مصر: وزيرة الصحة تتهم "الإخوان" في واقعة وفاة مرضى كوفيد-19 في مستشفى

03 يناير 2021
أظهر الفيديو ذهول إحدى الممرّضات وهي تجلس على الأرض (فيسبوك)
+ الخط -

 اتهمت وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، جماعة "الإخوان المسلمين"، بترويج فيديو تصوير واقعة نفاد الأوكسجين في غرف العناية المركزة بمستشفى "الحسينية" المركزي بمحافظة الشرقية، التي نتج منها وفاة 5 من مرضى كوفيد-19، وسط محاولات يائسة من أطقم التمريض لإنقاذ المرضى.

وزعمت زايد في تصريحات لجريدة "أخبار اليوم" الحكومية، أنّه "لا يوجد أي نقص في الأوكسجين داخل مستشفيات الوزارة، ومن يدّعي غير ذلك هم أعضاء في جماعة الإخوان (الإرهابية)"، نافية صحة ما جاء في فيديو وفاة بعض المصابين بفيروس كورونا بمستشفى "الحسينية" المركزي نتيجة انقطاع الأوكسجين.

ودأبت سلطات الانقلاب الحاكمة في مصر على تحميل جماعة "الإخوان" مسؤولية أيّ كارثة تقع في البلاد، للتغطية على فشل الحكومة في إدارة الملفات المنوطة بها، ولعل أبرز مثالين على ذلك، اتهام موظّف حكومي أشعل النار في نفسه أخيراً بميدان التحرير، احتجاجاً على تفشي الفساد في جهة عمله، بالانتماء إلى الجماعة لإثارة الرأي العام، وتلفيق قضية لـ17 شخصاً باسم "تنظيم البالوعات"، اتهموا فيها بسد البالوعات عمداً في محافظة الإسكندرية خلال موسم الأمطار عام 2015.

من جهته، قال عضو مجلس النواب عن دائرة "الحسينية" بالشرقية، السيد رحمو، إنّ "وفاة 5 من مرضى كوفيد-19 سببه الإهمال ونفاد الأوكسجين في المستشفى، وسوء إدارتها"، مضيفاً في تصريحات صحافية: "ما يردّده مدير المستشفى، والمسؤولون في وزارة الصحة، غير صحيح، لأنّ من غير الممكن وفاة 5 أشخاص في توقيت متزامن داخل المستشفى لأسباب طبيعية".

وتابع: "معلوماتي تقول إنّ الطبيب المسؤول عن العناية المركّزة أبلغ مدير المستشفى بنقص الأوكسجين قبل نفاده بوقت كافٍ، ولكن رغم ذلك تقاعس المدير، وتأخّر في نقل الأنابيب لمدة كبيرة، ما أدى إلى تسجيل 5 حالات وفاة"، مستطرداً بأنّ "المدير أبلغني أنّ من ماتوا هم 4 مرضى، وليس 5، وأنّ الأوكسجين متوافر، ولا صحة لنقصه، ولكنني على يقين بأنّ ما حدث إهمال جسيم، ويستدعي محاسبة المقصرّين".

في السياق ذاته، أعلن محافظ الشرقية، ممدوح غراب، اليوم الأحد، فتح تحقيق مع مسؤول شركة الأمن في مستشفى "الحسينية" المركزي بالمحافظة، بدعوى السماح لأحد الأشخاص بتصوير واقعة نفاد الأوكسجين في غرف العناية المركزة، فجر اليوم، الأمر الذي أثار البلبلة لدى الرأي العام، إثر وفاة العديد من مرضى فيروس كورونا.

وأهاب غراب بروّاد صفحات التواصل الاجتماعي ومتابعيها، توخي الحيطة والحذر في ما ينشرونه من أخبار وفيديوهات تتعلّق بأزمة تفشي فيروس كورونا، تفادياً لنشر الذعر بين المواطنين. واعترف بوفاة 4 من مصابي كورونا جرّاء وضعهم على أجهزة تنفس صناعي، بزعم أنّ الوفاة طبيعية نتيجة لتدهور حالتهم الصحية بسبب الإصابة بالفيروس، ولكونهم يعانون في الأصل من أمراض مزمنة.

وتداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر مقطعاً مصوراً من داخل مستشفى "الحسينية" المركزي، يُظهر وفاة عدد من مرضى كورونا بسبب انقطاع الأوكسجين عن أجهزة التنفس بشكل مفاجئ بغرف العناية المركّزة، وارتباك طاقم التمريض والأطباء على خلفية سقوط الضحايا تباعاً، وسط اتهامات للحكومة بالإهمال والاستهتار بحياة المصريين.

