"نفايات مقابل النقود".. مبادرة للحد من القمامة في لبنان

03 يوليو 2023
450 طناً من المواد القابلة لإعادة التدوير استقبلها مركزا درايف ثرو (جوزيف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

في إحدى ضواحي بيروت يقف سائقون عند صف مخصص للسيارات حصراً، ليس لشراء وجبات سريعة بل لتسليم مخلفاتهم من البلاستيك والورق في مقابل مبالغ نقدية، في مشهد غير مألوف في بلد يعاني منذ سنوات أزمات على صعيد إدارة النفايات.

وغالباً ما تفيض المكبّات في لبنان بالنفايات التي تُحرق بشكل غير قانوني في محارق غير رسمية، فيما تصب كميات كبيرة من القمامة في مياه لبنان الواقع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط.

وقد تراجعت أنشطة إعادة التدوير التي تديرها الدولة في بلد يواجه انهياراً اقتصادياً وُصف بأنه من الأسوأ في العالم منذ حوالى أربع سنوات.

الصورة
إعادة تدوير النفايات في لبنان (جوزيف عيد/فرانس برس )
الكيلوغرام الواحد من الورق المقوّى يساوي 2000 ليرة لبنانية (جوزيف عيد/فرانس برس)

ويقول بيار بعقليني (32 عاما)، مؤسس شركة "إدارة نفايات لبنان": "كانت الحكومة في السابق مسؤولة عن هذا القطاع لكنّها الآن مفلسة".

وأطلق بعقليني أول محطة لإعادة التدوير تحمل اسم "Drive Throw" ("درايف ثرو") قبل حوالى عام، ثم افتتح محطة ثانية في فبراير/شباط في منطقة برج حمود، وهي منطقة على تخوم بيروت تضمّ مطمراً ضخماً للنفايات.

في حين تكسب فئة من أفقر فقراء لبنان قوتها من خلال البحث داخل حاويات القمامة عن أيّ شيء يمكنها بيعه لإعادة التدوير أو استخدامه كخردة، يوضح بعقليني أن زبائن خدمته هم عموماً أشخاص يتمتعون بوعي بيئي ولديهم "مدخول كاف".

يقود الناس سياراتهم إلى المحطة، ويسجلون تفاصيلهم الشخصية ويضعون على منضدة أكياساً وصناديق من مواد قابلة لإعادة التدوير تم فرزها. ويتلقى العمال أنواعاً شتّى من المواد، من الورق المقوّى إلى البلاستيك والزجاج والمعدن والنفايات الإلكترونية والبطاريات وحتى زيت الطهي المستخدم.

الصورة
إعادة تدوير النفايات في لبنان (جوزيف عيد/فرانس برس )
تسببت قلة الكفاءة والفساد في أزمة نفايات كبرى في لبنان عام 2015 (جوزيف عيد/فرانس برس)

وفي المكان قائمة بالأسعار، تُظهر على سبيل المثال أنّ الكيلوغرام الواحد من الورق المقوّى يساوي 2000 ليرة لبنانية (حوالى سنتين من الدولار)، في حين أن الكيلوغرام الواحد من علب الألمنيوم يساوي 50 ألف ليرة (حوالى نصف دولار).

يسلّم روني ناشف (38 سنة)، أكياساً بلاستيكية كبيرة الحجم، في بلد يعتمد فيه كثيرون على المياه المعبأة للشرب، قائلا: إن إعادة التدوير تشكّل "بالتأكيد حلاً أفضل بكثير لمشكلة النفايات في لبنان".

وقد تسببت قلة الكفاءة والفساد في أزمة نفايات كبرى في لبنان عام 2015، امتلأت خلالها الشوارع بأكوام من القمامة التي صبت كميات كبيرة منها في البحر، ما أدى إلى خنق السكان وألحق الأذى بصورة البلاد.

مذّاك، لم تتوصل السلطات المعنية إلى حل قابل للتطبيق على المدى الطويل. كما تفاقمت المشكلة إثر الدمار الكبير الذي لحق بمحطتين لفرز النفايات جراء الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس 2020.

 

داخل مركز "درايف ثرو" تُفرز المواد القابلة لإعادة التدوير بعناية، فيما يُقطّع البلاستيك لتنظيفه لاحقاً، ويقول بيار بعقليني إن المرفقين التابعين لـ"درايف ثرو" استوعبا ما مجموعه 450 طناً من المواد القابلة لإعادة التدوير، لافتاً إلى أن المواد تُباع لعملاء محليين ودوليين.

ويضيف "ما نقوم به هنا يتعلق أيضاً بالتثقيف" وزيادة الوعي بشأن إعادة التدوير، مشيراً إلى أن تلامذة مدارس يزورون المنشأة أحياناً للتعرف إلى هذا النشاط.

ويوضح المهندس البيئي زياد أبي شاكر، وهو رئيس مجموعة "سيدر إنفايرومنتال" المتخصصة في تقنيات "صفر نفايات"، أن السلطات اللبنانية أهملت طويلاً موضوع إعادة التدوير، مضيفا أن "حوالى 10 في المئة" من كميات النفايات التي ترمى يومياً في لبنان البالغة خمسة آلاف طن يعاد تدويرها، لافتا إلى أن السلطات تدرس خطة وطنية لإدارة النفايات، لكن "لم يُحرز أي تقدم" على هذا الصعيد بسبب الجمود في المؤسسات.

وتتولى حكومة لتصريف الأعمال بصلاحيات محدودة إدارة الحكم في لبنان منذ أكثر من عام.

ويقول أبي شاكر إن "90 بالمئة من مصانع الفرز التي بُنيت على مر السنين" بفضل تبرعات دولية توقفت عن العمل، مشيراً إلى "أخطاء في التصميم" و"فساد" شاب عملها.

 (فرانس برس)

 

 

 

المساهمون