يبدو ملف النفايات إحدى أبرز المشكلات المتفاقمة في 3 بلدان في المغرب العربي، إذ تحول في تونس إلى أحد أسباب الاحتجاجات الشعبية، فيما ينتهي أغلب نفايات الجزائر في الطبيعة من دون معالجة، وفي المغرب لا يمكن محاولات التدوير إنهاء الأزمة.
في تونس، يقول أحد المستثمرين القليلين في مجال تدوير النفايات إن "البلاستيك المرمي في تقديري ثروة مهدورة"، فيما يُطمر أغلب القمامة من دون تدويرها داخل مكبات لم تعد قادرة على استيعاب كميات إضافية. وخلال السنوات الأخيرة، مع تزايد كميات الفضلات، أصبحت هذه الحلول المحدودة تشكل خطراً بيئياً، وتثير احتجاجات اجتماعية، خصوصاً أن أغلب المكبات القائمة لن تعود قادرة على استيعاب المزيد بحلول نهاية 2022.
وجدت الحكومة التونسية نفسها في مواجهة غضب أهالي منطقة عقارب بمحافظة صفاقس (وسط)، الذين يرفضون إعادة فتح مكب، بسبب تدهور الوضع الصحي في المنطقة، واستمرت احتجاجاتهم لأكثر من أسبوع في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. كذلك، ليست العاصمة تونس بمنأى عن التدهور مع قرب بلوغ درجات الاستيعاب القصوى في مكب "برج شاكير" الذي يستقبل يومياً أكثر من ثلاثة آلاف طن من نفايات أربع محافظات.
وتنتج تونس 2.6 ملايين طن من النفايات سنوياً، 63.2 في المائة منها مواد رطبة، يليها البلاستيك بنسبة 9.4 في المائة، حسب إحصاءات رسمية.
ويقول طارق المصمودي، صاحب مصنع لتدوير النفايات: "عندما بدأت العمل في 2009، لم أكن أكسب المال. لكن العمل انتعش لاحقاً". وتعمل في المصنع عشرات النساء اللواتي يفرزن البلاستيك المكوّم، قبل أن ينتقل إلى آلات التدوير، ويحوَّل إلى قطع صغيرة تباع لاحقاً كمواد أولية. ويقدِّر المصمودي أن قطاع تدوير النفايات يمكنه "خلق ثروة"، وتشغيل مئات من العاطلين من العمل.
وتعمل الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات (حكومية) على ضمان "الاستدامة الاقتصادية للتصرف في النفايات وجودة الحياة في المناطق الحضرية، وكذلك تحسين الظروف المعيشية للمواطن"، وفي البلاد 11 مكباً مراقباً يجري الطمر فيه، ومعالجة بقايا النفايات، ويجري فقط تدوير ما بين 4 إلى 7 في المائة من النفايات.
النفايات تلوث المياه الجوفية وتهدد الطبيعة في الجزائر
في الجزائر، ينتهي أكثر من نصف النفايات المنزلية والمخلفات في مكبات برية مع خطر تداعيات مباشرة على البيئة، خصوصاً تلوث المياه الجوفية، بحسب رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رضا تير، وتنتج البلاد 13.5 مليون طن سنوياً من النفايات المنزلية، ولديها 228 مكباً للنفايات خاضعة للرقابة، و23 مركزاً للفرز.
ويملك القطاع الخاص 13 محرقة وسبع منشآت معالجة تقوم بتطهير النفايات الخاصة قبل سحقها، وحسب سميرة حميدي، عضو المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإن "النفايات المعاد تدويرها أقل من 7 في المائة، وتلك المحولة إلى سماد أقل من 1 في المائة".
وتمثل النفايات البلاستيكية إحدى أبرز المشكلات، في ظل عدم وجود تشريعات تحظر استخدامها، أو تحدّ منه. وقالت وزيرة البيئة السابقة، دليلة بوجمعة، إن "الجزائر من أكثر الدول استهلاكاً للأكياس البلاستيكية مع حوالى 7 مليارات كيس في السنة، وإن 60 إلى 80 في المائة من النفايات البلاستيكية ينتهي بها المطاف في الطبيعة، وفي البحر والأنهار".
وفي أكبر بلد في أفريقيا، يعمل فقط 247 مشروعاً صغيراً في مجال جمع النفايات، بحسب مركز "سيدير"، وبالكاد يعمل خمسة آلاف شخص في قطاع إعادة التدوير، وفقاً للوكالة الوطنية للنفايات التي لا تحتسب إلا أرقام القطاع الرسمي.
طمر النفايات من دون معالجة.. قنبلة موقوتة في المغرب
ورغم العديد من مشاريع التدوير، من بينها "الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة"، وبرنامج معالجة النفايات التي تهدف إلى بلوغ نسبة 20 في المائة من التدوير في عام 2022، لكنّ هذا التاريخ مُدِّد إلى عام 2030.
ويرى خبير التصرف في النفايات الحضرية، مصطفى براكز، أن "هذه الاستراتيجيات التي أنجزها تكنوقراط في العاصمة الرباط، بلا جدوى، لأنها استُنسِخَت من نماذج أوروبية، وهي مخالفة للعادات المغربية"، مشيراً إلى أن 80 في المائة من النفايات المنزلية في المغرب عضوية، بينما لا تتجاوز النسبة 30 في المائة في الدول الأوروبية.
ويوجد في أنحاء المملكة 26 مركزاً للطمر، واستُصلِح 66 مكباً عشوائياً حسب الأرقام الرسمية. ويقول براكز إن "كل الجهود موجهة للمعالجة عبر الطمر دون إيجاد حلول للفرز"، ما يجعل التصرف في النفايات أشبه بـ"قنبلة موقوتة".
(فرانس برس)