عمدت تونس هذا العام إلى زيادة عدد مراكز الامتحانات الخاصة بتلاميذ شهادة البكالوريا من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، من خلال فتح مركز جديد في محافظة صفاقس بهدف ضمان ظروف أفضل للتلاميذ. وتواصل الجمعيات المدنية المدافعة عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية المطالبة بمزيد من الرعاية للتلاميذ الذين يعانون من التمييز، مثل الحرمان من حق اختيار الشعبة الدراسية.
ويجتاز هذا العام أكثر من 70 تلميذاً من الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية امتحانات البكالوريا التي انطلقت يوم أمس الأربعاء، موزعين على أربعة مراكز في محافظات تونس وسوسة وقابس وصفاقس. وبحسب بيانات رسمية لوزارة التربية، تمكن 72 تلميذا من إجراء امتحانات البكالوريا من خلال تضخيم الخط، في وقت امتحن 71 آخرون من خلال لغة البرايل.
وتحصر المناهج التعليمية الموجهة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في تونس اختيارهم في شعبة الآداب دون سواها، في وقت تنتقد الجمعيات المدافعة عن حقوق هؤلاء تقصير السلطة في فتح آفاق تعليمية جديدة.
ويعاني الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية في تونس من صعوبة في الاندماج التعليمي نتيجة العوائق اللوجستية التي تحول دون إتمام دراستهم وإجراء الاختبارات في ظروف جيدة، من بينها قلة عدد مراكز الامتحانات المخصصة لهم. ويضطر العديد منهم للتوجه إلى محافظات أخرى من أجل إجراء الامتحانات الرسمية.
ويقول رئيس جمعية إبصار المدافعة عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية محمد المنصوري إن "التلاميذ ذوي الإعاقة البصرية يواجهون صعوبات في مسارهم التعليمي". ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "معاناة هؤلاء من جراء الإقصاء التعليمي نتيجة صعوبات لوجستية لا تذللها الدولة على الرغم من بساطتها، من بينها زيادة عدد مراكز الامتحانات، وتوفير الكتب المدرسية بلغة البرايل، بالإضافة إلى السماح لهم باختيار الشعبة التي يريدونها".
يضيف أن "الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية مجبرين على الدراسة في شعبة الآداب دون غيرها، على خلاف باقي التلاميذ الذين يحق لهم اختيار شعب علمية أو تقنية، بسبب توفير وزارة التربية الكتب المدرسية المناسبة لهذا التخصص فقط". ويشير إلى أن الأِشخاص ذوي الإعاقة البصرية قادرون على الدراسة في كل الشعب العلمية والتفوق فيها، إلا أنهم محرومون من هذا الحق الذي يتعارض مع الدستور".
ويرى أن "إجبار حاملي الإعاقة البصرية على الدراسة في شعبة الآداب دون غيرها يؤدي إلى إقصائهم عن سوق العمل"، مشدداً على "ضرورة إعداد مناهج دراسية مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، الأمر الذي يتيح لهم الاندماج في المجتمع وسوق العمل".
ويعرب المنصوري عن خيبة أمله بسبب سياسة التمييز التي تنتهجها الدولة في التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية على الرغم من حقوقهم الدستورية، مشيراً إلى أن حقوقهم في الدراسة تتراجع. ويقول إنه في عام 1997، كانت المعاهد المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة البصرية تحتوي على مختبرات مجهزة تمكن التلاميذ في كل مراحل التعليم الثانوي من دراسة المواد العلمية، ولم يكن التلاميذ مجبرين على اختيار شعبة الآداب".
وينص الفصل 30 من الدستور التونسي على أن تضمن الدولة "الحق في التعليم العمومي المجاني بكامل مراحله، وتسعى إلى توفير الإمكانيات الضرورية لتحقيق جودة التربية والتعليم والتكوين". كما أبرز التقرير الوطني حول وضع الطفولة في تونس، الصادر أخيراً عن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، أن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في الدراسة غير مكفول كما يجب. وتبقى هذه الفئة مهددة بالأمية بسبب عدم القدرة على الوصول إلى التعليم، ولا سيما في المناطق الريفية التي يصعب فيها دمج هؤلاء.