مناطق المغرب المنكوبة تفيض بكرم الضيافة

17 سبتمبر 2023
في أحد المخيمات العشوائية التي نُصبت بعد الزلزال في المغرب (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

"أهالي الحوز أهل كرم وجود"، عبارة يردّدها مسعفون وصحافيون ورجال إنقاذ وأمن خلال عملهم في المناطق المنكوبة بالزلزال المدمّر وسط المغرب.

وقد أسفر الزلزال الأخير، الذي عُدّ "الأعنف منذ قرن"، عن مصرع 2946 شخصاً وإصابة 6125 آخرين، بالإضافة إلى دمار كبير، بحسب أحدث بيانات وزارة الداخلية المغربية.

وفي الثامن من سبتمبر/ أيلول الجاري، ضرب زلزال بقوة سبع درجات على مقياس ريختر مدناً مغربية عدّة، من بينها العاصمة الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس (شمال) ومراكش وأغادير وتارودانت (وسط).

ووسط الكارثة، يقف الزائر أمام بيت أحد المتضرّرين. صحيح أنّ المبنى مهدّم وكذلك الأثاث، فيما فُقد كلّ شيء آخر، إلا أنّ المغربي المنكوب يحرص على الترحيب بالزائر وتقديم الشاي والطعام له.

ويتكرّر هذا السيناريو في مختلف قرى ومدن إقليم الحوز وبقيّة المناطق المتضرّرة من الزلزال.

الصورة
مغاربة وتحضير طعام في مخيم بعد زلزال المغرب (أليكسي روزنفلد/ Getty)
يصرّ المغاربة المنكوبون على تقديم الطعام لزائريهم (أليكسي روزنفلد/ Getty)

عشاء وقهوة

لم تكن عائشة صيباري (35 عاماً)، وهي صحافية، تعلم أنّ عملها الذي قادها إلى أعالي جبال شيشاوة سوف يجمعها بأهالي "قمّة في الأخلاق والترحاب والكرم"، بحسب ما تقول لوكالة "الأناضول".

وكانت صيباري قد تأخرت بالعودة إلى شيشاوة ليلاً، في اليوم الثاني من الزلزال، وتوقّفت بسيارتها بالقرب من قرية أمندونيت. هناك كانت صخور كبيرة ما زالت تتساقط من الجبال، الأمر الذي يمثّل خطورة عليها، حيث عرض عليها الأهالي المبيت مع نساء القرية، علماً أنّ السكان كانوا جميعاً يبيتون خارج ما تبقّى من المنازل، وذلك في جهتَين؛ واحدة مخصّصة للرجال وأخرى للنساء.

من جهتهم، كان الأطفال يمضون في اللعب، إذ لم يستوعبوا حجم الدمار الذي حلّ بقرى المنطقة.

وبمجرّد توقف صيباري، قدّم لها السكان العشاء والقهوة، وفقاً لما ترويه.

وقد تكرّرت مثل هذه المواقف مع صحافيين ومسعفين، إذ لا يبخل أهل القرى المنكوبة بتقاسم القليل الذي تبقّى لديهم مع كلّ زائر، ومهما كانت صفته.

تكفّل بـ20 أسرة

بدورها، لم تحد مدينة أمزميز عن قاعدة الجود والكرم. وتتكفّل الحاجة لطيفة مروان (65 عاماً) بمفردها بإطعام وخدمة نحو 20 أسرة تقطن في الخيام بالقرب من منزلها.

والحاجة ميسورة الحال تملك عدداً كبيراً من الدور، وهي لم تنتقل إلى مدينة أخرى، على الرغم من الدمار في أمزميز. هي تصرّ على عدم ترك المكان، لأنّها تتقاسم السرّاء والضرّاء مع أهلها وجيرانها ومعارفها، بحسب ما تؤكد.

وتتواصل الحاجة لطيفة مع كلّ الأسر التي تتكفّل بها، وتبيت بالقرب منها في الخيام، وتحرص على راحة أفرادها، على الرغم من أنّها لم تعد شابة. وكلّما علمت الحاجة بوصول زائر، تسارع إلى إكرامه والاهتمام به.

وعندما أرادت هيئة حكومية نصب خيمة كبيرة، حرصت على استشارتها أولاً، إذ إنّها مالكة الأرض، لكنّها غضبت لأنّها سُئلت، وطالبت المعنيين في الهيئة بالإسراع ونصب الخيمة لمساعدة الناس.

بلا مأوى

وقصص كرم أهالي المناطق المنكوبة نقلها مسعفون وصحافيون ومغامرون عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وكتبت المغامرة البريطانية، أليس موريسون، في تدوينة على منصة "إكس"، أنّ "المغاربة بلا مأوى هنا، لكنّهم ما زالوا يشاركونني ضيافتهم". وأضافت: "كلّما مررت بأسرة تعرض عليّ الشاي والطاجين". وقد نشرت موريسون صوراً لها في إحدى المناطق المتضرّرة من الزلزال.

من جهتها، أفادت عزيزة العباسي، وهي صانعة محتوى، في منشور، بأنّ "الأمازيغيين رمز للجود والكرم"، وبينما لم يعد لديهم أيّ شيء ومنازلهم شبه مدمّرة، يقدّمون لك الزعفران" غالي الثمن.

(الأناضول)

المساهمون