شهدت العاصمة العراقية بغداد، مساء أمس الأربعاء، تظاهرة نسوية هي الأولى من نوعها، بمناسبة اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، شاركت فيها أعداد كبيرة من النساء الناشطات، فضلاً عن ناشطين وأعضاء منظمات مجتمع مدني.
وتجمع المتظاهرون في ساحة كهرمانة وسط بغداد، قبل أن تنطلق مسيرة إلى ساحة الفرودس وسط هتافات ورفع لافتات تطالب السلطات العراقية بسنّ القوانين اللازمة للحد من العنف ضد النساء، الذي تصاعد بالفترة الأخيرة في مختلف مدن البلاد.
وتشير الإحصائيات إلى مقتل ما لا يقل عن 30 امرأة وفتاة منذ مطلع هذا العام، بفعل العنف الموجهة غالبيته من قبل الزوج والأب والأخ.
وبدا لافتاً في الفعالية التي تُعَدّ الأوسع من نوعها في هذه المناسبة، تضمين مطالب للحكومة والبرلمان بملف العنف الأسري ومساعدة النساء المعنفات في إيجاد دُور إيواء لهن، وسنّ قوانين تجرّم المتورطين بالعنف ضدهم. ورفعت متظاهرات صوراً لضحايا قُتلن على يد أحد أفراد أسرهن.
وتقول بعض المشاركات في التظاهرات، إنّ الشرطة أسهمت في استشراء العنف من خلال التساهل مع حوادث الإبلاغ عن العنف، كذلك هناك عمليات قتل دُونت على أنها انتحار أو حوادث عرضية، بينما هي عمليات قتل لفتيات ونساء.
وذكرت الناشطة رؤى عباس، لـ"العربي الجديد"، أنّ "العراق لم تُشرَّع فيه قوانين تحمي حقوق النساء على مختلف الأصعدة، فبالتالي نجد الكثير من النساء عرضة للعنف الأسري أو في مقرات عملهن وفي الشارع والسوق وبكل مكان".
وأضافت عباس: "ونحن اليوم خرجنا للضغط من أجل تشريع قوانين تنصف وجود المرأة سياسياً، وكذلك داخل أسرتها والمجتمع عموماً".
وبيَّنت عباس أنّ "منظمات المجتمع المدني تناضل منذ 2003 إلى الآن بالوقوف ضد بعض التشريعات التي تسيء إلى المرأة بالدرجة الأولى، ومن جملة تلك المواقف كان لنا دور بالوقوف ضد تشريع قانون المذهب الجعفري، واليوم نعمل بالضغط على تشريع قانون مناهضة العنف الأسري".
وأعربت عباس عن أسفها لدور البرلمانيات العراقيات قائلة إنّ "دور النساء للأسف في مواقع تشريع القوانين سلبي، ولنا أمثلة لنساء في دورات سابقة وحتى في هذه الدورة يطالبن بتشريع قوانين تُضرّ بالنساء".
من جهتها قالت سهيلة الأعسم، نائبة رئيس "رابطة المرأة العراقية"، إنّ "وجودهن بالتظاهرة للمطالبة بسن قانون الحماية من العنف الأسري، وهو قانون يحمي المرأة والطفل والأسرة والمجتمع بصورة عامة".
وأضافت الأعسم: "بصراحة، لم نرَ دوراً أساسياً للمرأة البرلمانية العراقية، لكن نطالب في الانتخابات القادمة بأن يكون لها دور أساسي لخدمة المجتمع العراقي من خلال تشريع قوانين تخدم المرأة".
وقالت الشاعرة والإعلامية حذام يوسف: "وقفتنا اليوم تُعَدّ واحدة من سلسلة وقفات، وفي المجمل إن لم تشرع القوانين بسبب وقفاتنا هذه، فهناك ما تم رفضه أو إعادة دراسته والعمل على بعض التعديلات، فأكيد هذه الوقفة لها دور مهم ولو بعد حين".
وأوضحت أنه "ما يهمنا اليوم هو مشاركة الرجل معنا، وحتماً سيكون هناك تأثير داخل مجلس البرلمان لتغيير أو إلغاء بعض القوانين التي أساءت إلى المرأة بدل أن تخدمها، وأنا متفائلة إن شاء الله".
وقالت هناء حمود، وهي ناشطة مدنية لـ"العربي الجديد": "تعدد دور المرأة في العائلة العراقية، أما في ظل انتشار وباء كورونا فعلى الرغم من التزامها الحجر الصحي وابتعادها عن العمل بحسب التعليمات لكن أخذت على عاتقها المحافظة على السلام والاستقرار الأسري وتلبية احتياجات الأسرة".
وأضافت: "أشرنا إلى دور النساء البرلمانيات، وإن كان للبعض منهن دور كبير، إلا أن نسبة التمثيل الضئيلة في البرلمان العراقي التي لا تزيد على 25% جعلت قضايا النساء لا تلاقي رواجاً كبيراً في أروقة البرلمان لاعتقادهم بأنها كالأكسسوارات وليست من القضايا المهمة في المجتمع".
وكانت وزارة التخطيط العراقية، قد كشفت عن ازدياد العنف الأسري في ظل انتشار وباء كورونا، وذلك من خلال مسح أجرته، وكانت النسب كالآتي: بزيادة بلغت نحو 50% لحوادث عنف وقعت على النساء بصور مختلفة ومتفاوتة، موضحة أن الضرب والحرمان أبرز صور هذا العنف.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد وجّه رسالة بالمناسبة، شدد فيها على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات لوقف العنف والتمييز ضد المرأة، معلناً دعمه لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "سلام في المنزل" من أجل مناهضة العنف ضد المرأة.
في #اليوم_الدولي_للقضاء_على_العنف_ضد_المرأة، يشرّفني أن أنضم إلى نداء الأمين العام للأمم المتحدة @antonioguterres "سلام في المنزل"، وأؤكد ان الالتزام بالعمل لانهاء العنف ضد المرأة يجب ان تكون أولوية في سياساتنا في مواجهة وباء كورونا وخطط التعافي منه.#16DaysOfActivism pic.twitter.com/H2KwVJoPig
— Barham Salih (@BarhamSalih) November 25, 2020
ولفت إلى أن "الحكومة والجهات ذات العلاقة مدعوة إلى دعم جميع النساء العراقيات، عبر وضع البرامج والخطط والآليات الناجعة التي تكفل النهوض بواقع المرأة وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً".