مصر: محاولة انتحار جديدة في السجون رفضاً للظلم

06 اغسطس 2021
حاول "موكا" الانتحار للخلاص من السجن (تويتر)
+ الخط -

حاول الناشط السياسي المصري عبد الرحمن طارق، الشهير بـ"موكا"، الانتحار في سجن طرّة، جنوبي القاهرة، بعد أيام قليلة من محاولة انتحار الناشط والمدوّن المصري محمد إبراهيم، الشهير بـ"أكسجين"، في السجن نفسه. ويُعَدّ موكا مدافعاً عن حقوق الإنسان، وهو يعمل في مركز نضال للحقوق والحريات الذي يُعنى بالدفاع عن الحقّ في حرية التعبير وحقوق السجناء، خصوصاً في حالات الإخفاء القسري.

وفي منشور، أوضح المحامي الحقوقي المصري نبيه الجنادي تفاصيل محاولة موكا الانتحار، وكتب: "عبد الرحمن طارق موكا حاول الانتحار في التأديب، والحمد لله لُحق في آخر وقت.. من يومين محمد أكسجين حاول هو الآخر الانتحار".

وأوضح الجنادي أنّ "هذه المحاولات هي محاولات بائسة للخلاص من السجن وظلمه، بعد فقدان الثقة في منظومة العدالة، بعد افتقادهم لأبسط حقوقهم، بعد إهدار كل مفاهيم العدالة، وتحويل السجن والقضايا لشيء روتيني، تخرج من قضية توضع في قضية آخرى.. هذه ليست أوّل محاولة ولن تكون آخر محاولة إنهاء الحياة داخل السجن، الانتحار درجة كبيرة جداً من اليأس وفقدان الأمل.. العدالة لن تضرّ بشيء لو الناس دي خرجت بعد سنين من دون محاكمة وسنين من حبس احتياطي من دون أدلة حقيقية، الدولة لن تتضرر بشيء".

وقد بدأت معاناة موكا مع التدوير عقب اعتقاله في المرة الأولى، في التاسع من سبتمبر/أيلول 2019، في أثناء قضائه فترة المراقبة الشرطية تنفيذاً لحكم صادر ضده في قضية "أحداث مجلس الشورى"، وقد اختفى حينها من محيط قسم قصر النيل، وظلّ مختفياً حتى ظهوره على ذمة القضية 1331 لسنة 2019، لتبدأ رحلته مع التدوير من قضية إلى أخرى، وبالطريقة نفسها إخلاء سبيل ثمّ اختفاء حتى ظهوره على ذمة قضية جديدة. ففي 10 مارس/ آذار 2020، حصل على إخلاء سبيل بتدابير احترازية في القضية 1331 لسنة 2019، لكنّ القرار لم يُنفّذ وظلّ محبوساً لأكثر من شهر، قبل أن يُصار إلى تدويره للمرة الثانية على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020.

وقبل إتمامه عاماً في الحبس الاحتياطي، حصل على إخلاء سبيل. لكنّ فرحته بالقرار لم تكتمل في هذه المرة كذلك، واختفى. قدّمت أسرته بلاغات تلغراف للنائب العام والجهات المختصة تفيد باختفائه لكن من دون جدوى، لينتهي الأمر بظهوره على ذمة القضية الأخيرة رقم 1056 لسنة 2020.

والصعوبات التي يواجهها في حبسه مستمرة منذ اعتقاله في المرّة الأولى، على ذمة القضية رقم 12058 لسنة 2013 جنايات قصر النيل، والمقيّدة برقم 1343 لسنة 2013 كلي وسط القاهرة، المعروفة إعلامياً بـ"قضية مجلس الشورى"، التي ظلّ محبوساً على ذمّتها ثلاث سنوات، بالإضافة إلى قضائه فترة مراقبة شرطية للمدة نفسها بعد انتهاء فترة حبسه تصل إلى 12 ساعة في اليوم.

