تكرّرت في الآونة الأخيرة حوادث أبطالها ناشطون بيئيون، عمدوا إلى استهداف الأعمال الفنية العالمية على غرار لوحة الموناليزا الشهيرة، ومؤخراً استهداف لوحات لرسامين مثل كلود مونيه، أو فان غوخ، بهدف التنبيه إلى مخاطر التلوث والتغير المناخي.
فبعد رفع الصوت عالياً من خلال الاحتجاجات في الشوارع العامة، والتظاهر أمام مقرات دولية، اختار هؤلاء التحرك داخل المتاحف واستهداف الأعمال الفنية النادرة.
وباتت وسائل الإعلام تنقل تقارير شبه أسبوعية عن قيام مجموعة من الشباب برمي الحساء أو عبوات الصلصة الحمراء على الأعمال الفنية النادرة. مؤخراً، أقدم ناشطان من حركة "أوقفوا النفط" على تلطيخ تمثال شمعي للملك تشارلز ملك بريطانيا في متحف مدام توسو في لندن وغير ذلك.
ويعتمد هؤلاء الناشطون هذه الاستراتيجية لجذب أنظار الرأي العام العالمي، وخصوصاً أن وسائل الإعلام تهتم بإبراز هذه الأخبار كونها تعدّ شكلاً غريباً من أشكال الاحتجاج.
أدوات جديدة
تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة "ماريلاند" في مقاطعة بالتيمور دانا فيشر، والتي ترصد الحركات الاحتجاجية، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، إن مثل هذه التطورات هي شكل من أشكال "الابتكار التكتيكي"، ويحاول المحتجون اعتماد استراتيجيات جديدة لجذب انتباه وسائل الإعلام بشكل متزايد. وتضيف: "اعتادت وسائل الإعلام على تغطية المسيرات أو الاعتصامات، والتي كانت تحظى بالاهتمام سابقاً قبل أن تتحول إلى أخبار قديمة، إلا أن الحركات الجديدة التي يبتكرها ناشطو البيئة لها تأثير مباشر أكثر على الرأي العام. على سبيل المثال، فإن ما فعله الناشطون باللوحات الفنية تصدّر عناوين الصحف البريطانية وأجزاء أخرى من أوروبا، فيما ارتفعت نسبة المشاهدين على قناة يوتيوب من قبل المواطنين لهذه الاحتجاجات، وتخطت عتبة 13 مليون مشاهد".
وبغض النظر عن تقبل الناس لها من عدمه؛ فإن مجرد مشاهدتها ونقلها يعد جزءاً من الاستراتيجية التي يعتمدها ناشطو البيئة، وإن كانت ردود الأفعال غاضبة. فعلى صفحات وسائل التواصل الاجتماعي شجب الكثير من المواطنين هذه الأفعال، وسخروا منها، إلا أن مجرد التطرق إليها بالنسبة للناشطين سلباً أو إيجاباً يصب في صالح قضيتهم، كما يرون.
رسائل واضحة
وعمدت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية إلى تحليل الرسائل التي يسعى ناشطو البيئة لإيصالها للجمهور. فعلى سبيل المثال، تشير إلى أن أفراداً من مجموعة "Just Stop Oil"، وهي منظمة بيئية بريطانية، عمدوا إلى رمي حساء الطماطم على لوحة "عباد الشمس" للرسام الهولندي فان غوخ في معرض لندن الوطني في 14 الشهر الجاري، وهتفوا قائلين: "هل أنت قلق أكثر بشأن حماية لوحة أم حماية كوكبنا والناس؟". وجاء في التقرير أنه "من شأن هذه الهتافات أن تبعث برسائل واضحة للجمهور والتوعية بمخاطر التغيرات المناخية، وحث السلطات في البلاد، التي تولي اهتماماً للأعمال الفنية، على الاهتمام بالحفاظ على الكوكب".
ولا تختلف رسائل الناشطين الذين ألقوا البطاطس المهروسة على لوحة للرسام كلود مونيه في مضمونها عن الرسائل السابقة. وقال المتظاهرون: "هذه الوسيلة صممت لتكون بمثابة دعوة للاستيقاظ في مواجهة كارثة مناخية". وسأل ناشط بيئي على موقع "تويتر": "ما هو الشيء المهم؟ الناس يتضورون جوعاً. الناس يتجمدون، الناس يموتون. نحن في كارثة مناخية وكل ما تخشاه هو حساء الطماطم أو البطاطس المهروسة على لوحة".