مليار دولار قيمة إنفاق التونسيين على الدروس الخصوصية

04 يونيو 2024
يقبل طلاب المدارس التونسية على الدروس الخصوصية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في تونس، تواجه الأسر ضغوطاً مالية كبيرة بسبب الاعتماد المتزايد على الدروس الخصوصية، مع إنفاق يصل إلى مليار دولار سنوياً، مما يثير جدلاً حول ارتفاع تكاليف التعليم.
- الزيادة السنوية في تكلفة الدروس الخصوصية تقدر بـ20%، ويعزى استمرار الاعتماد عليها إلى غياب الإصلاح التعليمي الشامل، مما يضع ضغوطاً إضافية على الأسر.
- ظهور منصات دعم رقمي وبنايات مهيأة لتقديم الدروس الخصوصية يعكس ديناميكية السوق والطلب المتزايد، مما يشكل ضغطاً مالياً كبيراً على الأسر، خاصة تلك متوسطة وضعيفة الدخل.

كشفت منظمة إرشاد المستهلك التونسية (حكومية) عن تحمّل الأسر التونسية لكلفة عالية نتيجة الدروس الخصوصية، وصلت إلى نحو مليار دولار، مع ازدهار سوق الدروس استعداداً للامتحانات الوطنية التي تجرى في يونيو/حزيران من كل عام.
وكشفت أرقام منظمة إرشاد المستهلك أن ما يزيد عن 1,5 مليون تلميذ تونسي يدرسون في المرحلتين الابتدائية والثانوية يتلقون دروساً، وأن العائلات تنفق نحو ثلاثة مليارات دينار سنويا على تلك الدروس، بمعدل إنفاق يقدر بـ240 ديناراً (77 دولاراً) شهرياً عن التلميذ الواحد، ما أثار جدلاً واسعاً بشأن ارتفاع أعباء الدراسة رغم مجانية التعليم الحكومي. 
يقول رئيس منظمة إرشاد المستهلك، لطفي الرياحي، لـ"العربي الجديد"، إن "غالبية التلاميذ يحصلون على الدروس الخصوصية في ثلاث مواد أساسية على الأقل، وقد يصل الأمر إلى خمس مواد في بعض الأحيان، من دون اعتبار لنفقات فترات المراجعة والتأهيل قبل اجتياز الامتحانات الوطنية. اعتمدت المنظمة في تقييمها كلفة الدروس الخصوصية على نتائج دراسة سابقة أصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بيّنت أن 67 في المائة من طلاب تونس يحصلون على دروس خصوصية".

ثلثا طلاب الابتدائية والثانوية في تونس يحصلون على دروس خصوصية

وأبرز الرياحي أن "مصاريف هذه الدروس تحوّلت إلى جزء أساسي في تركيبة النفقات الأسرية الشهرية، كما تتأثر كلفتها بزيادة الأسعار والتضخم مسجلة زيادة سنوية تقدر بـ20 في المائة"، ورجّح أن "يتواصل نزيف الدروس الخاصة في ظل غياب الإصلاح التعليمي الشامل الذي يعالج أسباب رغبة الأولياء في حصول أبنائهم على دعم إضافي خارج المدرسة. كثافة المناهج التعليمية تجعل من الدروس أمراً ضرورياً لدى الأسر التي لا تملك القدرة على دعم أبنائها منزلياً".
يتابع: "ثقل المناهج التعليمية هو بيت الداء، ويتعيّن على السلطات معالجة ذلك تجنّباً لمزيد من الإخفاق المدرسي والتسرب الناجم عن عدم قدرة الطلاب على استيعاب الدروس في الحيز الزمني المخصص لها. أصبح الأولياء مجبرين على الدروس الخصوصية لأن البرنامج التربوي لا ينتهي خلال السنة الدراسية، ونسبة الطلاب الذين يتلقّون الدروس الخصوصية تصل إلى 50 في المائة رغم منعها قانوناً".

الصورة
تحتاج المناهج التونسية إلى التطوير (فتحي بلعيد/فرانس برس)
تحتاج المناهج التونسية إلى التطوير (فتحي بلعيد/فرانس برس)

وخلال السنوات الأخيرة خلقت ديناميكية سوق الدروس الخصوصية نشاطات موازية، من بينها منصات الدعم الرقمي للتلاميذ التي يصل الاشتراك السنوي فيها إلى نحو 1200 دينار، إلى جانب إنشاء بنايات مهيأة لتقديم الدروس الخصوصية. ويقبل التلاميذ بشكل مكثف على تلك الدروس في الفترة التي تسبق امتحانات نهاية السنة، فالأسر تبحث عن أي حلول لضمان تفوق أبنائها.
وتشكل الأعباء المالية التي تتحملها الأسر لتأمين الدروس الخصوصية مصدر ضغط مادي كبير على موازناتها، وسط مخاوف من تأثير عدم الاقتدار المالي على النتائج الدراسية لأبناء الأسر متوسطة وضعيفة الدخل. ويقدر عدد تلاميذ المرحلتين الابتدائية والثانوية بنحو 2,3 مليون تلميذ، ويصل معدل إنفاق أسرهم السنوي لتأمين الحد الأدنى لدراسة كل تلميذ إلى أكثر من 1600 دينار (516 دولاراً)، في حين لا يتجاوز متوسط أجور موظفي القطاع الحكومي 1380 ديناراً (445 دولاراً).
وكشفت نتائج دراسة سابقة أصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في عام 2023، أن 67 في المائة من تلاميذ المرحلة الابتدائية يتلقون دروساً خصوصيّة، و36 في المائة منهم يتلقونها في أماكن مخصصة للدروس، و42 في المائة في منزل المدرّس، و14 في المائة في المدرسة، وخمسة في المائة بمنزل التلميذ، وثلاثة في المائة بمراكز اللغات.

وأبرزت الدراسة أن 83 في المائة من محتوى الدروس الخصوصيّة بالنسبة للمرحلة الابتدائية هي دعم للدروس التي يتلقّاها التلاميذ بالمدارس، و12 في المائة للقيام بالواجبات المدرسيّة، وخمسة في المائة مخصّصة لتقديم نفس الدروس مجدداً. موضحة أن الكلفة الشهريّة للطالب الواحد في المرحلة الإعدادية تبلغ 74.736 دينارا، و120.265 دينارا في المعاهد، وتتضاعف هذه التكاليف في نهاية السنة الدراسية مع قرب الامتحانات.
ويعتبر رئيس الجمعية الوطنية للأولياء والتلاميذ، رضا الزهروني، أن "الدروس الخصوصيّة تضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب، وتزيد تكريس الفوارق بين أفراد المجتمع"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "كلفة الدروس الخصوصية تحوّلت إلى جزء من نفقات الأسر التونسية، وأن حجم الإنفاق يمكن أن يتضاعف إلى ثلاث مرات خلال فترة الامتحانات، والأسر تشكو من صعوبات مالية، لكنها مجبرة على تحمّل كلفة الدروس الخصوصية بحثاً عن تحصيل علمي جيّد لأبنائها".

المساهمون