منظمة الصحة العالمية تعتمد قرار إرسال مساعدات فورية إلى غزة

10 ديسمبر 2023
في أحد مستشفيات قطاع غزة المنكوب (أحمد حسب الله/ Getty)
+ الخط -

اعتمد المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية بالإجماع، اليوم الأحد، قراراً يدعو إلى إرسال مساعدات فورية إلى قطاع غزة لمواجهة الوضع الصحي المتدهور فيه وسط الحرب الإسرائيلية المتواصلة لليوم الخامس والستّين، وذلك في خلال جلسة استثنائية عُقدت في مدينة جنيف السويسرية.

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس قد حذّر، في افتتاح الجلسة الاستثنائية حول الوضع الصحي في غزة، من تأثيرات الحرب الإسرائيلية على هذا الوضع الذي وصفه بأنّه "كارثي".

وبعدما فشل مجلس الأمن الدولي في الدعوة إلى وقفٍ لإطلاق النار في غزة، مع استخدام الولايات المتحدة الأميركية حقّ النقض أو الفيتو، تبنّت الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي للمنظمة البالغ عددها 34 دولة، بالإجماع، قراراً يدعو إلى "مرور فوري ومن دون عوائق للمساعدة الإنسانية" إلى قطاع غزة.

كذلك يدعو القرار الذي قدّمته أفغانستان والمغرب وقطر واليمن إلى منح تصاريح خروج للمرضى، وإلى توفير الأدوية والمستلزمات الطبية للفلسطينيين في غزة.

وأعربت دول منظمة الصحة العالمية، في قرارها المعتمَد بالإجماع، عن "قلق بالغ" إزاء الوضع الإنساني في القطاع واستنكرت "الدمار واسع النطاق"، مطالبةً بتوفير الحماية لجميع المدنيين.

وعلى الرغم من موافقتها على القرار، أبدت دول عدّة تحفّظات بشأنه. فقال ممثّل الولايات المتحدة الأميركية إنّ واشنطن وافقت على عدم معارضة الإجماع على النصّ لكنّها "تأسف لعدم وجود توازن في القرار".

من جهته، رأى ممثّل كندا أنّ النص "حلّ وسط" كان يمكن أن يذهب إلى أبعد من ذلك والاعتراف بدور حركة حماس في الحرب، مثل احتجازها رهائن و"استخدامها (المدنيين) دروعاً بشرية". أمّا ممثّل أستراليا فاعترض على مسألة عدم إشارة القرار بالتحديد إلى هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 الذي كان "سبّب الوضع المدمّر الراهن" بحسب ما يدّعي.

النظام الصحي في غزة ينهار

وقال غيبريسوس، في كلمته الافتتاحية في الجلسة الاستثنائية للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، إنّه وسط الحرب المتواصلة على قطاع غزة و"مع انتقال مزيد ومزيد من الناس إلى منطقة أصغر فأصغر، فإنّ الاكتظاظ، إلى جانب نقص الغذاء والمياه والمأوى وخدمات الصرف الصحي الكافية، يخلق ظروفاً مثالية لانتشار الأمراض".

وأكد غيبريسوس أنّ ثمّة مؤشّرات مثيرة للقلق في ما يخصّ الوضع الصحي في غزة، تدلّ على أمراض وبائية تنتشر بين الفلسطينيين في القطاع المنكوب، متوقّعاً أن يتفاقم الخطر مع تدهور الوضع أكثر وحلول فصل الشتاء. وشدّد على أنّ "لا صحة من دون سلام، ولا سلام من دون صحة".

وشرح المسؤول الأممي أنّ "النظام الصحي في قطاع غزة على شفير الانهيار"، مع استمرار 14 مستشفى فقط من أصل 36 بالعمل من خلال الإمكانات المتوفّرة لديها، من بينها مستشفيان فقط في شمال القطاع. ويُذكر أنّ تلك الإمكانات متواضعة.

أضاف غيبريسوس أنّ ثمّة 1400 سرير مستشفى فقط حالياً من أصل 3500 سرير، في حين يعمل المستشفيان الرئيسيان في جنوب قطاع غزة بثلاثة أضعاف طاقتهما السريرية مع نفاد الإمدادات، في حين أنّهما يؤويان أيضاً آلاف النازحين.

في سياق متصل، بيّن غيبريسوس أنّ منظمة الصحة العالمية تحقّقت، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي، من أكثر من 449 هجمة على مرافق للرعاية الصحية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، علماً أنّها لم تلقِ اللوم على أيّ طرف بشأن الهجمات المسجّلة.

وإذ رأى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية أنّ "من المستحيل على العاملين في المجال الصحي أداء مهامهم وهم على خط النار مباشرة"، قال إنّ منظمته "موجودة على الأرض في قطاع غزة لدعم العاملين في مجال الصحة الذين يعانون من إرهاق جسدي، وكذلك نفسي، ويبذلون قصارى جهدهم في ظروف لا يمكن تصوّرها". وتابع: "باختصار، زادت الاحتياجات الصحية بصورة كبيرة وانخفضت قدرة النظام الصحي إلى ثلث ما كانت عليه" قبل بدء العدوان على قطاع غزة.

قضايا وناس
التحديثات الحية

اقتراح "مستحيل" لدعم الوضع الصحي في غزة

والاقتراح الذي درسه المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، في جلسته الاستثنائية اليوم الأحد، والذي اقترحته أفغانستان والمغرب وقطر واليمن، شمل فتح ممرّ لدخول العاملين في القطاع الطبي وكذلك الإمدادات الطبية، وتكليف المنظمة بتدبير التمويل اللازم لإعادة بناء المستشفيات، في محاولة لتحسين الوضع الصحي في غزة.

لكنّ غيبريسوس أفاد، في افتتاح الجلسة الاستثنائية، بأنّه "من المستحيل تقريباً" تلبية كلّ تلك المطالبات، نظراً إلى الوضع الأمني على الأرض، في حين عبّر عن أسفه العميق إزاء عدم تمكّن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من الاتفاق على وقف لإطلاق النار بعد استخدام الولايات المتحدة الأميركية حقّ النقض.

وتابع المسؤول الأممي أنّ "تزويد المرافق الصحية بالإمدادات صار صعباً جداً ومهدَّداً بشدّة، بسبب الوضع الأمني على الأرض وعدم كفاية إعادة الإمداد من خارج قطاع غزة".

يُذكر أنّ السلطات الإسرائيلية انتقدت الاقتراح، إذ رأت أنّه "يلفت النظر بطريقة غير متناسبة إلى إسرائيل" ولا يتناول ما وصفته بأنّه استخدام حركة حماس المدنيين "دروعاً بشرية" من خلال وضع مراكز القيادة والأسلحة في داخل المستشفيات، بحسب ادّعاءات الاحتلال منذ بدء حربه على قطاع غزة.

وتُعَدّ مثل هذه الجلسات الاستثنائية لمنظمة الصحة العالمية نادرة، وقد جرى اللجوء إليها في أثناء أزمات صحية كبرى، لا سيّما جائحة كورونا (2020) وتفشّي إيبولا في غرب أفريقيا (2015).

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)

المساهمون