نازحو شرق سورية... العيد بأمنيات العودة إلى منازلهم
- رغم الصعوبات، يحاول السكان الاحتفال بعيد الفطر والتعبير عن الأمل والصبر، مثل منيرة القدور وأطفالها في مخيم واشوكاني، وخديجة عزام التي تشارك تجربتها عن الحياة الصعبة.
- المخيمات تنقسم إلى نظامية وعشوائية، مع أكثر من 150 ألف نازح في محافظة الرقة وحدها، يشاركون تجاربهم عن التحديات اليومية ويؤكدون على الحاجة الماسة للدعم والتضامن الدولي لتحسين ظروف حياتهم.
يتطلّع نازحو شمال شرق سورية في كل عيد للخلاص من واقعهم، والعودة إلى مناطقهم ودفء منازلهم وعائلاتهم، وتوديع حياة المخيمات الشاقّة التي يواجهون فيها أوضاعاً معيشية صعبة، وصراعاً يومياً من أجل توفير أبسط الاحتياجات الأساسية. ورغم قساوة الظروف والتحدّيات التي يفرضها العيش في الخيام، فإن قاطنيها يصرّون على انتزاع فرصة للفرح وإظهار السرور بما تيسر لهم من إمكانيات ابتهاجاً بحلول عيد الفطر.
وقالت منيرة القدور التي تقيم برفقة أطفالها وزوجها في مخيم واشوكاني، نازحة من منطقة رأس العين في ريف محافظة الحسكة الغربي، لـ"العربي الجديد": إن الحياة في المخيم صعبة وخاصة مع حلول العيد، لكن رغم ذلك فلا حلّ سوى التأقلم، أصبح لدي صديقات تبادلت معهن الزيارات في أول أيام العيد.
وأضافت القدور: "بداخلي حزن أحاول أن أخفيه، أحنّ إلى مجالسة أمي في العيد، وهي خارج سورية حالياً، وكذلك إخوتي، اعتدت قضاء أول أيام العيد معهم. ما يمنحني الصبر هو فرحة أولادي الأربعة، اشتروا بعض الألعاب وقدمت لهم الحلويات لا أريد أن يفقدوا هذا الشغف وإن كنا نعيش في المخيم".
أما خديجة عزام التي تقطن في مخيم واشوكاني، ونزحت من رأس العين أيضاً، فقد قالت لـ"العربي الجديد": "كل القاطنين بالمخيم هم من رأس العين وريفها ومن بلدة وركين بريف تل تمر وقرى تل تمر الواقعة على خط النار". وأضافت: "لم نعد نشعر بالوقت وكل الأيام لدينا سواء. لا فرحة للعيد في ظل المعاناة اليومية وسوء الأحوال المعيشية وقلة الخدمات في المخيم، كل ما نرجوه هو العودة لمنازلنا التي تركناها خلفنا بسبب القصف اليومي والمعارك".
وناشدت المتحدثة "المجتمع الدولي وكل من يستطيع أن يفعل لنا شيئاً العمل على عودتنا، فالحياة لم تعد تطاق هنا، وأطفالنا يكبرون وهم محرومون من أبسط حقوق الحياة، فلا تعليم ولا خدمات صحية، ناهيك عن سوء الطعام والمعاناة من حر الصيف وبرد الشتاء".
وتقسم المخيمات في شمال شرق سورية إلى قسمين، مجموعة نظامية معترف بها من المنظمات التابعة للأمم المتحدة وتنال دعماً منها ومن منظمات دولية شريكة، وعددها 16 مخيماً، مثل مخيمات الهول والعريشة وروج. ومخيمات أخرى عشوائية، أنشئت من قبل السكان النازحين في أرياف محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، ويبلغ عددها وفق إحصائيات الإدارة الذاتية 62 مخيماً، العدد الأكبر منها في ريف محافظة الرقة.
أما في محافظة الرقة شمال سورية، فيعيش أكثر من 150 ألف نازح في 53 مخيماً، وفق إحصائيات مجلس الرقة المدني، ومعظم النازحين في المخيمات يعيشون في ظروف صعبة، وسط شح في عمليات الدعم والاستجابة الإنسانية، بعدد عوائل يتجاوز 12500، منها 1570 عائلة تقيم في مخيم سهلة البنات. ويضم عوائل نازحة من محافظات حمص ودير الزور وحلب.
ومن المقيمين في مخيم سهلة البنات، سارة الحميد النازحة من ريف دير الزور، التي أوضحت خلال حديثها لـ"العربي الجديد" أنه رغم كل الظروف الصعبة، فإن العيد حاضر لديها، موضحة أنها رتبت الخيمة ونظفتها، وغسلت ملابس الأولاد، إذ لم يكن لديها قدرة على شراء ملابس جديدة، وأيضاً طهت لهم الأزر بالحليب. وقالت: "فرحة العيد وإن كانت يوماً واحداً لن نتخلى عنها مهما كانت الظروف".
أما محمد بدران، المقيم في مخيم تل السمن في ريف الرقة الغربي، والذي يقيم فيه نازحون من منطقة تل أبيض ومنطقة رأس العين فقد قال لـ"العربي الجديد": "كنا نعتقد أن نزوحنا لن يطول وما هي إلا أيام أو أسابيع ونعود إلى منازلنا في تل أبيض، لكن الأيام امتدت لسنوات ولا أفق يلوح بعودة قريبة، تركنا كل شيء خلفنا، ولم نخرج إلا بالثياب التي نلبسها وبعض المقتنيات الشخصية، ونعيش على المساعدات الشحيحة، والعمل خارج المخيم في أعمال يومية، بالكاد نؤمن ما يسد الرمق". وأضاف "الحياة أصبحت جحيماً وخاصة العوائل الذين لديهم أطفال، فلا رعاية صحية ولا مدارس ولا أعياد. افترق شمل العائلات بين المخيمات، نعيش هنا حالة يأس خاصة أن الجميع نسي قضيتنا، وحتى الإعلام لم يعد يسلط الضوء على معاناتنا اليومية والمجتمع الدولي والسلطات القائمة تركتنا نواجه مصيرنا بأنفسنا".