معوقو فلسطين... "وعود" مرشحي انتخابات الضفة الغربية

21 مارس 2022
مرشحون يطرحون مشاريع للأشخاص المعوقين (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -

تشتعل المنافسة بين عشرات القوائم في المرحلة الثانية لانتخابات الهيئات المحلية الفلسطينية (البلديات) في الضفة الغربية المقررة في 26 مارس/آذار الجاري، والتي سيختار فيها 787 ألف ناخب ممثلين لشغل 102 مقعد. وبين الأسئلة الكثيرة المطروحة: هل ستنظر هذه القوائم جديّاً بعد فوزها بالعمل لتطبيق حقوق الأشخاص المعوقين، وهل ثمة ما يوحي بذلك في خطاباتهم الانتخابية؟
يقول رئيس قائمة "الوفاء للخليل"، تيسر أبو سنينة، لـ"العربي الجديد": "طرحت قبل أن أستقيل بأيام من منصب رئيس بلدية الخليل، تنفيذ مشروع يلحظ ملاءمة المباني العامة والتجارية في مدينة الخليل للأشخاص المعوقين. وهذا الأمر لا يرتبط بقائمة انتخابية أو فوز انتخابي محتمل. وفي حال فوز قائمة الوفاء للخليل سنكمل المشروع، علماً أن مباني البلدية باتت تتلاءم مع متطلبات تسهيل تحرك الأشخاص المعوقين".
يتابع: "ستعطي قائمتنا أيضاً، في حال فوزها، أولوية لتوظيف الأشخاص المعوقين، علماً أن القانون الخاص بهم يمنحهم أحقية الحصول على وظائف تشكل نسبة 5 في المائة من القطاع العام، وهي غير كافية، علماً أنها ليست مطبقة أيضا".

ويقول الخبير القانوني ومستشار القطاعات العاملة في مجال حماية حقوق الأشخاص المعوقين في الضفة الغربية، عصام عابدين، لـ "العربي الجديد": "يجب أن ينظر المرشحون أكثر في حقوق الأشخاص المعوقين، كجزء من فلسفة التنوع في المجتمع واحترام الحقوق الفردية. هناك حوالى 30 ألف شخص من الأشخاص المعوقين في فلسطين، ويجب أن تطبق القوائم الانتخابية في حال فوزها الحقوق الصحية الخاصة بهم، والتي أقرّها نظام صدر قبل عام من دون أن يطبق".
يضيف: "يجب أن تنظر المجالس البلدية المنتخبة في قضايا أكثر مفصلية بالنسبة إلى الأشخاص المعوقين، وبينها إلى جانب الحقوق الصحية، حق تشغيلهم في القطاع العام والذي لا يتجاوز نسبة 1.22 في المائة حالياً، رغم أن القانون يحدده بنسبة 5 في المائة. كما يجب تعزيز ضوابط منع تعنيف الأشخاص المعوقين، وتفعيل الرقابة على مراكز إيوائهم، ووقف التنمر الذي يتعرضون له، علماً أن لا قانون لتجريم أي من مظاهر تعنيف هؤلاء الأشخاص الذين يجب أن يتنبه المرشحون إلى واقع تمييزهم في مجالات مختلفة".

من الضروري أن يخدم المرشحون ذوي الإعاقة (حازم بدر/ فرانس برس)
من الضروري أن يخدم المرشحون الأشخاص المعوقين (حازم بدر/ فرانس برس)

"وعودنا غير واهية"
ويخبر المرشح في قائمة "البيرة تجمعنا"، روبين الخطيب، "العربي الجديد"، أنه نفّذ مع مرشحين في القائمة زيارة ميدانية لجمعية تعمل في حماية وإيواء الأشخاص المعوقين في المدينة. ويشير إلى أن المجلس المحلي السابق لم يهتم بهذه الجمعية، رغم أنه يستطيع دعم بعض مشاريعها وبرامجها. ويقول: "أفكر كمهندس معماري ومرشح للانتخابات المحلية بدعم مسألة ملاءمة المباني والشوارع التي تعاني أجزاء كثيرة منها من عيوب تعيق حتى تحركات المواطنين الأصحاء، مثل وجود أدراج في بعضها". ويؤكد الخطيب أن "وعود قائمة البيرة تجمعنا التي تضم مرشحين شبان متحمسين للعمل، لن تكون واهية في شأن الدور الحقيقي الذي ستلعبه لتحقيق مطالب الأشخاص المعوقين".