الصورة
محمد إبراهيم أكسجين معتقل في مصر (فيسبوك)
"أكسجين" وصل إلى حالة من اليأس الشديد في سجنه (فيسبوك)

وفي خلال فترة المراقبة، نشر موكا على صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، في مطلع يوليو/ تموز 2020، أنّه تعرّض إلى اعتداء جنسي ولفظي من قبل أحد رجال الشرطة تحت المراقبة وهدّده بتلفيق التهم له في حال تحدث عن ذلك الاعتداء. وبعد شهرَين من الواقعة، أُلقي القبض عليه في أثناء فترة مراقبته في مركز شرطة قصر النيل، ليصير متهماً على ذمة قضية جديدة، فتبدأ رحلته مع الحبس الاحتياطي ودوامة التدوير من قضية إلى أخرى.

تجدر الإشارة إلى أنّ موكا يعاني على الصعيد الصحي من مشكلات في الكلى وارتفاع مزمن في ضغط الدم، بحسب تقرير المستشفى، وهو يحتاج إلى متابعة دورية حتى لا تتفاقم حالته. وقد سبق ونُقل إلى مستشفى المنيرة في الرابع من مايو/ أيار 2020، بسبب شعوره بالتعب.

من جهة أخرى، في ما يتعلق بمحاولة المدوّن محمد إبراهيم أكسجين الانتحار في سجنه، فقد أتى ذلك نتيجة تنكيل وإجراءات تعسفية أوصلته إلى حالة من اليأس الشديد. وقد أُنقذ في سجن طرة شديد الحراسة 2، في اللحظات اﻷخيرة. ومن الممكن جداً أن يتكرر الأمر طالما أنّ التنكيل به مستمر مع عدم تحرّك النيابة العامة لوقف تلك الانتهاكات الجسيمة في حقّه، بحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.

وكانت إدارة سجن طرة قد حرمت أكسجين منذ فبراير/ شباط 2020 من الزيارات، في حين لا تسمح لأسرته بإيداع مبالغ مالية لحسابه في ما يعرف بـ"الكانتين". كذلك لا تعلم أسرته ولا محاموه حقيقة وصول اﻷطعمة والمستلزمات الشخصية له عند تسليمها إلى عناصر الحرس عند بوابة السجن.

وبحسب ما تفيد الشبكة العربية، فإنّ "ما يتعرّض له موكلها (أكسجين) سجين الرأي وما يلقاه من معاملة قاسية بالسجن، هو أمر شاذ على العدالة ولم يسبق لها أن واجهته سابقاً، ولم تفلح محاولاتها المستمرة حتى الآن في الحصول على تصريح من نيابة أمن الدولة العليا لتمكين محاميها من زيارة أكسجين للوقوف على مدى سلامته الجسدية والذهنية والنفسية. وهو اﻷمر الذي يثير السؤال المرير: هل المطلوب القضاء على أكسجين ودفعه إلى الجنون أو الانتحار بقطع تواصله مع أهله ومحاميه وعدم معرفة ظروف سجنه والمعاناة به؟".

وقد ألقي القبض على صاحب مدوّنة "أكسجبن مصر" في أثناء وجوده في ديوان قسم شرطة البساتين لتنفيذ التدبير الاحترازي على ذمة القضية 621 لسنة 2018 حصر تحقيق أمن الدولة. وتمّ إخلاء سبيله ليظهر مساء يوم الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2019 في سراي نيابة أمن الدولة متهماً بمشاركة جماعة ارهابية في تحقيق أغراضها ونشر أخبار وبيانات كاذبة في القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر تحقيق. واستمر حبسه الاحتياطي حتى الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، وقد قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في معهد أمناء الشرطة بمنطقة سجون طرة إخلاء سبيله بتدبير احترازي، وهو القرار الذي لم تنفّذه الأجهزة اﻷمنية وتحفّظت عليه، ليُفاجأ محاموه بعرضه مساء العاشر من الشهر نفسه على نيابة أمن الدولة العليا متهماً مرّة ثالثة بالتهم ذاتها، وهي الانضمام إلى جماعة إرهابية، على ذمة القضية 855 لسنة 2020 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا، وهي القضية التي بدأت وقائعها، إن صحّت، في خلال وجود أكسجين داخل السجن شديد الحراسة وفي قبضة اﻷجهزة الأمنية وبعلم النيابة العامة.

المساهمون