مصر: محاكمة مسؤول بالنادي الأهلي تورّط في المخدرات بعدما كان ضابطاً يكافحها

18 مارس 2023
+ الخط -

 

حصل "العربي الجديد" على نصّ تحقيقات قضية كبيرة متّهم فيها ضابط شرطة مصري سابق في إدارة مكافحة المخدرات، فُصل من عمله لتورّطه في أمور مخلّة وقضايا سرقة، قبل أن يُعيَّن مسؤولاً بارزاً في النادي الأهلي ويستغلّ عمله السابق في وزارة الداخلية وعلاقاته بتجّار المخدرات ويصير واحداً منهم.

وحملت القضية رقم 5866 لسنة 2022 جنايات قصر النيل، وقُيّدت تحت رقم 812 لسنة 2022 كلي وسط القاهرة، وأجرى التحقيقات في القضية المستشار أحمد أبو غنيمة وكيل النائب العام بنيابة قصر النيل الجزئية، والمستشار إسلام الخطيب وكيل النائب العام بنيابة وسط القاهرة الكلية، تحت إشراف المستشار شادي البرقوقي المحامي العام لنيابة وسط القاهرة الكلية.

والمتّهم في هذه القضية بحسب التحقيقات هو خالد محمد علاء الدين سامي الدليل (35 عاماً) ضابط شرطة سابق ورئيس قسم الإدارة الهندسية في النادي الأهلي فرع الجزيرة، ومحصّل في شركة "ديار" للمباني الحديثة. ويُظهِر السجلّ الوظيفي والجنائي للمتهم، وفقاً للتحقيقات، أنّه أدين بالحبس عندما كان ضابط شرطة مدّة شهرين مع الإيقاف، في قضية مشاجرة حدثت في عام 2010. وفي العام نفسه، اتّهم كذلك بسرقة أموال من الضباط في مستشفى الشرطة بمدينة نصر.

كذلك اتُّهم في القضية رقم 9293 لسنة 2010 جنح قصر النيل بتهمة سرقة متجر، وأُوقف المتّهم وقتها عن العمل ومثل أمام مجلس تأديب وأوقف عن العمل مدّة ستّة أشهر، ثمّ أحيل إلى الاحتياط. لكنّه طعن في قرار عزله أمام مجلس الدولة، فحُكم بعودته إلى العمل من جديد في عام 2013. عندها، نُقل إلى منطقة الغردقة حيث أُدين في قضية جديدة حملت رقم 2928 لسنة 2013 جنح قسم أول الغردقة، بتهمة سرقة متجر كذلك، فعُزل من العمل مجدّداً.

أمّا القضية الأخيرة، فاستندت بداية إلى معلومات تفيد بقيام الضابط المعني بالاتّجار بالمواد المخدّرة والممنوعات، وذلك بعد عزله من وظيفته وعدم توفّر مصدر دخل له. فشُكّل فريق تحرّ وبحث، توصّل إلى أنّ المتّهم بدأ بالاتّجار بالمواد المخدّرة في عام 2017، متّخذاً من مسكنه مركزاً لمزاولة نشاطه. فأصدرت النيابة العامة في أواخر عام 2022 إذناً بضبط وتفتيش الضابط ومسكنه وملحقات مسكنه لضبط ما يحوزه أو يحرزه من مواد مخدّرة، وكذلك كلّ ما قد يظهر عرضاً في أثناء التفتيش من أشياء تُعَدّ حيازتها أو إحرازها جريمة يعاقب القانون عليها إذ تُصنَّف من الممنوعات.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وبعدما أرسلت النيابة العامة المضبوطات لتحليلها، ثبُت من خلال تقرير مصلحة الطب الشرعي (إدارة المعامل الكيميائية) أنّ المضبوطات هي مخدّرات متنوّعة مدرجة كلها في الجدول الأوّل من قانون المخدرات.

كذلك، ثبُت في تقرير الإدارة المركزية للعمليات التابعة لهيئة الدواء المصرية أنّ فحص العقاقير الطبية المضبوطة في مسكن المتّهم بيّن أنّها مجهولة المصدر وغير مصرّح بتداولها في داخل مصر، إذ لا تتوفّر لأيّ منها بيانات أو ملف تسجيل في هيئة الدواء المصرية، فيما تقدَّر قيمتها السوقية بنحو مليون و250 ألف جنيه مصري (نحو 41 ألف دولار أميركي)، وقد أوصت الإدارة بإتلافها.

