مقررة أممية تدعو دول الحصار إلى رفع عقوباتها المفروضة على قطر فوراً

12 نوفمبر 2020
تقييم أممي لتأثير العقوبات الأحادية التي فرضتها دول الحصار على قطر (دايفيد راموس/Getty)
+ الخط -

حثت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتدابير القسرية الأحادية وحقوق الإنسان، ألينا دوهان، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، على السحب الفوري لجميع العقوبات والإجراءات التي فرضتها ضد دولة قطر، منذ  يونيو/ حزيران 2017، بما فيها جميع الإجراءات التي تهدف إلى وضع قيود على حرية التعبير والتنقل والوصول إلى الممتلكات، والحواجز التجارية، وحظر التعريفات والحصص والتدابير غير الجمركية، بما في ذلك تلك التي تمنع تمويل شراء الأدوية والمعدات الطبية والأغذية والسلع الأساسية الأخرى للأشخاص الذين يعيشون في قطر، في انتهاك للمعايير القانونية الدولية. 

وطالبت دوهان، الخميس، في مؤتمر صحافي عقدته في الدوحة، بعد زيارة قامت بها إلى قطر، لتقييم تأثير العقوبات الأحادية الجانب التي فرضتها الدول الأربع على تمتع الأشخاص الذين يعيشون في قطر بحقوق الإنسان، وطالبت هذه الدول بـ"ضمان حرية الرأي والتعبير بإلغاء جميع القوانين التي تجرم التعاطف مع قطر، واتخاذ كافة الإجراءات التشريعية والتنظيمية اللازمة لضمان القيام بالأنشطة الخاضعة لولايتها وسيطرتها دون أي تمييز وعدم إثارة الكراهية تجاه الناس الذين يعيشون في قطر، وإسقاط جميع القضايا المتعلقة بتطبيق قوانين التعاطف مع قطر لضمان عدم تطبيق أي تمييز". 

وكررت المقررة الخاصة، دعوات المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة وهيئات معاهدات الأمم المتحدة للدول الأربع، مراجعة تعريف الإرهاب وتمويل الإرهاب في قوانينها وجعله يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والامتناع عن استخدام مكافحة الإرهاب، وأشكال أخرى من تشريعات الأمن القومي، لخنق الأنشطة السلمية وغير العنيفة من خلال تحديد الأشخاص والصحافيين والمنظمات غير الحكومية، بما في ذلك مؤسسة قطر الخيرية، بالإضافة إلى آخرين غير مدرجين في قوائم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث لا يمكن تصنيف الأشخاص والشركات على أنهم متورطون في نشاط إرهابي إلا بناءً على معايير واضحة مع مراعاة المحاكمة العادلة والضمانات القضائية الخاضعة لسيطرة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. 

وشددت المقررة الخاصة على أهمية التنفيذ الكامل للقرارات والتدابير المؤقتة التي تقررها الهيئات الدولية المختصة، بما في ذلك، لم شمل العائلات التي تضم قطرياً، والتي فصلتها الإجراءات التي اتخذتها الدول الأربع في 5 يونيو 2017، ومنح الطلاب القطريين المتأثرين بالإجراءات التي اتخذتها الدول الأربع، في 5 يونيو 2017 وما بعده، الفرصة لإكمال تعليمهم في البلدان الأربعة أو الحصول على سجلاتهم التعليمية إذا كانوا يرغبون في مواصلة دراستهم في مكان آخر، والسماح للقطريين، المتأثرين بتلك الإجراءات، بالوصول إلى المحاكم والأجهزة القضائية الأخرى في الدول الأربع دون تمييز من أي نوع، وضمان عدم ممارسة أي تمييز ضد الأشخاص الذين يعيشون في قطر، وأن تستخدم الأحداث الرياضية والثقافية والأكاديمية لتعزيز التعاون والتنمية بين الناس دون أي تمييز، ورفض أي شكل من أشكال التحريض على الكراهية كما يقتضي القانون الدولي لحقوق الإنسان. 

3 آلاف قطري طردوا من دول الحصار 

وقد  أدى طرد القطريين من الإمارات والسعودية والبحرين، واستدعاء رعايا تلك الدول من قطر، عام 2017، وكذلك حظر السفر الذي فرضته تلك الدول، إلى الإبلاغ عن انتهاكات عديدة شملت الحقوق والحريات الأساسية: الحق في الحياة الأسرية، الحق في التعليم، الحق في العمل، الحق في الصحة، الحق في الملكية الخاصة، الحق في حرية ممارسة الدين والحق في المساواة في الوصول إلى العدالة. 

