ممرّضو المغرب يضربون لتحقيق مطالبهم

19 مارس 2022
لم يحصل الجهاز التمريضي على الحقوق المبتغاة (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

عادت حالة الاحتقان إلى القطاع الصحي في المغرب مجدداً، في ظل موجة الاحتجاجات التصعيدية التي يقودها أكثر من 30 ألف ممرض وتقني صحي، وينتظر أن تبلغ أوجها خلال الأيام المقبلة، رداً على نتائج الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الحكومة والنقابات.

وبعد نحو شهر على توقيع اتفاق بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وجميع النقابات الممثلة في القطاع، إثر سلسلة من جلسات الحوار التي تكللت بالتوافق حول عدد من الملفات المطلبية ذات الأولوية، يستمر المد والجزر بين الوزارة والممرضين الذين توعّدوا بخطوات احتجاجية جديدة في المستشفيات، أبرزها التوقف عن العمل وتنفيذ إضراب وطني أكثر تصعيداً إذا ما استمرت الوزارة في نهجها.
وكشف الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للممرضين وتقنيي الصحة، مصطفى جعا، أن نقابته بصدد تنفيذ خطوات احتجاجية جديدة تستهلها بتنظيم وقفات احتجاجية في جميع جهات البلاد، مع مقاطعة أي أعمال طبية أو مهنية لا تدخل ضمن تخصصات الممرض وتعرّض حياته للخطر، والاستمرار في مقاطعة التقارير الإدارية اليومية والأسبوعية والشهرية في كل الإدارات والمؤسسات التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية. ويقول إن هذه الخطوات الاحتجاجية الجديدة تأتي للتعبير عن رفض مخرجات اتفاق الوزارة مع النقابات، في ما يخص فئة الممرضين وتقنيي الصحة، و"الترويج الخاطئ لحل مشاكلهم وملفاتهم المطلبية وتهميشها"، معتبراً أن الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 24 فبراير/شباط الماضي بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش، يعدّ "تراجعاً كبيراً عن بعض التقدم الحاصل في عدد من الملفات، وتنكراً لكل تضحيات فئة الممرضين التي تقدم 80 في المائة من الخدمات الصحية".
ويؤكد جعا، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن نقابته "مصرة على الدفاع عن ملفها المطلبي بكل الوسائل المشروعة"، واصفاً الاتفاق الذي أبرمته الحكومة مع النقابات بـ "الإقصائي" للفئة الأكبر في القطاع، وبأنه "لا يخدم السلم الاجتماعي المهدد بالعودة إلى الاحتقان والغليان"، على اعتبار أن الاتفاق "يعني فئات أخرى، ولا يعني فئة الممرضين وتقنيي الصحة".
ويرى جعا أن الاتفاق "أجهز على مطالب الممرضين، وغيّب مطالب فئة تعتبرُ الإنصاف في التعويض عن الأخطار المهنية وإقرار التعويض عن الأخطار التمريضية أساسياً"، لافتاً إلى الاستجابة لمطلب وحيد يتعلق بفئة الممرضين ذوي التكوين سنتين، والذين لا يتجاوز عددهم 17 شخصاً، إذ تمت ترقيتهم إلى السلم العاشر. ويقول إن استفادة فئة قليلة العدد من سنوات اعتبارية في الأقدمية لا تلبي انتظارات المعنيين.

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويتحدث جعا عن استحقاق فئة الممرضين لتحقيق مطالبهم لدورهم داخل القطاع الصحي، إذ يشكلون 60 في المائة من العاملين في قطاع الصحة، ويقدمون 80 في المائة من الخدمات الصحية داخل القطاع، الأمر الذي يتطلب الإنصات لمطالبهم، لتحفيز المهنيين على المزيد من العطاء وإنجاح ورش الحماية الاجتماعية في المغرب. يضيف: "على الرغم مما قدمه الممرضون وما يزالون من تضحيات جسام في حربهم ضد الأمراض وفي مواجهة فيروس كورونا، وصلت إلى حد التضحية بحياتهم، وإنجاحهم حملة التلقيح بشكل لافت جداً على الرغم من أعدادهم القليلة والتحفيزات المنعدمة، إلا أن كل ذلك ووجه بالنكران من قبل الوزارة الوصية".

كان للجسم التمريضي دور أساسي خلال جائحة كورونا (فاضل سنا/ فرانس برس)
كان للجسم التمريضي دور أساسي خلال جائحة كورونا (فاضل سنا/ فرانس برس)

وكان الممرضون قد نفّذوا إضراباً وطنياً لمدة 72 ساعة في جميع المراكز والمصالح الاستشفائية، باستثناء مصالح الطوارئ والإنعاش والعناية المركزة في 2 و3 و4 مارس/آذار الحالي. كما نفذوا اعتصاماً وطنياً أمام وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في العاصمة الرباط. 
ويطالب جعا بتدارك الوضع، عبر فتح الحوار وتصحيح الوضع، باعتماد اتفاق تكميلي يهم الاستجابة للمطالب المستعجلة لفئة الممرضين وتقنيي الصحة، في مقدمتها التعويض عن الأخطار المهنية، وإنشاء هيئة وطنية للممرضين، وبإخراج منصف للأعمال والكفاءات لتوضيح المهام المنوطة بالممرضين وتقنيي الصحة، ورسم حدود تدخّلهم لإسعاف المرضى، وذلك حماية للمهنيين من المتابعات القضائية في حال تعرّضهم لمضاعفات نتيجة التدخلات الصحية، مع النهوض بالأوضاع المهنية والإدارية للممرضين وتقنيي الصحية وتوفير الإمكانيات اللوجستية والتجهيزات على مستوى جميع المنشآت الصحية، لضمان جودة الخدمات الصحية المقدمة إلى المرضى.

وكان الحوار بين وزارة الصحة والحماية الاجتماعية وشركائها الاجتماعيين قد تُوِّج بالتوافق على عدد من النقاط؛ على رأسها تحسين أوضاع الأطباء، من خلال تغيير الشبكة الاستدلالية للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان، وبدايتها بالرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته، واستفادة الممرضين من الترقية في الرتبة والدرجة، والرفع من قيمة التعويض عن الأخطار المهنية لفائدة الأطر الإدارية وتقنيي الصحة.
كما تم الاتفاق أيضاً على دعم مؤسسة الحسن الثاني للنهوض بالأعمال الاجتماعية لموظفي قطاع الصحة، لتعزز خدماتها المقدمة لفائدة مهنيي القطاع، وبرمجة عرض مشروع مرسوم متعلق بالمُلحقِين العِلميِّين على أنظار المجلس الحكومي في أقرب الآجال، والاتفاق على مواصلة الحوار لحل الإشكالات الأخرى لضمان الانخراط التام والشامل لكل مهنيي قطاع الصحة في الورش الملكي الرائد لتعميم الحماية الاجتماعية.

المساهمون