موائد الجزائريين... أطباق ثرية وحلويات شهيرة في رمضان

13 ابريل 2023
حلوى "الزلابية" الأكثر شهرة وحضوراً في رمضان الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -

تتنوع عادات الجزائريين في شهر رمضان، خاصة في ما يتعلق بموائد الطعام والإفطار، خصوصاً أن المطبخ الجزائري ثري ويختلف من منطقة إلى أخرى.
وأصبح طبق "زينة المائدة" في رمضان، الذي أخذ اسمه من كلمة "شْباحْ" أو "شْبَاحْ السفرة"، أي زينة مائدة الطعام باللهجة الجزائرية، من الأهم في شهر رمضان، وتعده النساء خاصة في ولايات سكيكدة وقسنطينة وميلة وجيجل وسطيف (شرق)، باستخدام مكونات بسيطة وبأشكال مختلفة.
ويعتبر طبق "زينة المائدة" أحد الأكثر غنى على صعيد المحتويات الغذائية، ويتمّز بأنه يشعر الصائمين بشبع، ويأتي بعد الشوربة على صعيد الأهمية والمكانة، كما تقول إيناس لدرع لـ"العربي الجديد"، والتي تشرح أن "الطبق يعد عبر تشكيل خلطة من مكونات اللوز والقليل من السكر الأبيض الممزوج بالبيض والزيت كي يصبح عجينة متماسكة يجرى تشكيلها بحسب الأذواق على هيئة هلال أو وردة أو قلب، ثم تقلى بالزيت". تضيف: "بعد الانتهاء من إعداد هذه المكونات، يُجهّز مرق طبق شباح السفرة من خلال وضع قطع من اللحم والبصل مع عود قرنفل وقليل من الزبدة، وسكب الماء والزعفران على هذا المزيج الموضوع داخل قدر، وذلك قبل طهيه حتى ينضج على نار هادئة مع إضافة قليل من السكر إليه. وباكتمال غلي المرق، تضاف حبات العجينة التي جهّزت سابقاً إلى الخليط". 

"السفيرية"
أيضاً لا يغيب طبق "السفيرية" عن الموائد الرمضانية في الجزائر. وهو من الأطباق التقليدية والأكلات الشعبية في البلاد، الذي ما زالت كثير من العائلات الجزائرية تحافظ على قيمته رغم أن الأطباق العصرية غزت الموائد الجزائرية. وتضع هذه العائلات "السفيرية" في مصاف الأطباق الشهية التي تقدم خلال رمضان. 
ويُحضّر الطبق عبر تقطيع اللحم إلى شرائح صغيرة ومزجه ببصل مفروم وفلفل أسود مع إضافة قليل من الماء. ويطهى مدة ربع ساعة على نار هادئة، ثم يوضع خبر مبلل بالماء في إناء، وتُضاف له بيضة تلو أخرى، ثم الجبن المبشور والملح والفلفل الأسود والقرفة، ويُمزج جيداً. ومن خلال هذا الخليط، تصنع كرات بحجم حبة الجوز الصغيرة يجرى تحميرها في زيت ساخن جداً. وبعد ذلك، توضع الكرات في صحن محاطة بقطع اللحم والحمص مع قليل من المرق.

"البوراك"
أيضاً يعتبر وجود طبق "البوراك" في مائدة الطعام الجزائرية علامة بارزة لاستقبال شهر رمضان. وهو يحضر على موائد الإفطار طوال أيام الشهر الفضيل، ثم يغيب جزئياً عن نقاط البيع بعدها. وصار غالباً عادة خاصة بشهر رمضان، ويُطلق عليه البعض اسم "بنة المائدة".
ويوضح عصام بلعربي، وهو طالب جامعي، لـ"العربي الجديد"، أنه لا يمكن تناول إفطار يخلو من تمر و"بوراك"، الذي تعده النساء في عجينة تجعلها على شكل أوراق خفيفة جداً تحشى بخليط يتضمن اللّحم والتونة والجبن وقليل من البصل والتوابل، وغيرها من الأطعمة التي تعطيه نكهة خاصة، علماً أن الأذواق مختلفة جداً في تحضير هذا الطبق وتناوله.
ويؤكد بلعربي علاقة الجزائريين الوطيدة بـ"البوراك" الذي يعتبر من أهم الأصناف التي تقدم في الإفطار، ويمكن أن يحل بدلاً من الخبز أثناء تناول طبق "الشربة".

