مفاوضات دولية في جنيف حول الاستثمار في حماية التنوع البيولوجي

27 مارس 2022
مخاطر كبيرة تهدد العالم بسبب التلوث والتغير المناخي (Getty)
+ الخط -

هل العالم مستعدّ لدفع المال لحماية الطبيعة عوضًا عن إنفاق مبالغ طائلة لتدميرها؟ هذه المعضلة في صلب مفاوضات دولية تجرى في جنيف بشأن حماية البيئة بشكل أفضل، قبل أشهر من انعقاد مؤتمر الأطراف حول التنوع البيولوجي "كوب 15" في الصين.

تكشف الأرقام أن 1800 مليار دولار من المنح الحكومية، أي نحو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، يسهم في تدمير البيئة، بحسب دراسة لتحالف "بزنس فور نيتشر"، وتطرح دراسات أخرى أرقامًا أقل، لكنها تعترف بأن العالم ينفق أكثر على تدمير البيئة مما ينفق على حمايتها.

تقول الباحثة جوليات لاندري، من معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية في فرنسا: "تنقصنا بيانات" حول المبالغ المُكرّسة لهذا الدعم المالي الحكومي المضرّ بالبيئة.

وتجتمع الدول الـ196 المنضوية في اتفاقية التنوع البيولوجي، حتى الثلاثاء، في جنيف، لمناقشة نصّ يهدف إلى حماية البيئة بطريقة أفضل بحلول عام 2030، بالإضافة إلى القدرات المالية اللازمة للقيام بذلك. وسيجرى العمل بالنص خلال مؤتمر "كوب 15" هذا العام.

ويعتبر الأستاذ المتقاعد من قسم العلوم النباتية والبيئية في جامعة غانا ألفرد أوتينغ أن "تعبئة الموارد أصبحت موضوعًا ساخنًا في هذا الاجتماع".

الموارد المطلوبة لتخفيف الإنفاق المؤذي للبيئة تصل إلى 100 مليار دولار

ويوضح جيريمي إيبيل، الذي أعدّ تقارير حول هذا الموضوع لاتفاقية التنوع البيولوجي، أن هناك حاجة "لموارد إضافية من جميع الجهات، الدولية والمحلية، والعامة والخاصة، لتخفيف الإنفاق المؤذي للبيئة، ولاستخدام أفضل للموارد المالية المتاحة".

ويحتوي النص الذي تجرى مناقشته على أهداف مرقّمة، وتحديدًا "إعادة توجيه، أو إعادة تخصيص، أو إصلاح أو إلغاء دعم الممارسات المؤذية، من خلال تخفيضها بـ500 مليار دولار على الأقلّ سنويًا".

كما يشمل النص "زيادة الموارد المالية من جميع المصادر الممكنة بغية بلوغها ما لا يقلّ عن مائتي مليار دولار أميركي سنويًا، من خلال زيادة التدفقات المالية الدولية إلى الدول النامية بما لا يقلّ عن عشرة مليارات دولار على الأقلّ سنويًا"، فضلًا عن تقليص النقص في التمويل "بـ700 مليار دولار على الأقلّ سنويًا بحلول عام 2030".

الصورة

ويبقى تحديد الجهة التي ستدفع، فالدول النامية لا يكفيها تحويل سنوي بقيمة 10 مليارات دولار، وغواتيمالا تطالب علنًا بستين مليارا.

ويطالب فينود ماتور، رئيس الهيئة الوطنية للتنوع البيولوجي في الهند، بمائة مليار من "الأموال الجديدة والإضافية والسريعة"، ويشير إلى أن التفكير بأهداف طموحة لحماية البيئة مستحيل في ظلّ غياب تمويل كافي.

ويموّل صندوق البيئة العالمية حاليًا مشاريع حول التنوع البيولوجي. لكن الدول النامية تستنكر تباطؤها وقلة المبالغ المستثمرة، ويدعو البعض إلى إنشاء صندوق جديد، الأمر الذي قد يستغرق سنوات بحسب الدول المعارضة لهذه الفكرة، أو على الأقل إصلاح صندوق البيئة العالمي.

وحسب أحد ممثلي صندوق البيئة العالمي، تعترف الدول الغنية بأن "هناك جهوداً إضافية لازمة"، لكن من دون الموافقة على المبالغ التي تطالب بها الدول النامية. ويعتبر المصدر أن حشد المزيد من طاقات القطاع الخاص والاستفادة بشكل أفضل من الأموال المتاحة من الطرق المناسبة لتحقيق ذلك.

وتدافع الحكومات عن الدعم المالي للممارسات المؤذية بحجة أنها "تساعد أو تستهدف الفقراء، لكن المستفيدين الرئيسيين هم غالبًا الأكثر ثراءً"، بحسب رونالد ستينبليك الذي كتب دراسة تحالف "بزنس فور نيتشر"، فنسبة 80 في المائة من الدعم لصيد السمك تذهب للصيد الصناعي، وليس لصغار الصيادين.

ويُعدّ إصلاح الدعم الحكومي لهذه الممارسات صعبًا لأن قطاعات كاملة من النشاط تعتمد عليها. لكن تجب معالجة المشكلة، وفق إيفا زابي، المديرة التنفيذية لتحالف "بزنس فور نيتشر"، والتي تضيف أن "الشركات تحتاج إلى طمأنة سياسية لكي تستثمر وتبتكر وتغيّر نماذج أعمالها، وبسرعة".

وكما حال الكثير من المفاوضات الدولية، قد لا يتوصل العالم إلى حلّ إلّا في اللحظة الأخيرة، أي خلال "كوب 15" في الصين، المرتقب في الربع الثالث من عام 2022.

(فرانس برس)

المساهمون