تعرض نزيل في مستشفى "بيت لحم للأمراض النفسية" لاعتداء من ممرض، أدى إلى تلف عينه اليسرى، في حادثة ليست الأولى بالمستشفى الذي شهد سابقا وفاة نزيل على يد نزيل آخر في ديسمبر/ كانون الأول 2020.
وقالت مريم أبو الحيات، من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، إن شقيقها شادي (41 سنة) خضع لعملية جراحية لاستئصال عينه بعد الأضرار البالغة التي لحقت بها عقب تعرضه لضرب مبرح على يدي ممرض في مستشفى الأمراض العقلية الذي كان يعالج فيه من حالة نفسية.
وقالت أبو الحيات لـ"العربي الجديد"، إن العائلة علمت بالواقعة التي جرت الأسبوع الماضي بالمصادفة، "اتصلت بنا المستشفى لتوفير بطاقة تأمين صحي حكومي لأخي لعلاجه من آثار شجار بسيط مع نزيل، فطلبت الحديث معه، فقالوا لي إنه جرى نقله إلى مستشفى آخر، فاتصلت بالمستشفى، فكانت المفاجأة أنه في غرفة العمليات، ويجري استئصال عينه اليسرى. فأي شجار بسيط هذا الذي يؤدي إلى قلع عينه؟".
تحركت مريم إلى بيت لحم التي تبعد عن نابلس نحو ثلاث ساعات بالسيارة، وفي الطريق أجرت اتصالا آخر بالمستشفى الأخير، فأبلغوها أنهم أعادوا شقيقها إلى مستشفى الأمراض العقلية تحت التخدير الكامل. "كل ذلك جرى من دون علمنا. أين القانون والأخلاق الطبية التي تستوجب موافقة الأهل قبل إخضاعه لعملية جراحية؟".
لاحقا بدأت الحقائق تتكشف، فقد تبين أن أبو الحيات تعرض لضرب مبرح من أحد الممرضين، وظهرت على جسده كدمات ورضوض، ما دفع العائلة إلى تقديم شكوى لدى الشرطة الفلسطينية.
تقول مريم أبو الحيات: "عندما تمكنا من رؤية شادي كان في حال يرثى لها. سمعنا من إدارة المستشفى عدة روايات، وعندما طلبنا مشاهدة تسجيلات الكاميرات، تبين أنه تم حذفها لإخفاء الحقيقة".
وناشدت العائلة المؤسسات والجمعيات الحقوقية تبني قضية "شادي أبو الحيات" بعد اقتلاع عينه، وقالت العائلة إنه وجد في المستشفى لتلقي العلاج إثر انتكاسة صحية، متهمة إدارة المستشفى بالتعتيم والتحايل، مطالبة بتطبيق أقصى درجات العقاب على جميع المقصرين، وحمَّلت المسؤولية لموظفي ومُديري المستشفى.
من جهته، اعتذر مدير المستشفى، إبراهيم خميّس، عن عدم الحديث مع "العربي الجديد"، مشيرا إلى وجود تعليمات من وزارة الصحة الفلسطينية، تمنع مديري المستشفيات من الحديث إلى وسائل الإعلام في أي قضية من دون أخذ الموافقة.
من جهته، قال مدير دائرة الإعلام في وزارة الصحة، محمد عواودة، لـ"العربي الجديد"، إن القضية باتت لدى مكتب النائب العام، والوزارة ستلتزم القرارات التي تصدر عن القضاء.
وقالت الشرطة الفلسطينية في بيان، أمس الأحد، إن "النزيل الذي كان موجوداً في مستشفى الأمراض النفسية نُقل إلى مستشفى بيت جالا الحكومي بعد تعرضه للضرب داخل المستشفى، ومن ثم نقل إلى مستشفى الجمعية العربية، وباشرت الشرطة البحث والتحري، وتم إبلاغ النيابة العامة. تمكنت الشرطة من إحضار 4 ممرضين يعملون بالمستشفى، وبعرض صورهم على المعتدى عليه تعرف على أحدهم، وبسماع أقوالهم أفادوا بأنهم كانوا مناوبين لحظة الحدث، وأن النزيل كان في حالة تهيج، وحاول الاعتداء على الممرضين، فقام أحدهم بإسقاطه على الأرض، وضربه في عينه، ما أدى لإصابته".
وقبل نحو عام ونصف العام، توفي الشاب همام زيبار، من بلدة كوبر شمال غربي مدينة رام الله، خلال وجوده في المستشفى ذاته، وقيل حينها، إنه كان يعاني من حالة اكتئاب حادة، وتم إدخاله إلى مستشفى بيت لحم للحصول على الرعاية اللازمة، وحدث شجار بينه وبين أحد النزلاء في ذات الغرفة، ما أدى إلى وفاته.
وتمتلك وزارة الصحة الفلسطينية 14 مركزا للصحة النفسية في الضفة الغربية، و6 مراكز في قطاع غزة، كما يوجد مركز متخصص للصحة النفسية للأطفال في بلدة حلحول بمحافظة الخليل.