رفضاً للخداع
من جهتها، تخوض ريما قنواتي، التي تعاني من إعاقة في البصر، وقررت استناداً إلى خبرة عملها 28 عاماً في تنمية ودعم ومناصرة حقوق الأشخاص المعوقين، الانتخابات المحلية ضمن قائمة "بيت لحم المستقلة" للمنافسة على مقعد في المجلس البلدي لمدينة بيت لحم. وهي تبدي في حديثها لـ"العربي الجديد" خشيتها من أن يمحو الفوز كلام المرشحين.
تضيف قنواتي، وهي واحدة من مرشحتين من الأشخاص المعوقين لهذه الانتخابات، إلى جانب إسراء داوودي من مدينة الخليل: "في حال فوزي سأضغط لجعل شوارع مدينة بيت لحم ومبانيها أكثر ملاءمة للأشخاص المعوقين، وتسهيل حصولهم على الخدمات العامة بكرامة من دون أي محسوبية أو تمييز أو محاباة، وأيضاً لمنع إعطاء أي ترخيص لتشييد مبنى لا يراعي احتياجات هؤلاء الأشخاص وإخضاع أعمال بنائه للمراقبة المطلوبة. وأرغب في تعزيز وسائل الوصول إلى الأشخاص المعوقين في مناطق سكنهم، وتحسين ظروفهم في مواقعهم، وصولاً إلى تغيير واقع الأشخاص المعوقين، استناداً إلى دراسات حقيقية تحقق نتائج عملية".

مرشحون يطرحون مشاريع لذوي الإعاقات (عصام ريماوي/ الأناضول)
العمل أحد حقوق الأشخاص المعوقين (عصام ريماوي/ الأناضول)

اقتراح الربط المؤسساتي
في المقابل، ترفض المسؤولة في الائتلاف الفلسطيني للأشخاص المعوقين، شذى أبو سرور، ربط مسألة تحقيق تقدم في شأن واقع هؤلاء الأشخاص بمرحلة انتخابية، وتقول لـ"العربي الجديد": "من الضروري إخضاع حقوق الأشخاص المعوقين للعمل المؤسساتي. والمرشح للانتخابات هو ابن المجتمع الذي لا يزال يهمّش حقوق الأشخاص المعوقين، وعليه أن يتخذ خطوات تجاههم ضمن المهمات الـ 27 التي تتضمنها أعمال المجالس البلدية، والتي يجب أن يجعلها تشمل هؤلاء الأشخاص على مستويات الخدمات والمشاريع والبرامج".
تضيف: "أعتقد بأن قرارات القوائم الانتخابية في شأن واقعهم يجب ألا تحصر في إطار السنوات الأربع للمجلس البلدي المنتخب. ومن الضروري ألا تذهب أدراج الرياح فور مغادرة هذا المجلس البلدي عقب انتهاء هذه السنوات الأربع، وهو ما يتطلب بناء شراكات حقيقية مع قطاع الأشخاص المعوقين، لا تكتفي بجلب المنافع المطلوبة المؤقتة بل تربطها بالديمومة الضرورية والفاعلة".

وفي شأن كيفية لعب المجالس البلدية المقبلة دورها في بناء الشراكة الأولى مع المجتمع من أجل تغيير واقع الأشخاص المعوقين، تشرح أبو سرور أنه "يجب أن يفتح المسؤولون عن البلديات أبواب الحوار مع هؤلاء الأشخاص، ويسألوهم عن احتياجاتهم. كما يجب أن يتغير خطاب البلديات القادمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتضمينها رسائل لتعزيز العلاقات مع الأشخاص المعوقين، والترحيب بهم مع الاهتمام بمطالبهم، في سبيل تأكيد أهمية التنوع في المجتمعات، حتى على صعيد الدعوة إلى النشاطات العامة. ولا بدّ من المطالبة بضرورة وجود حصة للأشخاص المعوقين (كوتا) في المقاعد الانتخابية، وهو أمر يغيب عن قانون الانتخابات العام، علماً أنه مطلوب أيضاً لفئات مهمشة أخرى في المجتمع، مثل المرأة".

 

طموحات من قلب المعاناة

تقول المرشحة ريما قنواتي التي تعاني من إعاقة في البصر: "ترددت في خوض هذه الانتخابات، لأنني أخشى هذه التجربة عموماً أو أن أكون جزءاً من خداع المواطنين، فغالبية المرشحين يطلقون الوعود للناس من دون أن ينفذوا شيئاً منها بعد الفوز، لكنني قررت أن أكون في موقع يخدم الأشخاص ذوي الإعاقات، ويوصل حقوقهم إلى مراكز صنع القرار".

المرشحون يجب أن يطالبوا بتطبيق الحقوق الصحية لذوي الإعاقة (مصطفى الخاروف/ الأناضول)
المرشحون يجب أن يطالبوا بتطبيق الحقوق الصحية للأشخاص المعوقين (مصطفى الخاروف/ الأناضول)
المساهمون