ونفى غراب صحة وفاة 7 مرضى بكوفيد-19 في مستشفى "الحسينية" المركزي، بسبب نقص الأوكسجين أو نفاده  من المستشفى، قائلاً في بيان إنه شكّل لجنة فنية فور ظهور الفيديو، "وتوجّهت للمستشفى للتأكّد من صحّة ما تمّ تداوله بخصوص نقص الأوكسجين، وبالفحص تبيّن أنّ الأوكسجين لا يزال متوافراً في المستشفى، حيث يوجد 17 طفلاً في الحضانة، وحالتان في العناية العامة، و36 حالة إصابة بكوفيد-19 بقسم العزل، ولم يحدث أيّ وفيات بينها".

وتابع بأنّ "الأوكسجين المغذّي لمرضى كورونا في العناية المركزة، هو نفسه المغذي للحضانات والعناية العامة، ووقت حدوث الوفيات كانت سيارة الأوكسجين تغذي (التانك)، بما يعني عدم نقص أو نفاد للأوكسجين، فضلاً عن وجود شبكة احتياطية للإستعانة بها في حال حدوث أي مشكلة في خزان الأوكسجين"، على حدّ زعمه.

وحسب مقطع الفيديو الذي تبلغ مدته 48 ثانية فقط، فإنّ جميع المرضى في قسم العناية المركّزة توفوا بسبب نقص الأوكسجين، فيما أظهر الفيديو ذهول إحدى الممرّضات، وهي تجلس على الأرض في وضع القرفصاء، وسط محاولة يائسة من الأطباء وأطقم التمريض لإنقاذ المرضى.

وادعى المحافظ أنّ "الخدمات الصحية تقدم للمرضى في المستشفى بصورة مرضية، وأنه على تواصل دائم مع وكيل وزارة الصحة في الشرقية، لمتابعة الحالة الصحية لمصابي فيروس كورونا بالمستشفيات، والتأكد من توافر الأوكسجين بالشكل المطلوب، وكذا أوجه الرعاية الصحية والعلاجية اللازمة للمصابين إلى حين تماثلهم للشفاء".

وكانت النيابة العامة المصرية قد فتحت تحقيقاً في واقعة وفاة مريضين اثنين بمستشفى زفتى العام بمحافظة الغربية لنفاد الأوكسجين فيه، قائلةً في بيان، أمس السبت إنها تلقت بلاغاً في 1 يناير/ كانون الثاني 2021، بشأن وفاة مريضة بقسم العناية المركزة بالمستشفى بسبب انقطاع الأوكسجين بالمستشفى، وإهمال إدارتها، وتبيّنت وفاة حالة أخرى لم يبلغ بها في التوقيت نفسه.

وأشارت النيابة إلى تناول التحقيق كيفية نفاد الأوكسجين بالمستشفى، والإجراءات المتخذة في حالة نفاده، ومدى اتّباع تلك الإجراءات وصولاً إلى حقيقة سبب وفاة المريضين، مع تشكيل لجنة من "مديرية الشؤون الصحية بالغربية" لحصر عدد المرضى في المستشفى، وبيان سبب دخولهم، والإجراءات المتّخذة معهم، وعدد المتوفين، وبيان سبب الوفاة، وفحص كل الأدوات والأجهزة المستخدمة في المستشفى بياناً لمدى سلامتها، وعما إذا كانت الواقعة حدثت عن عمد أو إهمال، وإظهار مسبّبها.

وتواجه مصر كارثة صحية تتمثّل بانخفاض الاحتياطي العام للأوكسجين المُسال، في جميع المحافظات، إلى أدنى مستوى له في عشر سنوات، وإلى نسبة لا تتعدى 10 في المائة من الاحتياطي المطلوب استخدامه يومياً، في بعض المحافظات التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات بكورونا، ما دفع إدارات الصحة إلى إصدار تعليمات بقصر صرف أنابيب الأوكسجين على إصابات كوفيد-19 المتأخرة فقط، من دون غيرها من الحالات في المستشفيات الحكومية.

وقالت مصادر في وزارة الصحة في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، إنّ الوزارة بدأت أخيراً بضخّ كميّات من الأوكسجين في بعض المحافظات، استجابةً لشكاوى النقص الحاد، لكن معدل الإنتاج الذي تحقّقه الشركات المختصّة حتى الآن، ما زال دون المطلوب بكثير، ولا سيما بعد زيادة معدل الاستهلاك اليومي من 400 إلى 700 ألف ليتر، وارتفاع معدل الإنتاج بنحو 50 ألف ليتر يومياً فقط على المستوى القومي.

المساهمون