ووفق التقرير، الذي ستقدمه المقررة الخاصة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2021، هناك قلق من أن انتهاك أو انقطاع التجارة وشبكات الاتصالات قد يؤدي إلى انتهاك الحق في الحياة في ما يتعلق بأدوية معينة لا توجد لها مصادر بديلة مماثلة للإمداد، كما يزيد انقطاع الاتصال وتبادل المعلومات بين وكالات إنفاذ القانون من المخاطر في خلق ثغرات حماية لضحايا الاتجار بالبشر. 

كما رفض تقرير المقررة الخاصة مطالبة الدول الأربع بإغلاق قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام القطرية، وحظرها على أراضيها، وتجريم تعبيرات التعاطف مع قطر من قبل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين،   مشيراً إلى توثيق حملات التحريض ضد قطر في وسائل الإعلام بالدول الأربع. 

وقال التقرير، إن الإجراءات  التي اتخذتها الدول الأربع  عزلت قطر عن جيرانها، وحدت إلى حد كبير من وصولها إلى العالم الأوسع، نظراً لموقعها داخل المجال الجوي الخاضع للسيطرة التشغيلية للبحرين ومحاطة بالمجال الجوي السيادي للمملكة العربية السعودية  والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، مع إغلاق موانئ الإمارات العربية المتحدة أمام الاستخدام القطري والحدود البرية السعودية،كان على قطر إنشاء طرق تجارية جديدة وإيجاد مصادر بديلة للسلع والأدوية الأساسية للأشخاص الذين يعيشون في قطر، خارج مجلس التعاون الخليجي. 

وأثنت المقررة الخاصة على الشفافية والطريقة البناءة والتعاونية التي سهلت بها حكومة قطر هذه الزيارة الرسمية، مما سمح بإجراء حوار صريح ومفتوح، وعبرت المقررة الخاصة عن شكرها لإدارة حقوق الإنسان بوزارة الخارجية واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان على تقديم دعم قيم خلال زيارتها.

لقاء الضحايا 

والتقت المقررة الخاصة، بعدد كبير من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بمن فيهم أفراد ومحامون وصحافيون وممثلون للمجتمع المدني المحلي والمنظمات الإنسانية والشركات والأوساط الأكاديمية. 

ومن بين أولئك الذين تم الإبلاغ عن تضررهم بشدة الأزواج المختلطون وأطفالهم، المواطنون القطريون الذين لديهم وظائف أو شركات مقرها في الدول الأربع أو يشاركون في مشاريع مشتركة مع مواطني الدول الأربع، الطلاب القطريون الذين يدرسون في الدول الأربع (مع بعض الاتجاهات الإيجابية في ما يتعلق بمصر)،  وتلاحظ المقررة الخاصة أن حقوق العمال المهاجرين تتأثر أيضاً بشكل مباشر وغير مباشر، حيث فقد العديد منهم وظائفهم وتقطعت بهم السبل دون رواتب ومزايا. 

ولفتت  المقررة الخاصة بشكل إيجابي إلى بعض الخطوات التي اتخذتها الدول الأربع للحد من الأثر الإنساني للعقوبات الانفرادية المطبقة، على وجه الخصوص، حيث  يتم قبول  دخول بعض المواطنين القطريين، خاصة أولئك الذين لديهم أقارب مباشرون في هذه الدول، ويُسمح للطلاب القطريين بشكل انتقائي بالعودة إلى دراستهم، خاصة في مصر، و تجديد عدد محدود من الصفقات والعقود التجارية والتسجيلات ووثائق الهوية، وتوسيع إمكانية الطعن بعدم السماح بالسفر لفترة محدودة للدول الأربع عبر خط ساخن وعبر الإنترنت لتشمل جميع فئات القطريين.

لكن ما زال هناك  قلق بشأن التقارير التي تفيد بأن العقوبات الأحادية تميز وتستمر في التمييز ضد القطريين على أساس أصلهم القومي، وهو ما قد يرقى إلى نمط من الانتهاكات المستمرة والمنهجية لحقوق الإنسان. 

ورحبت المقررة الخاصة بالتقدم الذي أحرزته قطر من جديد في تحسين تشريعاتها وممارساتها المحلية في مجال مكافحة الإرهاب، وتشير إلى مشاركة قطر النشطة في الحرب العالمية ضد الإرهاب، بما في ذلك من خلال إجراءات مجموعة العمل المالي، واستضافتها قاعدة العديد الجوية، والتي تعد بمثابة القاعدة الأساسية لعمليات التحالف العالمي ضد داعش، بالإضافة إلى ذلك فإن  قطر طرف في 15 اتفاقية متعددة الأطراف تتعلق بالأمن ومكافحة الإرهاب، وهي عضو مساهم نشط في صندوق المشاركة المجتمعية والقدرة على الصمود، وهو مؤسسة غير ربحية مقرها في جنيف سويسرا، وأول جهد عالمي  لدعم جهود المجتمع المحلي لبناء المرونة في مواجهة التطرف العنيف. 

