بعد عقود من النضال قد يحصل الضحايا وعائلات أولئك الذين تأثرت حياتهم بفضيحة الدم الملوّث، التي تعدّ أسوأ كارثة علاجية مرّت بها خدمات الصحة الوطنية في المملكة المتحدة، بتعويضات في وقت قريب.
وكانت خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا اختبرت أسوأ فتراتها عند استيرادها كميات من الدم الملوّث من الولايات المتحدة الأميركية في السبعينيات والثمانينيات، بسبب حاجتها الماسة إليه لعلاج المصابين بالهيموفيليا وأولئك الذين يعانون من اضطرابات الدم الأخرى في البلاد، ليتبين لاحقًا أنّه لم يتم التحقق من سلامة هذا الدم بشكل جيّد وأنّه كان ملوّثاً.
وتعود القضية إلى الواجهة مع اقتراب موعد تنحّي بوريس جونسون، رئيس الوزراء، عن منصبه، ويبدو أنّ التحقيق الذي بدأ عام 2017 يقترب من نهايته، حيث من المقرر أن يسلم النشطاء رسالة إلى جونسون، غداً الاثنين، تحثه على تسليم مدفوعات مؤقتة فورية للضحايا قبل وفاة المزيد منهم.
ويطالب الوفد، الذي يضم أشخاصاً من الدول الأربع في المملكة المتحدة، جونسون بتنفيذ التوصية الخاصة بالتعويض المؤقت التي قدمها السير "روبرت فرانسيس كيو سي" في تقريره، من دون أي تأخير.
كما يُعتقد أن حوالي 3000 شخص لقوا حتفهم وأصيب آلاف آخرون نتيجة فضيحة الدم الملوّث، لذلك يسعى التحقيق المستمر إلى فهم الظروف التي أدت إلى إعطاء خدمات الصحة الوطنية الآلاف من المصابين بالهيموفيليا منتجات الدم الملوثة بفيروسات قاتلة، مثل فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد C المستوردة من الولايات المتحدة.
وتقول الرسالة، التي وقعتها مجموعات ومؤسسات خيرية، إن 419 شخصاً توفوا منذ يوليو/تموز 2017 حتى فبراير/شباط من هذا العام، وأنه تم الإبلاغ عن وفاة أشخاص مصابين بمعدل شخص واحد كل أربعة أيام.
في السياق، يدعو أحد النشطاء من "حملة الدم الملوث" جونسون، قبل مغادرة منصبه، إلى القيام بفعل إيجابي وبدء عملية دفع التعويضات للمصابين، ويلفت إلى أنّ المزيد من التأخير في دفع التعويض في حال القيام بذلك، لن يفيد مئات الأشخاص الذين قد يموتون قبل أن يحظوا بأي دعم أو تعويض، ويضيف أنّ تقرير السير روبرت كان واضحاً جداً في ما يتعلق بالمدفوعات المؤقتة، وكان يدرك العدد الهائل من الوفيات المستمرة، لذلك يمكن أن نعي حاجة الناس إلى الدعم الآن.
وبحسب ما أوردت صحف بريطانية، الأحد، قال السير روبرت في تقريره، الذي نُشر الشهر الماضي، إن التعويضات المؤقتة يجب أن تتم الآن، وأشار إلى أنّ أي شخص مصاب ينبغي أن يتوقع تعويضا بمبلغ 100 ألف جنيه إسترليني كحد أدنى. من جهتها، قالت الحكومة إنها تدرس توصيات السير روبرت وإن هذه العملية ستشمل الاستماع إلى شهادته وأدلة الآخرين في التحقيق.
وفي ما يتعلّق بهذه الفضيحة، التي طاولت خدمات الصحة الوطنية ووضعتها أمام الشبهات، يرى خبراء أنّه نظراً للتطورات الطبية في فحص منتجات الدم، فإن احتمال حدوث أمر مماثل يرتبط بالعامل الثامن أمر مستبعد للغاية، بيد أنّ السباق لإضعاف هيئة الخدمات الصحية الوطنية، يعني أن أزمة صحية أخرى على وشك الحدوث.
أمّا موقع قسم الرعاية الصحية والاجتماعية الحكومي، فيقول إنّ الحكومة أطلقت التحقيق، في يوليو/تموز 2017، في قضية الدم الملوّث بموجب قانون التحقيقات لعام 2006، بقيادة السير بريان لانجستاف، ولا يزال هذا التحقيق مستمراً، وليس من المتوقع تقديم تقرير حتى عام 2023.
ويوضح أنّه من المطلوب أن ينظر التحقيق في الظروف التي عولج فيها الرجال والنساء والأطفال من قبل الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة وكيف تم إعطاؤهم دمًا ملوثًا ومنتجات الدم المصابة على وجه الخصوص منذ عام 1970، بالإضافة إلى جوانب عديدة بما في ذلك أعداد المصابين وكيفية تأثير العدوى على حياتهم وحياة من حولهم من أطفال وآباء وشركاء.