الصورة
أطباق فريدة لإشباع الصائمين في رمضان الجزائر (رياض كرامدي/ فرانس برس)
أطباق فريدة لإشباع الصائمين في رمضان الجزائر (رياض كرامدي/ فرانس برس)

"اللحم الحلو"
واعتادت الأسر الجزائرية إعداد طبق "اللحم الحلو" أو "طاجين الحلو" الذي يزين موائد رمضان ويعتبر رمزاً للتفاؤل وانتظار الفرحة طوال أيام الشهر، كما تقول سليمة معافة، لـ"العربي الجديد"، وتشرح أن "النساء يتفنن في طهي هذا الطبق الذي يعتبر فأل الخير بالنسبة إليهم، ويحتوي على تفاح وبرقوق ومشمش وإجاص وقطع لحم صغير. وهو يختلف بطعمه عن باقي الأكلات الرمضانية، إذ يتضمن القرفة، ويجرى تزيينه بجلجلان ومكسرات".
ويطهى اللحم مع قليل من البصل المفروم وعود القرفة والزَّعفران والقليل من الملح أيضاً، ثم يضاف الماء حتى ينضج مع السمنة ثم يذبل. وتمزج المكونات التي تتضمن أنواعاً عدة من الفواكه المجففة، بينها الزبيب والمشمش والبرقوق واللوز، مع كوب من السكر وملعقة من القرفة المطحونة فضلاً عن عود من القرفة، مع قليل من ماء الورد والزعفران كي تصبح الفواكه طرية. وبعدما ينضج اللحم، يوضع الخليط في طبق، وتضاف إليه الفواكه المجففة مع تزيينها باللوز والسمسم المحمص.

"الزلابية" و"قلب اللوز"
وفي رمضان، يتنافس نوعان من الحلويات على الوجود على موائد الإفطار والسهرات، هما "الزلابية" و"قلب اللوز". وتتربع "الزلابية" على عرش الحلويات الرمضانية منذ عقود طويلة، في حين لا تعرض كثيراً للبيع في الأيام العادية.
وفي الشهر الفضيل، تتحوّل بعض المحال إلى صناعة وبيع "الزلابية" بشكل مؤقت، علماً أن قصة شهرتها في الجزائر ليست وليدة اليوم وترتبط باسم مدينة بوفاريك الصغيرة التي تقع على تخوم العاصمة الجزائرية، لدرجة أن الجميع يطلب زلابية بوفاريك لأنها لذيذة وتخصصت عائلة تقطن المدينة بصناعتها. 
واستهلاك "الزلابية" في رمضان عادة لا يمكن التخلي عنها، علماً أن مكوناتها تضم طحين القمح والزيت والماء والسكر، أما زلابية بوفاريك، فتحضّر حصراً من القمح الصلب، وتضاف إليها نكهات وملونات، وتتعدد أشكالها من حجم كبير ومستطيل ودائري، كما تتنوع أذواقها وطريقة تحضيرها.
وإضافة إلى "الزلابية"، يعتبر "قلب اللوز" من الحلويات المفضلة لدى الجزائريين على مدار السنة، لكن أسهمه ترتفع في شهر رمضان، ويسمى بـ"سلطان مائدة سهرات رمضان في الجزائر". 

ويحضّر "قلب اللوز" باستخدام طحين القمح الصلب والزبدة والسكر، وهي مكونات العجينة الأساسية التي تحضر بمفردها في مقابل إعداد خليط مكون من لوز وسكر وماء الورد ليشكل المكون الثاني. وبعد وضع العجينة في وعاء كبير يُضاف إليها اللوز ثم تغطى بالعجينة ذاتها مرة أخرى، وتقطّع المكونات في الوعاء قبل وضعها في الفرن كي تطهى على درجة حرارة 180 مئوية مدة نصف ساعة كي تنضج. وبعد ذلك، يُقطّر ماء الورد على الوعاء بعد إخراجه من الفرن حتى يأخذ "قلب اللوز" نكهته الطيبة قبل تناوله.
أيضاً، يبرز في شهر رمضان مشروب محلى يسمى "الشاربات"، الذي يصنع تقليدياً من عصر الليمون الذي يمزج مع إضافات في الماء البارد. وتخلط المكونات حتى يصبح المشروب جاهزاً. 
وفي السابق، كانت تتنافس عدة عائلات على صناعة هذا المشروب، ثم تبنته متاجر تصنعه يدوياً وتبيعه في شهر رمضان. وبسبب شدة إقبال الجزائريين عليه، حاولت شركات مشروبات صنعه وتوزيعه عبر منتجات بنفس المذاق، وعملت لتعبئته في أكياس بلاستيكية من أجل إبقاء صورته التقليدية.

المساهمون