لكنّ المتّهم أنكر علاقته بالمضبوطات في خلال التحقيقات معه. وبحسب ما كشفت المحاضر، قال إنّه في اليوم الذي أُوقِف فيه كان يحصّل مبالغ مستحقة من بعض عملاء شركة "ديار" التي يعمل فيها، فجمع مبلغ 65 ألف جنيه (نحو 2150 دولاراً) من العملاء بمنطقة المعادي، ثمّ عاد إلى النادي الأهلي بالجزيرة ليوقّع انصرافه، إذ إنّه كان قد حصل على إذن للالتحاق بعمله الآخر.

أضاف المتّهم أنّه عقب عودته من العمل، اشترى بعض المتعلقات الشخصية ثمّ توجّه إلى منزله. وقبل ركن دراجته النارية في المكان المخصّص لها، أبلغه عامل هناك بأنّ أمين شرطة سأل عنه وهو ينتظره في ميدان جمال الدين أبو المحاسن بمنطقة غاردن سيتي المجاور لمقرّ سكنه.

وتابع المتّهم أنّه توجّه إلى موقع أمين الشرطة الذي أخبره بأنّ رئيس المباحث في قسم شرطة قصر النيل يطلبه. فتوجّها إلى القسم حيث قابل رئيس المباحث الذي كان يضع أمامه "حشيش، ومطواة قرن غزال، وطلقات (رصاصات)، وصورة الكارنيه (البطاقة) الخاص به، وسيلف ديفنس (جهاز للحماية الشخصية)، وزجاجة بها مخدّر الكيتامين"، والذي سأله عن امتلاكه هذه الأشياء. وأكمل أنّه عندما نفى علاقته بها، راح عناصر الشرطة يضربونه، قبل أن يخرج رئيس المباحث كيساً كبيراً يحتوي على بودرة فوضعه على المكتب وهدّده بالسجن 15 عاماً.

ودافع الضابط السابق عن نفسه قائلاً إنّ الاتهامات الموجهة إليه "ملفّقة بسبب الخصومة". وأخبر أنّه قبل 11 يوماً من توقيفه، كان يقف مع أصحابه في ميدان جمال الدين أبو المحاسن في منطقة غاردن سيتي، بجوار مكان سكنه، عندما اقترب منهم مخبران من القسم بنيّة تفتيشهم. فرفض ذلك، ووقعت مشكلة، وذهب الجميع إلى قسم شرطة قصر النيل. ولفت إلى أنّ رئيس المباحث راح يصيح ويهدّد بأنّه سوف يحبسه ويجعله يغادر دائرة قصر النيل كلها، لكنّ مقرّبين منه توسّطوا له وخرج هو وأصحابه.

وشدّد المتّهم على أنّه من أسرة ميسورة ومن المستحيل أن يتاجر بالمخدرات، فيما متوسّط دخله 35 ألف جنيه (نحو 1150 دولاراً) شهرياً. وشرح أنّ والده كان مديراً في البنك المصري التجاري ووالدته كانت مسؤولة في وزارة التضامن الاجتماعي، فيما يعمل أخوه في المصرف نفسه وأخته مدرّسة وزوجها أستاذ جامعي.

وعند انتهاء التحقيقات، قرّرت النيابة العامة إحالة المتّهم إلى المحاكمة الجنائية بعد أن وجّهت إليه سبعة اتهامات في قرار الإحالة إلى المحاكمة. ففي الفترة الممتدة من عام 2017 حتى نهاية عام 2022، حاز المتّهم وأحرز بقصد الاتّجار جوهر الحشيش المخدرّ في غير الأوضاع المصرّح بها قانوناً. كذلك حاز وأحرز بقصد الاتّجار مخدّر "إم دي إم إيه" (إكستاسي) في غير الأوضاع المصرّح بها قانوناً. وفي الإطار نفسه، حاز وأحرز بقصد الاتّجار مادة الكيتامين المخدّرة التي تخضع لقيود المخدّرات. وحاز المتّهم ذخائر من دون أن يكون حاصلاً على ترخيص لذلك. وحاز أيضاً، من دون مسوّغ مهني أو حرفي، أسلحة بيضاء. إلى جانب ذلك، عرض للبيع عقاقير طبية (جزء من حصيلة نشاطه الإجرامي) لم يصدر أيّ قرار من وزير الصحة والسكان بتداولها. وقد اتُّهم أيضاً ببيع أو بعرض للبيع عقاقير طبية مغشوشة وفقاً لتقرير الإدارة المركزية للعمليات التابعة لهيئة الدواء المصرية، مع علمه بذلك.

المساهمون