لليوم الثامن، وبعد انقضاء الإجازة الأسبوعية الممنوعة فيها زيارات السجون، توجهت الأكاديمية المصرية ليلى سويف إلى مجمع سجون طرة جنوبي القاهرة، في محاولة جديدة لاستلام خطاب مكتوب بخط اليد من ابنها الناشط السياسي المعتقل علاء عبد الفتاح، للاطمئنان عليه بعد تهديده بالانتحار، وسط تعنت إدارة السجن في إخراج أية مراسلات منه.
رحلت سويف من أمام بوابات السجن حوالي الثامنة مساءً بتوقيت القاهرة، بعدما أخبرها المسؤولون بالقرار النهائي لهذا الانتظار الطويل "لا جواب لك منه اليوم"، لتغادر على أمل العودة مجدداً في محاولة أخرى في اليوم التالي، علها تحصل على أبسط حقوقها وحقوق ابنها السجين السياسي، في رسالة بخط يده تطمئنها عليه.
فرغم تهديده رسمياً بالانتحار في آخر جلسة تجديد حبس، لا تزال سلطات سجن طرة، جنوبي القاهرة، تتعنت في توصيل خطاب بخط يد علاء عبد الفتاح إلى والدته، التي توجهت لليوم الثامن على التوالي للاعتصام أمام السجن في انتظار تسليمها رسالة ابنها.
وقالت سويف إن علاء قال في آخر خطاب تسلمته منه، في 14 سبتمبر/أيلول، أنه سيعدل عن فكرة الانتحار وسيحافظ على نفسه، ولكنها أكدت أنها ما زالت قلقة عليه، خاصة بسبب رفض السجن إخراج خطاب منه، ما يثير المخاوف مجدداً.
بداية كفاح الأم للاطمئنان على ولدها كانت في 12 سبتمبر/أيلول الجاري، عندما أعلنت ليلى سويف الاعتصام أمام بوابة السجن من أجل استلام خطاب من علاء، وكانت قد ذهبت يومها لتسليم "طبلية" متطلبات غذاء ودواء لابنها واستلام خطاب منه، لكن ضابط من جهاز أمن الدولة أخبرها بعدم وجود خطاب، فقررت الانتظار وعدم الرحيل إلا بعد استلام رسالة منه، قبل أن تعدل عن قرارها، لأنها سوف تراه في صباح اليوم التالي خلال جلسة تجديد حبسه.
وكانت الصدمة في اليوم التالي، عندما أعلن علاء عبد الفتاح رسمياً أمام القاضي أنه يفكر جدياً في الانتحار، وكرر هذا الحديث أكثر من مرة أمام القاضي والمحامين، ثم في يوم 14 سبتمبر/أيلول، تسلمت سويف آخر خطاب من عبد الفتاح، بعد تهديده بالانتحار نتيجة سوء ظروف حبسه، وقال علاء في رسالته "ازيك يا ماما، أنا آسف إني قلقتك علي. الفترة اللي فاتت كانت صعبة قوي وإحساس أن عمري كله هقضيه هنا مسيطر عليا أو على الأقل عمر اللي حابسني بدون داع ولا سبب".
بعدها، تقدم فريق الدفاع عن علاء عبد الفتاح بإنذار على يد محضر لمساعد وزير الداخلية ورئيس مصلحة السجون، لنقل علاء من سجن طرة 2 شديد الحراسة إلى سجن آخر، لوجود خصومة قضائية وبلاغات سابقة من علاء ضد إدارة السجن، وخاصة أنه يتعرض للتنكيل بسبب تلك البلاغات، ما أدى إلى حرمانه من حقوق التريض وإدخال كتب وصحف وراديو وحق المكالمة التليفونية، ما يعرضه لضغوط دفعته، الجلسة الماضية، أمام "الدائرة ثالثة إرهاب"، للقول إنه سينتحر.
كما تقدم فريق الدفاع ببلاغ آخر لنيابة أمن الدولة للتحقيق في ما ذكره علاء، والتأكيد على الحقوق التي يحرم منها بالمخالفة لقانون ولائحة السجون، والتأكيد على الخصومة القضائية بينه وبين إدارة السجن، وطلب نقله من هذا السجن، والتصريح لاستشاري نفسي خاص محدد من قبل الأسرة بعقد جلسات علاج معه، والتصريح للمحامين بزيارته في محبسه.
وكانت قوات الأمن ألقت القبض على علاء عبد الفتاح في 28 سبتمبر/أيلول 2019، بعد أداء المراقبة الشرطية بقسم شرطة الدقي، ليعرض في اليوم التالي أمام نيابة أمن الدولة العليا.
وكان علاء عبد الفتاح قد أكمل حكماً بالسجن مدة خمس سنوات في القضية رقم 1343 لسنة 2013، المعروفة إعلامياً بأحداث مجلس الشورى، حيث كان يقضي عقوبة تكميلية بالمراقبة الشرطية داخل قسم شرطة الدقي، مدة 12 ساعة يومياً، بعد خروجه في 29 مارس/آذار 2019.
ولم يكمل علاء 6 أشهر خارج السجن، حيث فوجئت أسرته في 29 سبتمبر/أيلول 2019، وأثناء انتظاره خارج القسم، بعدم خروجه عقب انتهاء المراقبة الشرطية، فيما أنكرت قوات الأمن وجوده بقسم الدقي آنذاك، وتم احتجاز علاء في مكان غير معلوم، حتى ظهر أمام نيابة أمن الدولة متهماً في القضية رقم 1356 بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فيما قررت النيابة حبسه ويتم تجديد الحبس له منذ ذلك الحين.