم اليومي ليس بالأمر السهل، إذ يستحيل علي العمل، وأعيش على المساعدات الإنسانية، سكان هذه القرية بحاجة ماسة لتوزيع الخبز المجاني وسلال الإغاثة الدورية على أقل تقدير".
ويضيف أبو محمد أن "سكان القرية بالأصل من المهجرين، ما يعني أنهم خسروا كل أملاكهم وعقاراتهم في بلداتهم الأصلية، ولم يعد لديهم ما يعيشون منه، وعندما يكون رب الأسرة كفيفا، يستحيل عليه تنفيذ أي عمل يدر دخلا ماديا، ما يعني أن عائلته ستموت جوعاً إن لم تتكفل به إحدى الجهات الإنسانية".
أما رائد المصطفى، فقد تعرض لإصابة حربية فقد على أثرها نظره، وتغيرت حياته تماما بعد الإصابة، موضحا لـ"العربي الجديد": "تحولت في لحظة من شخص منتج لشخص يحتاج من ينفق عليه وعلى عائلته"، مضيفا: "إقامتنا في هذا المكان جيدة، تخلصنا من العثرات والحفر التي كانت تعترض طريقنا في المخيمات، وجرى تزويد منازلنا بلوحات مكتوبة بلغة برايل حتى نتمكن من التعرف عليها، لكن هذا ليس كل شيء، نحن بحاجة لموارد مادية ثابتة، لا تمكن مقارنتنا بأي مهجر آخر، إذ يستحيل أن يعثر المكفوف على أي فرصة عمل، ما يعني أنه سيبقى وعائلته عرضة للفقر والجوع، ما لم تتحرك إحدى الجهات الإنسانية لدعم القرية".
ولم تمنع الشهادة الجامعية الكفيف أيمن العبود من الوقوع في براثن البطالة، إذ قال لـ"العربي الجديد": "أملك شهادة جامعية، لكن لم أتمكن من العثور على أي فرصة عمل، نحاول أن نكون أشخاصاً منتجين في المجتمع لكن ليس باليد حيلة".
وتوثق الجهات الإنسانية في إدلب وجود أكثر من 3200 كفيف نتيجة تعرضهم لإصابة حرب أو نتيجة عمى يرافقهم منذ الولادة، ويشكو أغلبهم من قلة اهتمام الجهات الإنسانية بمعاناتهم.