استمع إلى الملخص
- يواجه العائدون والنازحون تحديات مثل الابتزاز من الأجهزة الأمنية السورية، التي تفرض إتاوات وتلزم البعض بإجراء تسويات، بينما يلجأ المطلوبون أمنياً إلى المهربين.
- تتجه أعداد كبيرة إلى مراكز الإيواء، حيث تقدم المساعدات من الوحدات البلدية والهلال الأحمر، مع استقرار العديد في أماكن سكنية خاصة، وتبرز جهود المجتمع الأهلي في استقبال وإغاثة العائدين.
تشهد المعابر السورية الحدودية مع لبنان تدفق أعداد كبيرة من العائدين إلى سورية والنازحين من لبنان هرباً من العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان، حيث أعلنت اللجنة السورية العليا للإغاثة، أمس السبت، توافُدَ أكثر من 396 ألف شخص عبر المنافذ الحدودية الرسمية منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان، من بينهم أكثر من 115 ألف نازح لبناني، في حين تشير إحصاءات غير رسمية عن توافد آلاف السوريين واللبنانيين عبر طرق غير نظامية في مناطق ريف حمص، مؤكدة أن مجمل الأعداد تقارب 450 ألف وافد.
أحد النازحين رفقة أسرته من لبنان طلب عدم ذكر اسمه قال لـ"العربي الجديد"؛ إنّ "النظام السوري وحواجزه عبر المعابر يعمل دوماً وفق مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد" فالأجهزة الأمنية والعسكرية تبتز العائدين منذ لحظة وصولهم إلى الحدود وعبر جميع الحواجز وتجد لكل شخص قضية يضطر من خلالها إلى دفع إتاوات، تبدأ من التخلف عن الخدمة الإلزامية رغم وجود عفو عام ساري المفعول، وكذلك إلزام بعض الأشخاص والعائلات من مناطق الشمال السوري وريف دمشق بإجراء تسويات ومصالحات ودفع مبالغ للعبور من دون تفتيش، وكأن هذا النظام وهؤلاء العناصر لم يسمعوا بالحرب والنزوح".
وبدوره قال أحد الوافدين بطريق غير نظامي لـ"العربي الجديد"؛ إنّ معظم السوريين المطلوبين لأسباب أمنية أو الشباب المطلوبين للخدمة العسكرية يدخلون إلى حمص بواسطة مهربين مقابل أجور عبور تراوح بين 100 و150 دولاراً، مضيفاً أنّ بعض العائلات اللبنانية التي يعرفها قد دخلت إلى مناطق القصير في حمص والسيدة زينب في ريف دمشق من دون تسجيل أي أوراق على المعابر الحدودية.
واتجهت أعداد كبيرة من العائدين السوريين والنازحين اللبنانيين إلى بعض مراكز الإيواء التي هيأتها لجان الإغاثة في المحافظات السورية، وبيّنت معظم الإحصاءات أرقاماً متضاربة حول وجهة العودة والنزوح، ففي الوقت الذي تُظهر فيه تصريحات المسؤولين في مراكز الإيواء السورية أعداداً كبيرة من الأسر اللبنانية التي لجأت إلى المراكز؛ تبين الوقائع أنّ معظم النازحين اللبنانيين استقروا في أماكن سكنية خاصة وفي فنادق وبيوت معدة للإيجار، وفي مناطق محددة مثل ريف حمص وحمص المدينة واللاذقية وطرطوس ودمشق. ولجأ معظم العائدين السوريين إلى بلداتهم ومنازلهم المعروفة قبل النزوح إلى لبنان وإلى أقاربهم، وتولت الوحدات البلدية في هذه المناطق والهلال الأحمر والمجتمع المدني قضايا الإغاثة.
وقال ساهر الغزاوي من ريف درعا لـ"العربي الجديد"؛ إنّ "مئات الأسر السورية العائدة من لبنان وصلت، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، واستقر البعض في بيوت كانوا يملكونها، وآخرون لدى أقارب لهم ريثما تسنح الفرصة بتأهيل منازلهم المخربة جزئياً بسبب الحرب، ولكن الأغلب عاد هارباً من لبنان لا يملك سوى تكاليف الطريق والبعض أرسل واستدان من أقاربه حتى وصل. والجميع يتكئ الآن في معيشته على المجتمع الأهلي وبعض المساعدات من الهلال الأحمر. وهذه المساعدات تكلف أحياناً أجور مواصلات وأوراقاً ثبوتية ما يعادل قيمتها".
وأشار الغزاوي إلى إعلان صدر، اليوم الأحد، من شعبة الهلال الأحمر لعدد من الوافدين، تطلب فيها مراجعة الشعبة برفقة الأوراق النظامية "دفتر العائلة وملف الأمم وبطاقة الصرّاف أو الكرت الأحمر أو صورة عن وصل الـ100 دولار أميركي للوافد قبل إلغاء قرار التصريف، وصورة عن الإقامة أو كرت الدخول والخروج".
من جانبها حددت المفوضية العليا للّاجئين التابعة للأمم المتحدة خريطة للأماكن الأكثر توافداً للعائدين السوريين من لبنان، مبينة أنّ الوجهات الأكثر كانت إلى مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" في الرقة ومنبج والحسكة ودير الزور شمال شرقي وشرقي سورية التي استقبلت العدد الأكبر من العائدين. وتولى إغاثتها المجتمع الأهالي وقد أظهرت منشورات وسائل التواصل الاجتماعي عدداً من المبادرات المدنية في تلك المناطق.
في المقابل، يحرص الإعلام السوري الرسمي على إظهار حجم الإغاثة المقدم من السلطات للوافدين، خاصة اللبنانيين، في بعض مراكز الإيواء، مركّزاً على حجم الإغاثة الطبية مؤكداً على احتياجات سورية للأدوية والأجهزة الطبية، ومطالباً المجتمع الدولي بأخذ دوره في مساعدة الشعبين اللبناني والسوري والبدء بإعادة إعمار سورية.