جدّدت النقابة العامة لأطباء مصر مطالبة الحكومة بضرورة إيجاد حلول سريعة في ظل العجز الذي تعانيه المستشفيات الحكومية والجامعية المصرية، بعدما تجاوز النقص في الكوادر الطبية أكثر من 40 في المائة، علماً أن الرقم مرشّح للارتفاع خلال الأيام المقبلة. وقال نقيب الأطباء المصريّين حسين خيري إنّ هذا الأمر بات يثير قلق القطاع، وخصوصاً أنّ مئات الأطباء يقدّمون استقالاتهم من المستشفيات الحكومية سنوياً، بسبب نقص الحوافز المقدمة إليهم، لافتاً إلى أن الكثير من التخصصات الطبية بات غير موجود في المستشفيات، مثل جراحة الدماغ والأعصاب والتخدير والغدد والأوعية الدموية والعناية المركزة، وهو ما أدى إلى تعطّل العمل في العديد من المستشفيات من جراء هذا النقص.
ويُطالب خيري بضرورة وضع محفّزات مالية وإدارية للتخصصات النادرة، وزيادة موازنة القطاع الصحّي لتوفير الأدوية وغيرها من المستلزمات، بالإضافة إلى توفير المعدات الوقائية للأطباء، خصوصاً بعد ورود الكثير من الشكاوى من أطباء تحدثوا عن وجود نقص في بعض المستلزمات الأساسية للوقاية من كورونا خلال عملهم مع مصابين بالفيروس.
أزمة
من جهته، يقول أحد المسؤولين في النقابة، إن تصريحات رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، أمام الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، عن وجود 60 في المائة من خريجي كليات الطب يعملون خارج البلاد، تعدّ اعترافاً من قبل الحكومة بوجود أزمة كبيرة بعدد الأطباء في المستشفيات، مؤكّداً أنّ هذا العجز أثّر بشكل سلبي ومباشر على صحة وسلامة المرضى، وجعل جميع المترددين على المستشفيات الحكومية والجامعية من الفقراء ومتوسطي الدخل يصرخون لعدم وجود من يداويهم، موضحاً أن استقالات الأطباء خلال السنوات الأخيرة تجاوزت الـ 7 آلاف بدءاً من عام 2016، الأمر الذي أكدته وزيرة الصحة هالة زايد.
استقالات
ويعزو تراجع العمل في بعض المستشفيات إلى نقص عدد الأطباء، مشيراً إلى أن تلك الأعداد مرشّحة للارتفاع، في حال لم تتحسن ظروف عمل الأطباء في مصر وترفع رواتبهم. ويرى أستاذ الأمراض الصدرية في جامعة عين شمس عادل خطاب، أنّ نسبة الاستقالات المرتفعة من قبل الأطباء ترتبط بعدم وجود إجازات من دون راتب، الأمر الذي سيؤدي إلى خلو المستشفيات من الأطباء بسبب تدني الأجور؛ إذ إن راتب الطبيب لا يتجاوز الـ 5 آلاف جنيه (نحو 317 دولاراً أميركياً)، مقارنة بآلاف الدولارات التي يتقاضاها في دول عربية مثل الصومال. يضاف إلى ما سبق الاعتداء المستمر على الأطباء في معظم المستشفيات من جراء النقص في الإمكانيات، الأمر الذي يغضب المرضى وذويهم، لينصب هذا الغضب على الأطباء وحده. كما أن كلفة الدراسات العليا تعد مرتفعة، مقارنة بدخل الطبيب المتدني. ويقول إن الأطباء المصريين العاملين في الخارج أصبح عددهم أكبر من عدد الأطباء العاملين في الداخل.
وكان عضو مجلس النواب طارق متولي قد تقدم بطلب إحاطة إلى مدبولي، ووزيرة الصحة هالة زايد، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي خالد عبد الغفار، حول استمرار ظاهرة هروب الأطباء إلى الخارج. وأكد أن الوضع الاقتصادي للأطباء يعد عائقاً كبيراً؛، فالطبيب الشاب يحتاج إلى مواصلة الدراسة ومواكبة التطورات بعد التخرج، وهو أمر صعب ومكلف. كما أنه يحتاج إلى مستوى عيش معقول، ما يضطره إلى العمل في أكثر من مستشفى لتأمين دخل مناسب. بالإضافة إلى ما سبق، أصبح الطبيب أكثر عرضة للإهانة أو الاعتداء بالضرب من قبل ذوي المرضى وعائلاتهم، في ظل نقص التجهيزات في المستشفيات، إذ يحملونه مسؤولية كل المشاكل وإن كانت خارج نطاق مسؤولياته، بل غالباً ما يكون هو أيضاً ضحية.
لا حماية
أحد العوامل التي قد تدفع الطبيب المصري إلى مغادرة بلاده يتمثل في تدني الأجور وعدم وجود حماية له أثناء العمل، وسوء بيئة العمل من نقص في المستلزمات وبعض الأدوية التي تؤدي إلى اعتداء المواطنين على الأطباء، مع عدم وجود حماية من الأجهزة المعنية، في مقابل تسهيلات في دول أجنبية.