ودعت المقررة الخاصة إلى ضرورة قيام جميع الدول المعنية بالتفاوض بشأن قضايا التأشيرات والإقامة، بما في ذلك إمكانية إعادة إرساء حرية التنقل المنصوص عليها في وثائق مجلس التعاون الخليجي لأربع منها، في غضون ذلك، لوضع معايير شفافة معقولة لمنح تصاريح الإقامة، وإصدار التأشيرات، والسماح بزيارات قصيرة الأجل وضمان سلامتهم. 

كما دعت  جميع الأطراف إلى ضمان تمتع جميع الأشخاص بحقهم الكامل في الاعتراف بهم أمام القانون، بما في ذلك إصدار وتجديد جميع بطاقات الهوية والوثائق اللازمة، خاصة للأطفال، ولسد فجوة الحماية، يوصي المقرر الخاص قطر باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتوفير بطاقات هوية مؤقتة أو دائمة للمتضررين في الدول الأربع، وإنشاء أجهزة مركزية لمنحهم حق اللجوء. 

وقال تقرير المقررة الخاصة، ومع التسليم بأن الحج والعمرة يشكلان ركيزة غير قابلة للتصرف في ممارسة حرية الضمير لأي مسلم، فإنها تدعو دولة قطر والمملكة العربية السعودية إلى التفاوض وإبرام بروتوكولات بحسن نية ودون أي تمييز، بين  وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر ووزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية، لتوفير الحصص والمقاولين المحليين ومطارات الوصول وإمكانية المعابر البرية وغيرها من العناصر الضرورية كما هو الحال مع  بلدان أخرى.  

مطالب مدانة دولياً 

وأعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، في 5 يونيو/ حزيران 2017، عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وحظرت الدول الأربع الطائرات المسجلة في قطر، وبالتالي منعت الخطوط الجوية القطرية، من الهبوط في أراضيها أو المرور عبر مجالها الجوي وعلقت الدول الأربع أيضاً الخدمات البريدية مع قطر، بالإضافة إلى ذلك، نفذت الدول الأربع سلسلة من الإجراءات الانفرادية المنسقة ضد قطر، بما في ذلك إغلاق حدودها البرية، وموانئها الجوية والبحرية، وأجوائها أمام القطريين، وطرد ما يقرب من 3 آلاف قطري من أراضيها ونقل مواشي قطريين إلى قطر، ومعظمها من الإبل، ويُزعم أن بعضها نفق بسبب الإجهاد والجوع ونقص المياه، ومنع الوصول إلى القنوات الإعلامية والمواقع الإلكترونية في قطر، وتجريم التعبير عن التعاطف مع قطر، مع الإشارة إلى أن قطر متورطة في تمويل الإرهاب وتشكل تهديدات للأمن الإقليمي. 

وشمل  تقرير المقررة  الخاصة معلومات موثوقة حول اختراق وكالة الأنباء القطرية، وزيادة كبيرة في حوادث التحريض على كراهية قطر والأشخاص الذين يعيشون في قطر، وحجم خسائر الخطوط الجوية القطرية، التي اضطرت إلى إلغاء الرحلات الجوية، وإغلاق المكاتب، ومقاطعة جداول الطيران، مباشرة بعد فرض العقوبات أحادية الجانب، كما تأثرت العملة القطرية من خلال التلاعب المزعوم بالسوق، كما توقفت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين عن قبول العملة القطرية، مما جعل الأمر أكثر تعقيدًا بالنسبة للقطريين العالقين في تلك البلدان بعد أن طُلب منهم المغادرة لشراء تذاكر ودعم معيشتهم حتى عودتهم إلى قطر عبر دول ثالثة. 

وفي الأسابيع التي أعقبت فرض الدول الأربع للعقوبات، نشرت الدول مجموعة من ثلاثة عشر مطلباً وستة مبادئ، واتخذت موقفاً مفاده أنه يتعين على قطر الموافقة على هذه المطالب بالكامل قبل أن تناقش الدول رفع  التدابير، حالة لا تزال سارية حتى يومنا هذا، وكذلك التدابير نفسها، وشملت المطالب مطالبة قطر بإغلاق قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام القطرية، ووقف العلاقات الدبلوماسية مع إيران والتعاون العسكري مع تركيا، والخضوع لعمليات تدقيق لمدة عشر سنوات لمراقبة امتثال قطر للمطالب، وهذه المطالب، التي تتعدى على الحريات الأساسية، تمت إدانتها على المستوى الدولي من قبل مؤسسات حقوق الإنسان والكيانات ذات الصلة بحرية وسائل الإعلام، بما في ذلك عدد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية. 

المساهمون