منظمة الصحة العالمية بعد فيضانات ليبيا: الحاجة ملحّة إلى مياه نظيفة وتحصين الأطفال

24 سبتمبر 2023
آثار الفيضانات يمكن أن تؤدّي إلى ظروف مؤاتية لانتشار أمراض معدية (حمزة الأحمر/ الأناضول)
+ الخط -

تكثّف منظمة الصحة العالمية جهودها في ليبيا للتصدّي لآثار الفيضانات الكارثية التي أصابت مناطق في شمال شرق البلاد، وأدّت إلى مصرع وفقدان الآلاف. ففي العاشر من سبتمبر/ أيلول الجاري، اجتاحت العاصفة المتوسطية دانيال مناطق عدّة، أبرزها مدن بنغازي والبيضاء والمرج وسوسة، بالإضافة إلى أخرى، من بينها مدينة درنة التي كانت المتضرّرة الكبرى.

وتلخّص المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، لوكالة "الأناضول"، أعمال الوكالة التابعة للأمم المتحدة في "تحديد الأمراض التي بدأت في الانتشار عقب الكارثة ومنع تفشّيها".

وتقول هاريس إنّ "أهمّ الأولويات الصحية الرئيسية في المنطقة حالياً هي الحاجة الملحّة إلى الحصول على المياه النظيفة"، كونها "ضرورية لصحة المجتمعات المتضرّرة". وتؤكد أنّ "القضايا الكبرى المتعلقة بالصحة هي ضمان حصول الجميع في أقرب وقت ممكن على المياه النظيفة، وكذلك الغذاء والمأوى والرعاية الصحية".

وتضيف هاريس أنّه "مع نزوح سكان كثيرين من منازلهم، فإنّ الحصول على خدمات الرعاية الصحية يُعَدّ أمراً مهماً".

من جهة أخرى، تشدّد المتحدثة الأممية على "أهمية تعزيز أنظمة الإنذار المبكر والمراقبة لمنع ومكافحة تفشّي الأمراض المنقولة عن طريق المياه والغذاء". وتوضح أنّ "آثار الفيضانات يمكن أن تؤدّي إلى خلق ظروف مؤاتية لانتشار أمراض معدية، الأمر الذي يجعل المراقبة الاستباقية أمراً بالغ الأهمية".

الصورة
مسعفون في درنة في ليبيا بعد الفيضانات (محمد جواد/ فرانس برس)
ما زالت عمليات البحث عن جثث مستمرة في درنة الليبية (محمد جواد/ فرانس برس)

تحصين وعلاج نفسي

وتتحدّث هاريس عن "خدمات التحصين التي تُعَدّ كذلك أولوية قصوى بالنسبة إلى منظمة الصحة العالمية"، مشدّدة على "الحاجة الفورية لتوفير اللقاحات للأطفال من أجل حمايتهم من أمراض مثل الحصبة والدفتيريا".

وتبيّن أنّ "مثل هذه الأمراض قاتلة للأطفال، خصوصاً في مثل هذه الظروف الصعبة جداً، فهم مرّوا فيها بتجربة مروّعة".

وعن معالجة الآثار النفسية للكارثة على المواطنين، ترى هاريس أنّ "دعم الصحة النفسية لا يقلّ أهمية عن الصحة الجسدية". وتوضح أنّ "منظمة الصحة العالمية تهدف إلى تقديم الرعاية الطبية الأولية في مجال الصحة النفسية للأشخاص الذين يخبرون أزمات نفسية، ومساعدتهم في بدء عملية التعافي نفسياً".

مستشفيات ميدانية

وتشير المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية إلى أنّ "الكارثة أثّرت كذلك على المستشفيات في المنطقة"، فيما تقول إنّه "حتى قبل وقوع الكارثة، كانت ثمّة احتياجات إنسانية كبيرة في المنطقة. ولم تكن المستشفيات، بنصفها، تعمل بكامل طاقتها نتيجة افتقارها إلى الإمدادات الطبية الكافية والعاملين الصحيين".

وعقب الكارثة الأخيرة، زادت احتياجات المستشفيات في المنطقة بصورة أكبر، خصوصاً مع تدمير الفيضانات عددا منها. وقد أفاد متحدّث باسم وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية محيي الدين نويجي بأنّ "ثمّة ثمانية مستشفيات ميدانية تابعة للوزارة تعمل حالياً في المناطق المتضرّرة، بالإضافة إلى عدد من الوحدات الصحية".

وأوضح النويجي، في بيان نشرته منصة "حكومتنا" في 19 سبتمبر الجاري، أنّ الفرق الميدانية التابعة للوزارة تستمرّ في تقييم ما تحتاجه المستشفيات الأخرى المتضرّرة من أعمال صيانة وترميم ليُعاد فتحها في أقرب الآجال.

وفي هذا الإطار، تلفت هاريس إلى أنّ ما تقوم به منظمة الصحة العالمية هو "إنشاء مستشفيات ميدانية وإعداد فرق طوارئ طبية لتقديم الرعاية اللازمة للناس في أقرب مكان ممكن" إليهم.

مصير المفقودين

وفي حين تبيّن هاريس أنّ "من الصعب تحديد عدد الضحايا والمفقودين في مثل هذه الحالات الطارئة"، تفيد بأنّ منظمة الصحة العالمية أبلغت مسؤولي الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بضرورة العمل على "التعرّف إلى هويات المتوفين وضمان دفنهم بطريقة آمنة وكريمة".

وتلفت إلى أنّ "الفرق الوطنية والدولية أنقذت 450 شخصاً في الأيام القليلة الماضية"، مؤكدة "استمرار البحث عن المفقودين".

وبعد أيام من تداول بيانات متعدّدة بشأن ضحايا العاصفة المدمّرة، أفادت منظمة الصحة العالمية في 16 سبتمبر الجاري بمصرع 3958 شخصاً وفقدان أكثر من تسعة آلاف آخرين، بحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

يُذكر أنّ أحدث حصيلة ليبية تعود إلى 13 سبتمبر الجاري، عندما أعلنت وزارة الصحة في حكومة الوحدة الوطنية مقتل أكثر من ستّة آلاف شخص. وثمّة ترجيحات بزيادة عدد الضحايا مع استمرار انتشال الجثث، لا سيّما في درنة.

لا وباء مرصوداً في المناطق المنكوبة

من جهة أخرى، أعلن مكتب ليبيا في منظمة الصحة العالمية عدم رصد أيّ وباء في البلاد، بعد كارثة الفيضانات الأخيرة. وذكرت وكالة الأنباء الليبية نقلاً عن أحمد زويتن، ممثّل المنظمة في ليبيا، أنّ "آلاف الناس فقدوا أحبّاءهم ومنازلهم"، مشيراً إلى أنّه "لا يمكن وصف مدى الصدمة النفسية التي يعانيها الناس من جرّاء كارثة الفيضانات".

أضاف زويتن أنّ "منظمة الصحة العالمية عمدت إلى توزيع أدوية الطوارئ، بما في ذلك علاج الكوليرا، وتعمل مع السلطات المحلية لضمان الوصول إلى الخدمات الصحية". وأكّد أنّ الاستعدادات وعمليات التفتيش مستمرّة من أجل منع تفشّي أيّ وباء محتمل، فيما أشار إلى أنّه جرى الإبلاغ عن مئات حالات الإسهال في درنة، لكنّ هذا ليس وضعاً غير عادي بالنسبة إلى مدينة كبيرة.

(الأناضول، قنا)