لم يكن الطفل جاد الدغيمات، ذو الثماني السنوات، يعرف ما هي وظيفة الصحافي، أو المصور الصحافي، لكنه اليوم بات مبهوراً بعملهما عبر متابعته للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي "يوم الشخصيات"، الذي يعدّ تقليداً سنوياً تقيمه الأكاديمية العربية الدولية في الدوحة لطلابها؛ قرّر جاد اختيار شخصية مختلفة بات يعرفها الصغار قبل الكبار.
وفي يوم الشخصيات، الذي نظم أمس الخميس، يُطلب من كل طالب اختيار شخصية من كتابه المفضل والحضور للمدرسة مرتدياً زي تلك الشخصية. ويهدف هذا النشاط لتعزيز عادة القراءة والبحث لدى الطلاب عن طريق استكشافهم لشخصياتهم المفضلة.
سنوياً اعتاد الطلاب الانبهار بالشخصيات الخارقة، وهو ما جعل إدارة الأكاديمية عبر الإعلان المُرسل للأهالي، حثّ الطلاب على عدم اختيار تلك الشخصيات.
هذا العام لم يكن الأمر صعباً، إذ اختلف مفهوم البطل الخارق أو الشخصية الرئيسية لدى الأطفال العرب الذين شهدوا الحرب على قطاع غزة من خلال شاشات القنوات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وبات الطبيب والمسعف والمصور والصحافي أبطالاً يُسطرون معنى الصمود، ويمثلون قدوة لأطفال هذا الجيل. لذا قرر جاد الذهاب إلى مدرسته مرتدياً زيّ بطل عربي لم يره مسبقاً في القصص التي اعتاد على قراءتها.
تقول أم جاد لـ"العربي الجديد"، إنه عندما وصل إعلان فعالية "يوم الشخصيات" اقترحت عليه عدة شخصيات لكنه فاجأها باختياره لشخصية المصور الصحافي الفلسطيني معتز عزايزة.
ولم يكن فقط اختياره لهذه الشخصية كافياً، بل قام بالبحث عن معتز عبر مواقع البحث وكتب نبذة عنه ليعّرف أصدقاءه بالمدرسة عن شخصية مصور صحافي وظيفته نقل الحقيقة.
يوضح جاد لـ"العربي الجديد" سبب اختياره شخصية عزايزة بالقول: "لأنه ينقل الحقيقة". والحقيقة رغم أنها فطرة يؤمن بها كافة الأطفال، إلا أن العرب منهم يدركون أنها لا تُنقل عنهم، وأن نقلها بات هو المطلب الأهم لجيلهم.
اليوم استطاع صحافيو غزة نقل ما يحدث فيها من مجازر وتجسيد أهمية دور الصحافة لكافة الأطفال العرب، مقدمين نموذجاً مشرفاً لمهنة تعتبر الأصعب.
وأعلنت نقابة الصحافيين الفلسطينيين استشهاد 66 من الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
وبالرغم من ذلك يؤكد معتز في منشوراته على حسابه في منصة إنستغرام، أنه ليس بطلاً، وإنما مجرد مصور سافرت صوره إلى جميع أنحاء العالم في حين لم تطأ قدمه أرضاً خارج وطنه. لكن جاد وغيره من الأطفال العرب لا يعتبرون معتز فقط مصوراً صحافياً بل بطلاً يساعد غزة.
"أنا أشكرك لأنك تساعد غزة"، هذه الرسالة التي وجهها جاد نصاً لمعتز، وهي الكلمات التي سيرغب العديد من الآباء والأمهات الصحافيين بتوجيهها لمعتز وكافة صحافيي غزة الذين استطاعوا أن يجسدوا معنى وظيفة المصور الصحافي كما يجب أن تكون.